الرئيسيةمتابعات سينمائية“لست ساحرة” لكني مُتَمَرِّدة على العبودية..فيلم متميز في المسابقة الرسمية لمهرجان خريبكة

“لست ساحرة” لكني مُتَمَرِّدة على العبودية..فيلم متميز في المسابقة الرسمية لمهرجان خريبكة

يحكي فيلم “لست ساحرة” للمخرجة الزامبية رينغانو ليوني الذي عرض يوم أمس الإثنين 17 / 12 / 2018 ضمن أفلام المسابقة الرسمية لمهرجان خريبة للسينما الإفريقية قصة طفلة تُتَّهَمُ بكونها ساحرة وتُرَحَّل بعد ذلك لتجمع “للساحرات” حيث يَظَلنَ مربوطات بشرائط، “حتى لا يَطِرنَ ويُسببن الأذى للناس” كما نسمع على لسان شخص يشرح للسائحين ذلك في بداية الفيلم.
وَضعية الطفلة “شولا” تشكل الاستثناء، فكل “الساحرات” عجوزات أو يكدن، إلا هي الطفلة البريئة التي حُكم عليها كونها تُلحق الأذى بالآخرين بنظراتها إليهم فقط. لكن فور وصولها لمعسكر “الساحرات” سَيَتَبَنَّينَها ويُعاملنها كابنتهن.
وبمجرد إعلانها “ساحرة” سيقوم موظف حكومي لانعلم ماهية وظيفته بوضوح باستغلالها في “الكشف” عن قضايا السرقة وباقي القضايا الغامضة التي لاتستطيع الشرطة البث فيها .
يقترب السرد الفيلمي في “لست ساحرة” من أجواء الواقعية الساحرة، مبتعدا عن تلك الواقعية المباشرة، ونجد أنفسنا كمشاهدين وكأننا في عالم مواز تُريد به المخرجة فقط إدانة وضعية المرأة ومعاناتها عموما في مجتمعها، إذ وهي تُعمِّم وضع “الساحرات” لِتجعل حتى زوجة الموظف الحكومي ذات المستوى الاجتماعي الراقي عكس الباقيات “ساحرة”، تجعلنا نستشف كمشاهدين من خطابها وحكيها الفيلمي أن المرأة في المجتمع الزامبي مهما علا شأنها الاجتماعي والطبقي تبقى تلك المتهمة وتلك “الساحرة ” التي يجب عليها أن تفعل ما يطلب منها كما نصحت زوجة الموظف الحكومي “شولا” بأن تفعل إن أرادت أن تكون مثلها وتنعتق نسبيا ، هي التي رغم كونها “ساحرة ” فقد استطاعت أن تنال بعضا من الاحترام كونها تطيع الزوج وتتصرف حسب هواه وما يريده وتتماشى مع مايريده لها المجتمع الظالم.
جاءت تلك المشاهد التي صَوَّرَت فيها المخرجة الأشرطة التي تُربط في ظهور “الساحرات” جِدَّ مُعبرة وذات حمولة جمالية وفكرية معا، ارتقت بالفيلم وجعلته يسمو عن المباشرة والواقية الفَجَّة، رغم كونها لم تحاول أن تُحَمِّل الحكاية أكثر مما تحتمل. ويظل مشهد النهاية الذي نشاهد فيه كل أشرطة “الساحرات” وقد قُطِعَت بعد وفاة، أو على الأصح، مَقتل “شولا” الصغيرة الثائرة عن المألوف والمُتعارف عليه والسائد، مشهدا جِدَّ مُعبِّر، اختتمت به المخرجة فيلمها الجميل الذي اختير للمشاركة في نصف شهر المخرجين بمهرجان كان السينمائي.
لقد كانت “شولا” في الحكاية تلك الساحرة البريئة التي فَضَّلت قطع شريطها مهما كانت العواقب على أن تظل سجينة العبودية والذُّل، وبذلك فتحت الباب مشرعا على مصراعيه أمام تَمَرُّد “الساحرات”.

عبد الكريم واكريم-خريبكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *