الرئيسيةمتابعات سينمائيةجوائز الدورة 14 من المهرجان الدولي لأفلام البيئة بشفشاون… سينما من أجل الأرض

جوائز الدورة 14 من المهرجان الدولي لأفلام البيئة بشفشاون… سينما من أجل الأرض

شهدت مدينة شفشاون بين 10 و13 شتنبر 2025، تنظيم الدورة الرابعة عشرة من المهرجان الدولي لأفلام البيئة، الذي أضحى موعداً سينمائياً قاراً يزاوج بين جماليات الصورة السينمائية وعمق القضايا البيئية المطروحة على الساحة العالمية. الدورة، التي حملت شعار “مهرجان بدون بلاستيك”، نظمتها جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية بتنسيق مع مجموعة الجماعات الترابية (تلاسمطان)، وبدعم من المركز السينمائي المغربي ومجلس جهة طنجة–تطوان–الحسيمة.

على امتداد أربعة أيام، تحولت شفشاون إلى فضاء رحب للاحتفاء بالسينما البيئية، من خلال عروض أفلام دولية، وورشات وندوات، وتكريمات، فضلاً عن مسابقات رسمية شملت أفلام المؤسسات التعليمية، وأفلام الهواة، والأفلام الاحترافية القصيرة والطويلة.

حفل افتتاح بتوشيح “سفراء البيئة”

انطلقت فعاليات المهرجان بحفل افتتاح مميز، جرى خلاله توشيح ثلة من الوجوه البارزة في السينما والمسرح والفن والإعلام بدروع “سفراء البيئة”، تقديراً لدورهم في الدفاع عن القضايا الإيكولوجية عبر إبداعاتهم أو جهودهم التوعوية.

وقد شملت قائمة المكرّمين:

  • زينب شفشاوني موساوي: مخرجة مغربية متخصصة في الأفلام الوثائقية البيئية.

  • ليلى الخرواع: صحافية بالقناة الثقافية (الرابعة) ومقدمة برنامج “إيكولوجيكا”.

  • ليلى الرحموني: أستاذة جامعية وباحثة في السينما بجامعة ابن طفيل.

  • عدنان حقون: إطار تربوي وفنان فوتوغرافي.

المنظمون اعتبروا هذا التكريم جزءاً من رسالة المهرجان الهادفة إلى جعل الفن وسيلة لترسيخ وعي بيئي متجدد، عبر سفراء ينقلون صوت البيئة إلى المجتمع ويحفزون الأجيال على التفاعل مع قضايا التغير المناخي، والتلوث، والحفاظ على الموارد الطبيعية.

شعار “مهرجان بدون بلاستيك”

اختارت إدارة المهرجان أن تسير الدورة الحالية في اتجاه تثبيت سلوكيات يومية بديلة، من خلال تبني شعار “مهرجان بدون بلاستيك”. وقد شمل ذلك كل الجوانب التنظيمية، بما في ذلك اعتماد مواد صديقة للبيئة في الديكور والتجهيزات، والتقليل من النفايات، وهو ما منح للتظاهرة بعداً رمزياً وعملياً في آن واحد.

هذا التوجه جاء ليعكس القناعة الراسخة لدى الجمعية المنظمة بضرورة أن يكون المهرجان نموذجاً تطبيقياً في مجال الحفاظ على البيئة، لا يقتصر على عرض الأفلام بل يتجاوزها إلى الممارسات اليومية.

برنامج سينمائي غني ومتعدد الجنسيات

تضمنت برمجة الدورة عرض 24 فيلماً من الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، إسبانيا، ألمانيا، إلى جانب أعمال من عدة بلدان عربية. تنوعت موضوعاتها بين قضايا الاحتباس الحراري، واستنزاف الموارد الطبيعية، وحماية الحياة البرية، ودور الإنسان في مكافحة التلوث.

ولم يقتصر العرض على قاعات المدينة، بل امتد إلى بعض الجماعات القروية كـ باب تازة وتلمبوط (أقشور)، حيث تم تنظيم عروض سينمائية وورشات تحسيسية لفائدة الشباب والسكان المحليين، في إطار سعي المهرجان إلى نشر الثقافة البيئية في الوسط القروي وربطها بالمجال السياحي، خاصة مشروع “جيوبارك شفشاون”.

رهان جيوبارك شفشاون

من أبرز النقاط التي تم التطرق إليها خلال الأنشطة الموازية، مشروع إدراج منتزه شفشاون الجيولوجي ضمن الشبكة العالمية للمنتزهات الجيولوجية التابعة لليونسكو. رئيس مجموعة الجماعات الترابية (تلاسمطان) محمد السفياني أكد أن هذا التصنيف، إذا تحقق، سيشكل اعترافاً دولياً بالقيمة الجيولوجية والطبيعية للمنطقة، وسيساهم في تعزيز جاذبيتها السياحية والبيئية.

لجان التحكيم: تنوع في الخبرات والجنسيات

عرفت لجان التحكيم حضور أسماء وازنة من داخل المغرب وخارجه، ما منح المهرجان مصداقية وقيمة مضافة.

  • لجنة تحكيم المسابقة الدولية للأفلام الاحترافية ترأستها المخرجة المغربية زينب شفشاوني موساوي، وضمّت في عضويتها الناقد نور الدين محقق، وأنجاه وفمان (مديرة مكتب منظمة هنريش بول الألمانية)، والصحافية ليلى الخرواع، وبيدرو فيوينتو (مدير المهرجان الدولي لأفلام البيئة بإسبانيا).

  • أما لجنة تحكيم أفلام الهواة وأفلام المؤسسات التعليمية، فقد ترأستها الباحثة ليلى الرحموني، وشاركت فيها المخرجة التونسية مبروكة خذير، والمنتجة الإسبانية نوسيمو كولادو، والمدير الإبداعي لمنصة الجزيرة محمد علي درويش، إضافة إلى صانع المحتوى البيئي المغربي عز الدين لمين.

الندوة الفكرية: المرأة وصناعة الخطاب البيئي

من المحطات اللافتة في الدورة تنظيم ندوة فكرية ناقشت دور المرأة في صياغة الخطاب البيئي من خلال الإعلام والسينما والبحث الأكاديمي والعمل المؤسساتي. ساهم في الندوة خبراء وباحثون ركزوا على تجارب نسائية رائدة في المجال، معتبرين أن حضور المرأة في هذا النقاش يعكس وعياً جديداً بقدرتها على التأثير وصياغة بدائل بيئية عملية ومبتكرة.

إعلان النتائج والجوائز

في حفل الاختتام الذي جرى يوم 13 شتنبر، تم الإعلان عن الفائزين في مختلف المسابقات الرسمية. النتائج جاءت على الشكل التالي:

  • مسابقة أفلام المؤسسات التعليمية:

    • الجائزة الأولى لفيلم “أنقذوا الواحة” للمخرج كمال أوسعيد من طاطا.

    • تنويه خاص لثلاثة أفلام: “ماسة بين الحياة والموت”, “المقعد”, “ندى”.

  • مسابقة أفلام الهواة:

    • جائزة أفضل فيلم لفيلم “تيزي ن أوماراغ” للمخرجتين فاطمة الزبير وكوثر أوزكان (المغرب).

    • تنويه خاص لفيلم “Monalisa: une histoire climatique” من ألمانيا.

  • المسابقة الرسمية للأفلام الاحترافية القصيرة:

    • جائزة أحسن فيلم قصير لفيلم “Earth Defender” (إندونيسيا).

    • تنويه خاص لفيلم “ECO” (فرنسا).

  • المسابقة الرسمية للأفلام الاحترافية الطويلة:

    • الجائزة الكبرى لفيلم “Wilding: Retour à la Nature Sauvage” (إنجلترا).

    • تنويه خاص للفيلم المغربي “The Greater Flamingo” للمخرج حسن خر.

فضاء لاكتشاف المواهب وتشجيع الشباب

من بين رهانات المهرجان تشجيع الشباب والمؤسسات التعليمية على خوض غمار الإبداع السينمائي البيئي. فحضور أفلام الطلبة والهواة منح الدورة بعداً تربوياً ومعرفياً، إذ لم يقتصر الأمر على التنافس بل كان مناسبة للتعلم والتبادل واكتشاف الطاقات الواعدة.

إشعاع متزايد وتثبيت لمكانة المهرجان

بعد أربعة عشر دورة، رسّخ المهرجان الدولي لأفلام البيئة بشفشاون موقعه كموعد سنوي قارة في الأجندة السينمائية المغربية والإقليمية. ونجح في أن يكون جسراً بين الفن والوعي الإيكولوجي، ومختبراً لتجارب سينمائية تعكس تلاقي الإبداع مع الالتزام البيئي.

فمن خلال برمجة غنية ولجان تحكيم متنوعة، وتكريمات ملهمة، ومسابقات محفزة، أكد المهرجان أن السينما ليست فقط فناً جمالياً بل وسيلة لتربية الأجيال على القيم البيئية.

وبينما اختتمت الدورة الرابعة عشرة بحصيلة إيجابية، يترقب المهتمون الدورة المقبلة بما ستحمله من أفلام وأفكار جديدة، على أمل أن تظل شفشاون عاصمة للسينما البيئية وملتقى للثقافات في خدمة الأرض والإنسان.

سينفيليا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *