لايمكن الحديث عن بول شرايدر دون ذكر أفلام “تاكسي درافير” و”الثور الهائج” و”الحاولة الأخيرة للمسيح” لمارتن سكورسيزي و”اللقاء مع الجنس الثالث” لستيفن سبيربرغ إضافة لسيناريوهات لأفلام مهمة كتبها وأخرجها مخرجون كبار كبرين ديبالما وبيتر وير وغيرهما.
ومزاوجة مع كتابته للسيناريو ولج شرايدر مبكرا الإخراج السينمائي بداية بفيلمه “العشيق الأمريكي” (1980) ثم “محبو القطط”، “ميشيما”، “فتنة أول إصلاح” وفيلمه “عداد أوراق اللعب” الذي أعتبره من بين أهم الأفلام الأمريكية لسنة 2021 .
مناسبة هذا الحديث هو عرض الفيلم الأخير لبول شرايدر مساء اليوم الثلاثاء في الدورة 19 لمهرجان مراكش السينمائي ضمن فقرة “عروض خاصة” بحضوره شخصيا لتقديم فيلمه.
مايميز فيلم “البستاني الرئيسي” (2022) الذي كان عرضه الأول في شتنبر الماضي بمهرجان البندقية السينمائي، كما مَيَّزَ أغلب أفلام شرويدر هو الإشتغال الجيد على الشخصيات، إذ نجد في هذا الفليم شخصية بستاني مشرف على بستان كبير محيط بفيلا لسيدة ثرية. البستاني يعشق عمله ويدون مذكراته التي اعتاد على كتابتها وهو في السجن كنوع من التداوي النفسي قصد التخلص من المعاناة النفسية كبيرة. ومن خلال الصوت الخارجي كراو للأحداث والذي يرافقنا طيلة لحظات الفيلم كمشاهدين لنكتشف بالتدريج ماضيه الحقير والملوث الذي ظل يتتبعه ويؤرقه رغم محاولاته الحثيثة للخلاص منه، وكناية عن هذا يجعل شرويدر البستاني غير قادر على محوالوشوم التي تملأ جسده والتي تمجد النازية والفاشية، وكأنها تلك الذاكرة المعذبة الموشومة في ذهنه والتي رغم توبته النصوح لاتلوي تذكره ببشاعة مافعله. لكن مجيء فتاة شابة قريبة صاحبة المكان سيقلب كل المعادلات ويجعله عشقه لها يتطهر من كل ماضيه الخبيث.
من لايعترف بالسيناريو كعامل أساسي في العميلة الإبداعية السينمائية عليه أن يشاهد ويعيد مشاهدة أفلام بول شرويدر وغيره من كتاب سيناريو الذين تصدوا للإخراج وتفوقوا فيه.
عبد الكريم واكريم-مراكش