الرئيسيةمتابعات سينمائيةالسينما الأنغولية ضيف مهرجان خريبكة للسينما الإفريقية

السينما الأنغولية ضيف مهرجان خريبكة للسينما الإفريقية

تشارك السينما الانغولية بمهرجان السينما الافريقية بخريبكة باعتبارها السينما الضيف للدورة 21 للمهرجان المنعقد مابين 15 و 22 دجنبر 2018 .وقد سبق عرض بعض الانتاجات السينمائية لها في اطار مسابقة الدورة 10 والدورة 11 و16 واغلبها حصل على جوائز المهرجان لأعمال سينمائية من بلد انهكته الحرب الداخلية ( 1975 – 2002 ) بعد 500 سنة من الاستعمار .
ومن اجل اقتسام مجموعة من الخلاصات حول هذه السينما نقترح هذه الورقة

مقاربة للانتاجات السينمائية للمرحلة

بعد الاستقرار الذي جاء اثر اتفاق مابين الاطراف الانكولية المتحاربة ، عملت الدولة على إنشاء صندوق للدعم السينمائي ، الذي ساهم في دعم إنتاج عدد من الأعمال السينمائية والتي حققت رواجا دوليا وحققت جوائز بعدد من المهرجانات السينمائية ومنها :
البطل ، إنتاج سنة 2004 سيناريو وإخراج زيزي كامبا ، ولد بلواند عاصمة انكولا سنة 1955 حاصل على شهادة مهندس الصوت والإخراج السينمائي من فرنسا ، وله تجارب عديدة بالسينما البرتغالية ليدخل بعدها لمجال الإخراج ويعالج في شريطه الأول ” البطل ” تبعات الحرب في بلده فعبر هذا الشريط يتم استعراض نموذجين من ضحايا الحرب ،وهما يمثلان جيلين : فالعقيد ” فيطوريو ” الذي جند وعمره لا يتجاوز 15 سنة ، وحارب عشرين سنة ليخرج منها متكئ على عكاز يعوضه عن ساقه المفقود جراء لغم كان مدفونا خلال اللحظات الأخيرة لانتهاء الحرب الأهلية .
يعود ” فيطوريو ” إلى أهله ليبدأ حياة أخرى والبحث عن عمل بديل عن الجندية التي أفقدته ساقه ، ” مانو ” الشاب الذي تتولى جدته رعايته وأمله معلق في لقاء والده المجند سابقا في الحرب إلا أن الوالد بعد انتهاء الحرب ظل مصيره مجهولا . والشريط مقاربة لشخصيات عاشت الحرب بشكل مباشر أو غير مباشر ، والآثار النفسية وانعكاس ذلك على أفراد مجتمع يعيشون البؤس اليومي والمعانات في الحصول على موارد للعيش بعد الحرب التي ظل الخاسر الأكبر فيها هو الإنسان . وهو ” بطل / أبطال” من نوع آخر انتهى بهم المطاف ليصبحوا منخرطين في حركات نضالية أفرزتها ظرفية ما بعد الحرب لتصحيح مسار دولتهم التي أصيبت هياكلها بالتشوه وتعدد العاهات إنها ماسي يوميات أبطال يبحثون عن بطولتهم بين دروب العاصمة لواندا كنموذج وباقي مدن الدولة الأوغندية .
الشريط حقق تجاوبا كبيرا لموضوعه الإنساني وطريقة معالجته السينمائية دون الانتصار أو إدانة طرف على حساب الآخر بل إدانة الحرب كسلوك منبوذ من طرف الجميع لذلك توج المخرج بعدد من المهرجانات السينمائية و حصل عبره على جوائز وتنويهات عديدة ، ومنح كذلك لبلده التقدير والتنويه في دعم الانتاجات السينمائية وتشجيع مبدعيها السينمائيين ومن بين هذه الجوائز نذكر :
بالدورة العاشرة ( 2006 ) لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة (المغرب) يحصل على الجائزة الكبرى السينما الإفريقية بخريبكة . وقد عللت لجنة التحكيم منحه هذه الجائزة ل : ” رؤيته السينمائية المشبعة بالإحساس لبلد طبعت المأساة حياته اليومية ، إضافة إلى رؤيته الإنسانية العميقة وقيمته العالية ومعالجته السينمائية المتميزة لواقع بلده انغولا الذي مزقته الحروب على مدى عقود عدة … ورغم ذلك ظل شعبها يناضل بلا رغبة في تغيير هذا الواقع .الشخصية الرئيسية للشريط البطل يدعى فيتورييو عائد لتوه من الحرب حاملا عاهة ، بطل من بين آخرين انتهى بهم المطاف ليصبحوا منخرطين في حركات نضالية أفرزتها ظرفية ما بعد الحرب لتصحيح مسار دولتهم التي أصيبت هياكلها بالتشوه وتعدد العاهات إنها ماسي يوميات إبطال يبحثون عن بطولتهم بين دروب العاصمة لواندا كنموذج وباقي مدن الدولة الأوغندية .
طبعا هذا الشريط لشعريته والفكرة المحور له والتي تنحوا نحو الكونية وكذلك التفرد جعلته شريطا مرغوبا فيه بعدد من المهرجانات واللقاءات السينمائية التي تهتم بإفريقيا سينمائيا. ..
