الرئيسيةمتابعات سينمائيةرحيل الممثلة المغربية فاطمة الركراكي بعد عقود من العطاء

رحيل الممثلة المغربية فاطمة الركراكي بعد عقود من العطاء

عن عمر تجاوز بأشهر قليلة الثمانين سنة، توفيت صباح الإثنين 2 غشت 2021 بمنزلها بمدينة سلا الممثلة المغربية القديرة فاطمة الركراكي، وذلك بعد معاناة مع المرض لم ينفع معها علاج. ولتسليط بعض الأضواء على مسيرتها الفنية الطويلة نورد ما كتبه الناقد والصحافي السينمائي أحمد سيجلماسي عنها (بعد تنقيحه) في الجزء الثاني من سلسلته التوثيقية “وجوه من المغرب السينمائي” (2019):

تعتبر القيدومة فاطمة الركراكي، التي حظيت بعدة تكريمات، رائدة من رائدات التشخيص بالمغرب، فقد تجاوز عمر تجربتها الفنية ستة عقود من العطاء المتواصل في مجالات المسرح والإذاعة والسينما والتلفزيون.

كان دخولها الأولي إلى عوالم المسرح بالصدفة وذلك بفضل المصور والممثل المسرحي عبد القادر بنسليمان، الذي اكتشفها واقترح عليها الانضمام إلى فرقة “التجديد المسرحي” سنة 1957، وهي الفرقة التي كان من بين أعضائها آنذاك العربي الدغمي وعبد القادر بنسليمان وآخرين. ومن المعروف وقتذاك أن عدد الممثلات المغربيات كان محسوبا على رؤوس أصابع اليد الواحدة بفعل الطابع المحافظ جدا للأسر المغربية التي كانت تمنع بناتها من ممارسة التمثيل على خشبات المسرح، ومن بين الممثلات اللواتي سبقن الركراكي إلى التشخيص المسرحي والإذاعي والسينمائي نذكر بشكل خاص الرائدات خديجة جمال وحبيبة المذكوري وأمينة رشيد.

لم يمر وقت طويل على فاطمة لكي تندمج مع أعضاء فرقة التجديد وتكتشف أن لها قدرات تشخيصية في حاجة إلى صقل ومزيد من التمرن، وبعد أن تمكن منها عشق أب الفنون وهي لم تكمل بعد عقدها الثاني شاركت في مباراة نظمتها وزارة الشبيبة والرياضة لاختيار ممثلين وممثلات بغية تكوين فرقة للتمثيل. نجحت الركراكي في الاختبار وبعد مجموعة من التداريب شاركت في مسرحية ” عمايل جحا ” التي يمكن اعتبارها بمثابة الانطلاقة الفعلية والحقيقية لمسيرتها في التشخيص.

اكتشفت فاطمة الركراكي المغرب بمدنه وقراه كما اكتشفت العديد من الدول الأروبية والعربية وغيرها من خلال جولات فرقة التمثيل المسرحية في الداخل والخارج، وبعد توقف هذه الفرقة التحقت بفرقة المعمورة الشهيرة (1966 – 1974) وكان أول دور لها معها في مسرحية ” أهل الكهف ” لتوفيق الحكيم وتلته أدوار أخرى إلى جانب ممثلين ومخرجين كبار من عيار الطيب الصديقي وأحمد الطيب لعلج ومحمد سعيد عفيفي وآخرين.

لم تعمر فرقة المعمورة طويلا رغم نجاح مسرحياتها، وبعد تفككها وتشتت أعضائها التحقت الركراكي سنة 1975 بفرقة مسرح محمد الخامس بالرباط، مسقط رأسها يوم 14 فبراير 1941، واحتكت بممثلين وممثلات من عيار محمد الجم ومليكة العماري والهاشمي بنعمر ونزهة الركراكي وعزيز موهوب وغيرهم.

إن هذا الحضور المسرحي المستمر كان يوازيه حضور لا يقل عنه أهمية في أعمال إذاعية مع فرقة التمثيل التي كان يشرف عليها رائد المسرح الإذاعي بالمغرب الأستاذ عبد الله شقرون (1926- 2017)، وفي أعمال تلفزيونية نذكر منها في السنوات الأخيرة أفلام “آخر طلقة” (1995) للراحل عبد الرحمان ملين (1934 – 2018) و “أمواج البر” (2001) لمحمد إسماعيل و “للأزواج فقط” (2008) و “يما” (2013) لحسن بنجلون (فازت فيه فاطمة الركراكي بجائزة أفضل ممثلة بالدورة الثانية لمهرجان مكناس للفيلم التلفزيوني) والسلسلة التلفزيونية الفرنسية البلجيكية “أرض النور” للمخرج الفرنسي من أصل أوكراني سطيفان كورك …

 

أما السينما فكان لفاطمة الركراكي أول لقاء معها سنة 1960 من خلال تشخيص دور البطولة إلى جانب الطيب الصديقي في الفيلم القصير “من أجل لقمة عيش” من إخراج الرائد العربي بناني، وبعده ببضع سنوات شاركت، إلى جانب المسرحي الراحل الدكتور محمد الكغاط، في أول أعمالها الأجنبية وهو فيلم قصير أيضا، يطغى عليه الطابع السياحي، من إنتاج ألماني فرنسي أخرجه جان ماسون (JEAN MASSON) سنة 1963 تحت عنوان “شهر عسل بالمغرب”.

 
وبعد هذين الفيلمين القصيرين توالت الأفلام واختلفت الأدوار، ومن مكونات الفيلموغرافيا السينمائية للممثلة فاطمة الركراكي نذكر العناوين التالية للأفلام المغربية والأجنبية الطويلة التي شاركت فيها: “شمس الربيع” (1969) للطيف لحلو، “السراب” (1979) لأحمد البوعناني، “غراميات” (1986) للطيف لحلو، “كريستيان” (1989) لغابريال آكسيل، وهو فيلم درامي من إنتاج دانماركي إيطالي شارك فيه من الجانب المغربي عبد الله العمراني وفاطمة ونزهة الركراكي وعبد القادر مطاع وأخرين، “ياريت” (1994) لحسن بنجلون، “أنا الفنان” (1978 – 1995) لعبد الله الزروالي، “المقاوم المجهول” (1995) للعربي بناني، “وداعا أمهات” (2007) لمحمد إسماعيل…

 

ثاني  ظهور سينمائي لفاطمة الركراكي وأول ظهور سينمائي لمحمد الكغاط في الفيلم القصير ” شهر عسل بالمغرب ” (1963) من إخراج جان ماسون.

 

من أعمالها السينمائية الأخيرة “إيما” (2017)، وهو فيلم جميل وعميق للمبدع هشام ركراكي نال جوائز عدة، شخصت فيه على امتداد 26 دقيقة دور امرأة عجوز كشفت لأبنائها الثلاثة قبيل وفاتها بساعات عن سر ثقيل احتفظت به عمرا طويلا.

وقبله لعبت دور البطولة إلى جانب الممثلين القديرين عائشة ماهماه وحمادي عمور (1931- 2021) في فيلم قصير آخر بعنوان “نهار العيد” (2016) من إخراج رشيد الوالي، تناول فيه وضعية الآباء المسنين وعلاقتهم بأبنائهم.

 

أحمد سيجلماسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *