قرر مهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية (IDFA)، أحد أبرز المهرجانات في العالم، عدم منح الاعتماد لممثلين عن عدد من المؤسسات السينمائية الإسرائيلية، من بينها مهرجان “دوكافيف” في تل أبيب، ومؤسسة “كوبرو” (CoPro)، وهيئة البث العامة الإسرائيلية “كان” (Kan)، ما أثار جدلاً واسعًا في الأوساط الفنية والإعلامية.
هذا القرار يأتي في سياق تنامي الدعوات العالمية إلى مقاطعة المؤسسات الثقافية الإسرائيلية المتهمة بالتواطؤ في جرائم الحرب على غزة، بعد حملة قادتها منظمة “عاملون في السينما من أجل فلسطين”، والتي حظيت بدعم أكثر من أربعة آلاف من العاملين في صناعة السينما، من ممثلين ومخرجين ومنتجين حول العالم، من بينهم نجوم بارزون مثل إيما ستون، وخواكين فينيكس، وأوليفيا كولمان، ومارك روفالو، وتيلدا سوينتون.
المديرة الجديدة لمهرجان “إدفا”، إيزابيل أراتي فيرنانديز، أكدت في تصريحات لمجلة فارايتي الأميركية أن المهرجان لم يمنح هذا العام اعتمادًا للمؤسسات التي تتلقى دعمًا مباشرًا من حكومة إسرائيل، مشيرة إلى أن “القرار سيُراجع في الدورات المقبلة”، وأن المبدأ المعتمد “ينطبق على جميع الدول المتورطة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”. وأضافت أن هذا النهج ليس استجابة لحملات المقاطعة الأخيرة، بل جزء من سياسة المهرجان التي سبق وأن أدت إلى رفض أفلام من إيران وروسيا ودول أخرى.
من جانبها، عبّرت المخرجة الإسرائيلية ميخال فايتس، رئيسة مهرجان “دوكافيف”، عن رفضها للقرار، مؤكدة أنها وزملاءها في “كان” و“كوبرو” تلقوا رسائل رسمية تفيد بأنهم “متواطئون في الإبادة الجماعية”، ووصفت ذلك بأنه “اتهام باطل”. وأشارت إلى أن مهرجانها لطالما عرض أفلامًا نقدية جريئة، مثل فيلم “محامية” الذي تناول الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين، وفيلم “1948: تذكّر، لا تذكّر” الذي ناقش أحداث النكبة، رغم معارضة الحكومة الإسرائيلية لتلك الأعمال.
لكن هذا الموقف لم يشفع لتلك المؤسسات في نظر المهرجان الهولندي، الذي يبدو أنه يتجه نحو موقف مبدئي من المؤسسات المرتبطة بتمويل حكومي إسرائيلي، بغض النظر عن التوجهات الفكرية لصانعي الأفلام فيها.
الكاتبة الفلسطينية حنين مجادلة، في مقال لها بصحيفة هآرتس، وصفت ردود الفعل الإسرائيلية بـ“المبالغ فيها”، مشددة على أن المقاطعة الثقافية “ليست عملاً انتقامياً بل آلية تصحيحية”، معتبرة أن صانعي الأفلام الإسرائيليين الذين يعلنون رفضهم للاحتلال “ما زالوا جزءًا من نظام يشارك في جرائم ضد الإنسانية”.
وأضافت مجادلة أن “الاحتجاج الحقيقي لا يكون بالتصريحات الفنية، بل بالرفض العملي للمشاركة في منظومة القمع”، مؤكدة أن “شعار (ليس باسمي) لا يعفيهم من المسؤولية الأخلاقية، لأن ما يحدث يتم فعلاً باسمهم”.
وتشير منظمة “عاملون في السينما من أجل فلسطين” إلى أن دعوتها تستند إلى نضالات تاريخية، مثل الحملة العالمية التي أسهمت في إنهاء نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، مؤكدة أن على المؤسسات السينمائية الإسرائيلية أن تختار بين “الاستمرار في التواطؤ” أو “الاعتراف بالحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني بموجب القانون الدولي”.
سينفيليا


 
                                     
                                    