إن ما حققه شرط البطل كان حافزا قويا لمخرجه بالمضي إلى الأمام وإخراج شريط مطول ثاني :
” كيلابي ” الكبير/ الارناك الكبير (2010) والذي تدور أحداثه مابين الستينيات القرن الماضي وقيام ثورة الياسمين سنة 1974 ، حكاية ” جوا زينو ” شاب انكولي طالب بمعهد للهندسة بلشبونة عاصمة الإمبراطورية الاستعمارية البرتغالية ، الشاب نجل موظف بنكي تابع للبرتغال مقره لواندا عاصمة انكولا ، المرحلة التي كانت فيه البرتغال تعرف بوادر حركات احتجاجية يجد ” جوا زينو ” نفسه مناضلا . فهذا الشريط شارك بالمسابقة الرسمية للدورة 16 – 2013 لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة (المغرب)،
من الأعمال السينمائية كذلك نجذ شريط :
“بمدينة مقفرة”(2004 ) والتي تقارب فيه المخرجة وضعية طفولة ما بعد الحرب .
فالمخرجة “مارية جواو كانكا” من مواليد سنة 1964 ، بهذا الشريط تكون قد سجلت اسمها سينمائيا بدولة انكولا والتي قدمت لسينما بلدها شريط ” بمدينة مقفرة ” وقد منحها هذا العمل السينمائي عددا من الألقاب السينمائية الدولية والذي كان سيناريوه من تأليفها انطلاقا من اهتماماتها اليومية بالطفولة ، طفولة ما بعد الحرب ، حيث الوطن لم تلتئم بعد جراحه نتيجة الحرب وتبعاته من خلال النموذج المختار من طرف المخرجة وهو الطفل ” رولاند بنو ” الذي فقد والديه نتيجة الحرب استقدم للعاصمة لواند مع مجموعة من الأطفال من طرف مؤسسة خيرية من اجل حمايتهم من التشرد وتعويضهم عن الحرمان الذي تلقوه نتيجة فقدان أهلهم في الحرب . إلا أن بطل الشريط تسلل من المجموعة وتاه بالعاصمة ليكتشف أجواء وعوالم هي مجهولة بالنسبة له فهو القادم من مدينة صغيرة بعيدة عن العاصمة .
الشريط حصل على جوائز سينمائية عديدة منها :
سنة 2004 تحصل على جائزة الجمهور بايطاليا من مهرجان ميلانو
وبفرنسا تحصل كذلك على جائزة لجنة التحكيم
وعلى جائزة لجنة التحكيم من مهرجان سينما المرأة بكريتيل .
ومن المخرجات السينمائية المعروفات بانكولا نجد كذلك المخرجة بوكاسا باسكوال من مواليد سنة 1963 بعد سنة 16 سنة تغادر بلادها أثناء الحرب الأهلية التي كانت ببلادها واستقرت بالبرتغال لتبدأ حياتها هناك رفقة أختها قبل أن تعود مجددا إلى الوطن حاملة معها مشاريع سينمائية ومنها شريطها الأول : الكل على مايرام ( 2011 ) كتتويج لتجارب سينمائية قصيرة رواية ووثائقية وشهادة محصل عليها من معاهد سينمائية من فرنسا والبرتغال ، ” فالكل على مايرام ” تقارب فيه رحلتها رفقة أختها إلى البرتغال من اجل الدراسة وهناك سيندمجان ضمن مجتمع مختلف عن بيئتهما الأصلية وغير معنيتان بالحرب ، وخلال تواجدهما بالحرم الجامعي كانتا مجبرتين على التحول إلى مناضلات مدافعات عن وضع مقبول للسود ضمن مجتمع يحتقر هذه الفئة من المجتمع ويصبحن ضمن المطالبات باستقلال بلادهما انكولا والمطالبة بالمساواة باعتبارهما ذوي بشرة سوداء .
شريط الكل على مايرام شارك بعدد من المهرجانات السينمائية قاريا ودوليا منها مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة ( المغرب ) بالدورة 15 لسنة 2012 الذي حصلت فيه بطلتاه الرئيسيتين : شيلا ليما سيوما را مورايس على جائزة أول دور نسائي ومن بين الجوائز الأخرى داخل وخارج القارة الإفريقية كان لها : أحسن شريط بلوس انجليس 2012 وجائزة الاتحاد الأوربي بمهرجان الفيسباكو ببوركينا-فاسو 2013
وسنة 2017 تقدم المخرجة شريطها المطول الثاني ” كرييل ” حول موضوع بعيد عن الحرب وتبعاته ،مشكل الأبناء والوالدين من خلال الطفلة “ايما” ذي الستة سنوات التي كانت تعيش مع والدها بالعاصمة البرتغالية فتقوم الأم ( باختطافها ) والسفر إلى الوطن الأمر الذي خلق لذا الأب قلقلا أبويا أثناء بحته عن ابنته التي افتقدها ولم يعرف لها اثر وذلك برغبة من الأم التي خططت للعملية والشريط وهو مشروعا قدمته المخرجة بأحد فقرات مهرجان كان السينمائي الخاصة بالمانحين وقد حصلت على الدعم لإخراج شريطها الثاني هذا .

