في خبر صادم وحزين هزّ الوسط الإعلامي والفني في لبنان، أُعلن صباح الأربعاء عن وفاة الإعلامية والممثلة اللبنانية يمنى شري عن عمر ناهز 55 عامًا، بعد صراع مع المرض، وذلك في كندا حيث أقامت في السنوات الأخيرة إلى جانب عائلتها. ومع انتشار خبر رحيلها، ساد الحزن أوساط الإعلاميين والفنانين وجمهور الشاشة الصغيرة الذين ارتبطوا ببرامجها وإطلالاتها المميزة طوال عقود.
بداية المشوار الإعلامي
وُلدت يمنى شري في لبنان، وبدأت مشوارها الإعلامي من إذاعة “صوت الشعب” حيث عُرفت بصوتها الإذاعي الدافئ وحضورها اللافت، قبل أن تنتقل سريعًا إلى شاشة “تلفزيون المستقبل” في فترة كان فيها الإعلام المرئي اللبناني يشهد طفرة نوعية. شكّلت تلك المرحلة محطة أساسية في مسيرتها، إذ ساهمت في إدخالها إلى عالم الشهرة من خلال تقديم برامج ناجحة مثل “القمر عالباب” و”هلا يمنى”.
انتقلت لاحقًا إلى قناة “الجديد”، حيث رسّخت مكانتها كواحدة من أبرز الوجوه التلفزيونية اللبنانية. وقدّمت عبر هذه المحطات مجموعة واسعة من البرامج التي تراوحت بين الترفيه والفن والثقافة والمهرجانات، وهو ما أتاح لها الوصول إلى جمهور واسع داخل لبنان وخارجه، خصوصًا في فترة كانت تشهد فيها الساحة الإعلامية منافسة قوية بين الفضائيات.
تنوّع التجربة بين الإعلام والتمثيل
لم يقتصر مشوار يمنى شري على التقديم التلفزيوني والإذاعي، بل خاضت أيضًا تجربة التمثيل، فكانت بدايتها مع زميلها الإعلامي جوزيف حويك في أحد المسلسلات اللبنانية، لتشارك بعدها في أعمال درامية بارزة مثل “حياة سكول”، “الباشا”، و”هند خانم”. ونجحت من خلال تلك المشاركات في الجمع بين العمل الإعلامي والفني، في مسيرة وصفت بالمتنوعة والثرية.
إلى جانب عملها المحلي، عُرفت الراحلة بمشاركاتها في مهرجانات عربية بارزة مثل مهرجان دبي للتسوق، هلا فبراير في الكويت، ومهرجان جرش للثقافة والفنون، حيث تميزت بتغطياتها المباشرة وروحها المرحة التي أحبها الجمهور.
خلفية أكاديمية رصينة
حملت يمنى شري شهادة في الأدب الفرنسي من جامعة القديس يوسف في بيروت، إلى جانب شهادة من كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية بتخصص إذاعة وتلفزيون. وقد ساعدها هذا التكوين الأكاديمي على خوض مسيرتها بثقة، مستندة إلى معرفة علمية دعمت تجربتها العملية.
الهجرة إلى كندا
مع مرور السنوات، اتخذت شري قرار الهجرة إلى كندا حيث استقرت مع عائلتها. وعلى الرغم من البعد الجغرافي، لم تنقطع عن الساحة الإعلامية بشكل كامل، بل كانت تظهر من وقت إلى آخر عبر شاشة “الجديد” من خلال مشاركات إعلامية وبرامج مرتبطة بالجالية اللبنانية في الخارج.
لحظة الوداع وردود الأفعال
رحيل يمنى شري شكّل صدمة كبرى لزملائها وجمهورها، خاصة أنها لم تُفصح علنًا عن طبيعة مرضها. الإعلامية كارين سلامة عبّرت عن حزنها العميق عبر منشور على “إنستغرام” قالت فيه: “يمنى ما عم صدق…… لا لا لا لا لا ما عم صدق. الله يرحمك يا حبيبة قلبي….. يا الله يا يمنى”.
بدورها، نعت الإعلامية ريما كركي الراحلة بكلمات مؤثرة: “ما عم صدق يا يمنى! كيف بتعملي هيك بقلوبنا وانتي يلي بيعمرك ما كنتي الا فرح قلوبنا!!! شو هالانسانة يلي وين ما بتكون المرح الذكا الحب وحب الحياة بيكون.. شو بدي قول! لامعة كل عمرك بيكل شي، طاقة فرح ونجاح وقوة ومحبة لكل مين عرفك.. جوهرة قلوب كل اصحابك.. في ناس بتضلك تسمع ضحكتهن ونصيحتهن ومواساتهم وصدى حبهن لو راحوا… رح اشتاق لكل الفضفضات بالساعات يا يمنى.. يا صادقة يا حلوة يا نكهة حياة يلي بيحبوكي…”.
هذه الكلمات تلخّص مكانة يمنى شري في قلوب أصدقائها وزملائها، إذ لم تكن مجرّد إعلامية ناجحة بل إنسانة محبوبة شكّلت حضورًا استثنائيًا في حياة من حولها.
أثرها في الإعلام اللبناني
مسيرة يمنى شري تعكس صورة جيل كامل من الإعلاميين الذين برزوا في فترة التسعينيات وبداية الألفية، حين كانت الفضائيات اللبنانية من بين الأكثر تأثيرًا في العالم العربي. بفضل حضورها الأنيق وصوتها الدافئ وعفويتها أمام الكاميرا، تركت بصمة مميزة في البرامج المباشرة وتغطيات المهرجانات، وهو ما جعل اسمها محفورًا في ذاكرة المشاهدين.
لقد شكّلت جزءًا من مرحلة كان فيها الإعلام اللبناني منصّة أساسية لتصدير النجوم والمواهب إلى العالم العربي، حيث ارتبط اسمها بتجارب إعلامية ترفيهية وفنية أضاءت المشهد المحلي والإقليمي.
إرث إعلامي وإنساني
برحيل يمنى شري، يخسر لبنان إعلامية وممثلة جمعت بين الاحترافية والبساطة، وبين القدرة على مخاطبة الجمهور بلغة قريبة من القلب وبين الجدية في تناول المواضيع الفنية والثقافية. إلا أن إرثها يظل حاضرًا في ذاكرة من عرفها وتابعها، سواء عبر الشاشة أو عبر المهرجانات التي أضفت عليها طابعًا من البهجة والفرح.
ورغم غيابها الجسدي، يبقى اسمها شاهدًا على جيل إعلامي صنع مجد التلفزيون اللبناني وأسهم في تكوين صورة مشرقة عن المرأة اللبنانية في مجالات الإعلام والفن.
سينفيليا