كان عام 2025 عامًا ثريًا ومُرضيًا لعشّاق القصص المصورة بمختلف أذواقهم، إذ تنوّعت الأعمال بين الرعب والفانتازيا والسير الذاتية والتجريب الفني الجريء. فقد شهد هذا العام حضورًا قويًا لأعمال الرعب، من أبرزها قصة جيمس تاينيون الرابع Exquisite Corpses التي تدور في بلدة محاصَرة بسلسلة من جرائم القتل تُدار كمسابقة بين النخب، وتميّزت بفكرتها العالية المستوى وتنفيذها المتقن. أما الفانتازيا، فقد عرفت بدورها موسمًا زاخرًا بالأعمال المتنوعة التي جسّدت عوالم غنية وأساليب سرد مبتكرة.
وبرزت القصص التي تعتمد شخصيات مجسّمة بملامح حيوانية، حيث عاد العمل الشهير Beneath the Trees Where Nobody Sees بجزء جديد، جامعًا بين الطابع اللطيف والمضمون القاتم. كما قدّم ريك ريمندر في النصف الثاني من العام سلسلة حرب قصيرة بعنوان Escape، تروي حكاية طيّار قاذفة خلف خطوط العدو، مدعومة برسوم فنية مذهلة بريشة دانيال أكونيا.
ومن الأعمال الممتعة كذلك رواية The Avengers in the Veracity Trap، وهي تعاون بين مارفل وAbrams ComicArts، أعادت أجواء القصص الكلاسيكية المستوحاة من إرث جاك كيربي في ستينيات القرن الماضي، مع لمسة معاصرة ذات طابع ميتاسردي، وحتى مشاركة أسماء فنية معروفة داخل القصة نفسها.
أما شركة دي سي، فقد شهدت نهضة إبداعية لافتة هذا العام، بفضل تركيزها على صُنّاع القصص ومنحهم حرية فنية أكبر، ما أسفر عن أعمال جريئة أعادت تقديم شخصيات مألوفة بطرق غير متوقعة. فقدّم فريق Ice Cream Man عملًا غريبًا وسرياليًا عن سوبرمان في The Kryptonite Spectrum، بينما جاءت سلسلة New Gods كملحمة كونية تمزج بين أسلوب المانغا وروح مجلة Heavy Metal. ورغم التاريخ الطويل لشخصية باتمان، فإنها واصلت إلهام قصص جديدة ومؤثرة.
وكالعادة، تبقى مهمة حصر أفضل الأعمال صعبة في ظل الكم الهائل من الإصدارات الأسبوعية، إلى جانب الروايات المصورة القادمة من دور نشر مختلفة ولجميع الأعمار. ومع ذلك، فقد تميّز هذا العام بحضور قوي للسير الذاتية المصورة، ومن أبرزها مذكرات المخرج الياباني رينتارو، التي جمعت بين العمق الشخصي والتوثيق التاريخي لنشأة صناعة الأنمي في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، وعلاقته المعقدة بوالده، وصولًا إلى أعماله الكبرى مثل Metropolis.
كما برزت رواية مصورة فرنسية تُرجمت إلى الإنجليزية، تسرد العقبات الهائلة التي واجهها جورج لوكاس قبل إنجاز فيلم Star Wars، مقدّمة رحلة شاقة من الطموح والصراع الفني والإنتاجي، بأسلوب بصري ذكي يعتمد على الألوان لخدمة السرد.
وفي عمل آخر مستوحى من واقعة حقيقية، أُعيد تخيّل قصة هروب سجناء من سجن ألكاتراز بأسلوب سينمائي نابض، يجمع بين الجريمة، والهوية، والهروب من القيود الاجتماعية، مدعومًا برسوم مائية أعادت إحياء كاليفورنيا القديمة بجمالها وخطورتها.
أما الفانتازيا، فقد جاءت هذا العام بأشكال متعددة، من بينها Skinbreaker لروبرت كيركمان، الذي يغوص في عالم بدائي يمزج بين الصراع على القوة والخوف من التغيير، وBug Wars لجيسون آرون، التي تمزج الخيال الملحمي بعالم الحشرات في قصة ممتعة ومليئة بالمغامرة. وفي The Moon is Following Us، قُدّمت حكاية مؤثرة عن التضحية الأبوية، حيث يدخل والدان عقل طفلتهما لإنقاذها من كابوس أبدي، بأسلوب فني يجمع بين الواقعية والحلم.
ومن الأعمال الجريئة أيضًا Spectators لبراين كيه فوغان، وهو عمل موجّه للبالغين فقط، يناقش ثيمات العنف والجنس من منظور فلسفي قاتم، ويرسم مستقبلًا تشاؤميًا للبشرية، بأسلوب بصري يعكس التناقض بين الحياة والموت.
وفي خط Absolute من دي سي، تألقت أعمال أعادت تخيّل شخصيات أيقونية بحرية فنية كاملة. فقد جاء Absolute Martian Manhunter كعمل سريالي يعالج قضايا معاصرة مثل العنف الجماعي والتهميش الاجتماعي، بينما برز Absolute Batman بنبرة مظلمة وعنيفة تعكس روح العصر، في مقابل Absolute Wonder Woman الذي قدّم رؤية أسطورية شاعرية تمزج السحر بالأسطورة والبعد الإنساني.
واختُتم العام بعمل استثنائي في Absolute Batman Annual، حيث واجه باتمان جماعات التفوق العنصري في قصة عنيفة ومشحونة عاطفيًا، استخدم فيها دانيال وارن جونسون أسلوبه الجسدي الصادم ليجمع بين الغضب والإنسانية، مقدّمًا واحدة من أكثر التجارب تأثيرًا في العام.
سينفيليا