ومن بين السينمائيين الآخرين نأتي على ذكر كل من : “اورلاندو فرتونا” من مواليد سنة 1946الذي اعترضته صعوبات في انجاز أفلامها حيث قضى أكثر من خمس سنوات قبل أن ينهي شريطه المطول الأول رغم انه اشتغل على أعمال سينمائية وتلفزية أخرى ذات طبيعة وثائقية أو تلفزية . وجاء خلال السنوات الأخيرة بشريط ثاني حول قاطرة بركاب فقدها قطار بمكان معزول . ونجد كذلك “رو دورات دو كفالو” (1941 – 2010 ) الذي ساهم إلى جانب آخرين في تشييد معالم التلفزة ببلاده واخرج مجموعة من الأشرطة القصير روائية ووثائقية ،ودوم بيطرو وغيرهم وهم قلة ولكن كل واحد ساهم بدوره في ترك بصمة معينة بسينما لازالت في بدايتها وتفتقر للدعم الكافي والمساندة القوية لتتقوى العزيمة المتواجدة لدى مخرجات ومخرجي انكولا الذين لم ينهوا بعد معالجتهم السينمائية حول الحرب والإنسان .

وقد وضعت الدولة مشروعا لإصلاح وترميم القاعات السينمائية وتأهيلها من اجل عرض الانتاجات السينمائية خصوصا الوطنية بعد إنشاء لبنة لصندوق دعم قطاع السينما الانكولية حيث أن المشرفين على القطاع يفتخرون بما حققه شريط البطل والذي هو من إنتاج محلي.
وقد تعرض مشروع صندوق الدعم السينمائي إلى الإجهاض ؟ وتوقف وحاليا يجد السينمائي صعوبة في الحصول على الدعم من دولته مما يجعله يخضع لشروط صناديق الدعم السينمائي الأوربي .

 

ثلاث عبد العزيز صالح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *