المخرج الإيراني المعارض محمد رسولوف، المعروف بأعماله السينمائية الجريئة مثل “لا وجود للشر” و”بذرة التين المقدس”، يعيش حالياً في برلين بعد أن اضطر لمغادرة إيران العام الماضي هرباً من حكم بالسجن لمدة ثماني سنوات. ومع ذلك، كشف في حوار مع مجلة “هوليوود ريبورتر” على هامش الدورة الـ78 من مهرجان لوكارنو السينمائي، أنه يفكر جدياً في العودة إلى بلاده.
وقال رسولوف، الذي أمضى 15 شهراً في المنفى: “خلال هذه الفترة القصيرة، شهدت إيران أحداثاً غريبة وغير مسبوقة بسرعة هائلة، ما جعل سؤالي الأهم الآن ليس أي سيناريو سأبدأ بتصويره، بل ماذا عليّ أن أفعل؟ هل أبقى هنا في أوروبا، أم أعود إلى إيران؟”.
المخرج حصل في لوكارنو على أول نسخة من “جائزة مدينة السلام”، التي استحدثتها المدينة بالتعاون مع المهرجان لتكريم الالتزام بقيم السلام والدبلوماسية والحوار. وعن احتمالية تعرضه للسجن أو العقاب حال عودته، أوضح: “بالطبع لدي هذه المخاوف، فهذا طبيعي كبشر، لكن ما يشغلني أكثر هو كيف أواجه هذا النظام. هل الأفضل العودة رغم المخاطر، أم البقاء هنا والعمل على فيلم جديد؟”.
رسولوف أكد أنه يملك ثلاثة سيناريوهات مكتوبة وجاهزة، أحدها كتب عام 2012 ولديه منتج ينتظر بدء العمل عليه، وآخر أنجزه بين عامي 2022 و2023 خلال فترات متقطعة من السجن في إيران، أما الثالث فهو مشروع شخصي قريب جداً من قلبه. وأوضح أن هذه الأعمال الجديدة ترتبط بموضوعات أفلامه السابقة، لكنها لا تكرر نفسها، وأن مواقع أحداثها في أوروبا والولايات المتحدة، مع ارتباط وثيق بالواقع الإيراني.
فيلمه “بذرة التين المقدس” حصد جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان كان 2024، ومثل ألمانيا في سباق الأوسكار عن فئة أفضل فيلم دولي. وخلال إقامته في برلين، قدّم أيضاً مسرحية “الوجهة: الأصل” بعد غياب 30 عاماً عن خشبة المسرح، بمشاركة بطلات فيلمه من الممثلات الإيرانيات نيوشا أخشي، مهسا روستمي، وستاره مالكي، اللواتي اضطررن بدورهن لمغادرة إيران إلى ألمانيا. تتناول المسرحية تحديات الهجرة والانفتاح على ثقافة جديدة مع الحفاظ على الهوية الأصلية.
مدير مهرجان لوكارنو، جيونا نازارو، أشاد برسولوف قائلاً: “أعماله بمثابة نشيد لكرامة الإنسان، ومن الاحترام الكامل لهذه الكرامة يمكن أن يولد روح جديدة للسلام”. فيما وصفت لجنة التحكيم المخرج بأنه “مبدع فذ للسينما الشعرية والسياسية، تتعمق أعماله في مفاهيم الحرية والمسؤولية الفردية وكرامة الإنسان”.
المهرجان شهد أيضاً حضور أسماء إيرانية بارزة أخرى، منها الممثلة كلشيفته فرهاني التي حصلت على “جائزة التميز” في الافتتاح، والمخرج المعارض جعفر بناهي الذي يعرض فيلمه الحاصل على السعفة الذهبية من كان “لم يكن سوى حادث”. وأعرب رسولوف عن تطلعه للقاء فرهاني وزار أمير، بينما أكد أنه اتفق بالفعل مع بناهي على اللقاء، قائلاً: “لسنا مجرد زملاء، لقد تشاركنا تجارب غريبة جداً، وقضينا فترتين في السجن معاً في زنزانة واحدة لأكثر من ستة أشهر”.
واختتم رسولوف حديثه بتأمل شخصي: “أدركت أن الإحساس بالانتماء والتجذر في ثقافة معينة أعقد بكثير مما يمكن للفن أو السينما أن تنقله. قد نتمكن من سرد بعض الجوانب، لكن تبقى أشياء كثيرة خارج قدرتنا. الحرية أكبر مما نستطيع أن نمارسه داخل بلد أو بين مجموعة أشخاص، ومع كثرة ما يحدث في العالم، يصبح من الصعب ألا نشعر بالعجز، مهما حاولنا المقاومة”.
سينفيليا