الرئيسيةمتابعات سينمائيةالبرنامج الثقافي لفائدة السجناء بمهرجان خريبكة تحت شعار “السينما الإفريقية وحقوق المهاجر”

البرنامج الثقافي لفائدة السجناء بمهرجان خريبكة تحت شعار “السينما الإفريقية وحقوق المهاجر”

في إطار فعاليات الدورة الواحدة والعشرين لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة وبتعاون مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، نُظم يوم أمس الثلاثاء 18 / 12/ 2018 بالسجن المحلي لخريبكة برنامج ثقافي لفائدة السجناء في دورته الثانية تحت شعار “السينما الإفريقية وحقوق المهاجر”.
وفي بداية اللقاء أكد المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج أن اهتمام المغرب بإعادة إدماج السجناء ليست وليد اليوم، وأن هذا البرنامج يستهدف للسنة الثانية النزلاء الأفارقة تحديدا وذلك في إطار إلتزام المغرب ببعده الإفريقي وذلك بشراكة مع مؤسسة مهرجان خريبكة للسينما الإفريقية، وشكر رئيس مؤسسة مهرجان خريبكة نور الدين الصايل على الجهود التي يبذلها لإنجاح هذا البرنامج.
أما نور الدين الصايل فقال أن أعضاء مؤسسة المهرجان استقبلوا طُلب مشاركة المؤسسة في هذا البرنامج السنة الماضية بحماس وفرح كبيرين، وأضاف أنهم لم يفكروا في مثل هذا البرنامج الذي كان يمكن أن ينظم منذ مدة ، رغم أن المهرجان كان يُنظِّم عروضا داخل السجن منذ دورات عدة.
وأضاف الصايل أن من بين أهم فقرات المهرجان فقرة نقاشات منتصف الليل والتي سيعرض خلالها هذه السنة واحد من بين أهم الأفلام في كل العصور لكونه يحتوي على رسالة إجابية وتفاؤلية ، ورغم ان الفيلم يتنبأ بأن الإنسانية ذاهبة للهاوية منذ سنة صدوره (1969) لكنه جعل العنصر الإنساني الذي يقود المركبة الفضائية صاحب الإمكانية في إنقاذنا من هاته الهاوية ومن ذلك التشاؤم. ويضيف الصايل أننا نشاهد في هذا الفيلم كيف أن السينما هي الأكثر إنسانية من كل الفنون الأخرى وأنها هي التي استطاعت التعبير عن ماهو إنساني أكثر، وختم مخاطبا الحضور “لا تدعوا ماهو إنساني فيكم وتشبثوا به لأنه الأمل المتبقي”.
أما رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان فأكد أن المغرب أرض هجرة واستقبال بامتياز وقد أصبح أيضا أرض لجوء بعد تكاثر الهجرة غير النظامية وطالبي اللجوء، إضافة للمستقرين ذوي المهارات المهنية . وأكد المتدخل أن هذا اللقاء يدخل ضمن برنامج نموذجي للتعامل مع الهجرة مضيفا أن الاتجاء إلى مقاربة حقوق الإنسان هو الكفيل بضمان حقوق المهاجرين وسلامتهم، وأن البعد الإنساني يشكل اللحمة التي تجمع الدول في تعاملها مع إشكالية الهجرة.
أما منسق مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء فأكد مدى أهمية وجدوى ربط الفضاء السجني بالسينما وذلك في الدفع بالسجناء للانفلات من ثقافة الانهزامية وإمكانية أن يصيروا عناصر مهمة في البناء المجتمعي بعد أن يصيروا خارج أسوار المؤسسة السجنية.
وبعد هاته الكلمات انطلقت ندوة حول موضوع “السينما والثقافة أساس التنمية” والتي شارك فيها متدخلون مغاربة وأفارقة.
وكانت أولى المتدخلين الأستاذة الجامعية خديجة توفيق والتي أكدت أن السينما ليست موجهة لطبقة بعينها ولكن لكل الجمهور وأنها ليست كباقي مكونات الثقافة الأخرى التي تتميز بنخبويتها، مضيفة أن السينما قوة تأثير شامل كونها تعيد بناء العالم، ورغم أنها توهم بواقعية تعبيرها إلا أنها تبقى مبنية على الخيال والوهم. مشيرة إلى أنه رغم كون السينما مؤثرة إلا أنها ظلت درسا معطلا في الدراسات الجامعية لسنوات.
أما أدريوما سوما المندوب العام للمهرجان الإفريقي للسينما والتلفزة بواغادوغو (فيسباكو) فأكد في مداخلته أن السينما كانت دائما في سياق الصراع نحو التنمية واستشهد بمقولة للصايل يقول فيها “السينما هي الفن الأكثر قابلية ليكون إنسانيا”، لكنه تدارك قائلا أن الجانب المادي طغى للأسف مؤخرا على ماهو إنساني في السينما، إذ أصبح هنالك صراع لصناعة السينما من أجل المال فقط، وكأن ماتركه الأولون سينمائيا وإنسانيا لم يعد له مكان الآن. وكأفق وحل لهذه الإشكالية أضاف المتدخل أنه بالإمكان الآن استغلال وسائل الإعلام المرئية ليحصل هنالك تقارب بين الأفارقة وهنا تحضر أهمية المهرجانات السينمائية بدورها كمهرجاني “فيسبواكو” ومهرجان خريبكة من أجل تكريس سينما حاملة للأمل وسينما تجمع وتُقرِّب.
الأستاذ الجامعي البينيني ديميتري بينيني قال أنه حينما وصل للقاعة ورأى كل هذه الجموع والاستعدادات لهذا اللقاء فهم بأن التقدم مرتبط بالاستثمار في الإنسان وتيقن أنه في المكان الصحيح. وأضاف أن من أدوار السينما التكوين والتربية والتنمية، هذه المكونات التي حينما تضيع نكون قد ضيعنا معها فرصتنا للدخول في العصر وارتكبنا خطأ فادحا، مستشهدا ببلدان كالصين والهند وفرنسا التي راهنت على الاستثمار في السينما وفي بعدها الإنساني ونجحت في ذلك، مسترسلا أنه قد حان لنا في إفريقيا أن نعي بأن الاستثمار في السينما يشكل قاطرة للتنمية الإنسانية والبشرية، والمغرب قد عرف أهمية هذا التوجه منذ مدة.
أما الأستاذ الجامعي والناقد السينمائي السينغالي “كاسي” فأشار إلى أن السينما اختراع رائع وهي تتناول علاقتنا بالآخر والسينما هي التاريخ وهي التي تحكي لنا الحكايات ، حكاياتنا وحكايات الآخرين، وهي أيضا تستدعي الذاكرة لتعبر لنا بها ولهذا يجب التربية على السينما. مضيفا أن السينمائي الذي لا يعمل على توعية المواطن على معرفة حقوقه ليس سينمائيا حقيقيا، واستشهد بنموذجين للسينما التي يقصد وهما نموذج شخصية شارلو عند شارلي شابلن وشخصيات في فيلم ” 1900 ” لبيرنلردو بيرتولوتشي وهي شخصيات تصارع للحفاظ على إنسانيتها أو للوصل إليها. واسترسل قائلا أن المهاجر لايجب أن يعامل كأجنبي وأن من الضروري أن يمتَّع بكامل حقوقه وعلى السينما أن تكون حاملة لحقوق المهاجر داخل اهتمامها العام بالقضايا الإنسانية.
الناقد السينمائي المغربي عامر الشرقي استشهد بدوره في بداية مداخلته بمقولة نور اليد الصايل “السينما هي التي أنقذتني من الحياة” مؤكدا على أن الثقافة والفن والسينما خصوصا يُمكِّنان من هذا وأننا حينما نراهن على التنمية الثقافية نكون في خضم التنمية الحقيقية بمعناها الواسع، متسائلا هل استثمرنا حقيقة في الثقافة والفن والسينما؟ ! وأضاف أنه لو وصلنا إلى أن نستحضر الثقافة والسينما في مؤسساتنا التعليمية فإننا سنكون آنذاك في طور بناء مواطن متكامل إنسانيا وعارف ومتصالح مع ذاته وهويته ومع الآخرين، مستدركا أن الهوية هنا ليست تلك الهوية المنغلقة في الحدود لكن الهوية المنفتحة على الآخر.
المتدخل الأخير كان حسن الجاموسي وهو إطار من أطر الجامعة الوطنية للأندية السينمائية وقد ركز في مداخلته على الدور التي لعبته “جواسم ” منذ تأسيسها بداية السبعينيات من القرن الماضي في بناء التنمية الذاتية وتطوير المعارف ونشر الفكر السينفيلي، وكيف أن هذا الإطار العتيد لعب دورا كبيرا في إنشاء وتربية جيل من السينفيليين يستطيع التحاور بالسينما والتحاور معها، وخلص إلى ما تقوم به الجامعة الصيفية ل”جواسم” من تنمية ثقافية وفنية وسينمائية بتكوين الشباب عبر ورشات إضافة إلى تنظيم مسابقة للسينمائيين الشباب لاكتشاف مواهبهم وتطويرها.

 

عبد الكريم واكريم-خريبكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *