انطلقت مساء الأربعاء 24 شتنبر 2025، بقاعة ألكازار بمدينة البوغاز، فعاليات الدورة الثانية عشرة من مهرجان طنجة زووم للسينما الاجتماعية، الذي أصبح موعداً سنوياً يترقبه عشاق الفن السابع بالمدينة وباقي ربوع المملكة. ويأتي هذا المهرجان ليؤكد مكانته كمنصة بارزة لتلاقي السينمائيين، المخرجين الشباب، والنقاد، في أجواء ثقافية وفنية تفتح النقاش حول قضايا اجتماعية من زوايا مختلفة.
انطلاقة احتفالية وتكريم مميز
شهد حفل الافتتاح حضور شخصيات فنية وإعلامية إلى جانب جمهور غفير من محبي السينما، حيث تم تكريم الممثلة المغربية سهام أسيف، المعروفة بأدوارها المتميزة في الدراما التلفزيونية والسينما المغربية، وكذا بنشاطها الجمعوي عبر جمعية أشقار للتنمية والثقافة. وقد لاقى هذا التكريم استحساناً من الحضور، باعتباره اعترافاً بمسار فني وجمعوي يجمع بين الإبداع والالتزام المجتمعي.
كما جرى بالمناسبة تقديم أعضاء لجنة التحكيم التي ستتولى تقييم الأفلام المتبارية. وتتألف اللجنة من المخرج والمنتج المغربي إدريس اشويكة رئيساً، والإعلامية والصحفية نزهة بنادي بركة، والممثل يوسف الجندي، والناقد السينمائي خليل الدامون. وتوكل للجنة مهمة اختيار المتوجين بالجوائز الأساسية: الجائزة الكبرى للمهرجان، جائزة لجنة التحكيم، جائزة أفضل تشخيص ذكور، وجائزة أفضل تشخيص إناث.
مسابقة المحترفين: أمسية مميزة
عرف اليوم الثاني من المهرجان انطلاق عروض مسابقة الأفلام القصيرة لفئة المحترفين، والتي تعد الفقرة الأبرز ضمن برنامج هذه الدورة. فقد تابع الجمهور مساء الخميس باقة من الأفلام التي جسدت قضايا اجتماعية وإنسانية متعددة، حيث تنوعت المواضيع بين الهجرة والهوية والتحولات الاجتماعية والنفسية. وتفاعل الحاضرون مع العروض بنقاشات غنية أكدت وعي المخرجين المشاركين ورغبتهم في طرح أسئلة عميقة على المتلقي.
وقد عرفت هذه المسابقة مشاركة شركة Linam Solution بفيلمين غياب لفيصل الحليمي والقناع لهشام الحليمي لفتا الانتباه بشكل خاص، وحسب آراء الجمهور و بعض النقاد، فقد نجح الفيلمان في كسب إعجاب المتفرجين من خلال القوة البصرية وجودة الإخراج، حيث ترددت أصداء إيجابية داخل القاعة، مما يعكس الحضور المتنامي للشركة في المشهد السينمائي المغربي.
مشاركة دولية وثراء في البرمجة
عرفت الدورة الثانية عشرة مشاركة 26 فيلماً قصيراً، توزعت على ثلاث فئات رئيسية:
-
فئة المحترفين التي ضمت أعمالاً لمخرجين بارزين أمثال جمال اضمجوض، أمين الفيلالي، منير علوان، فيصل الحليمي، هشام الحليمي، عبد الله الحاق، مليكة الزايري من فرنسا، ورشا ملحيم من سوريا.
-
فئة الهواة التي جمعت تجارب جديدة من المغرب وتونس، أبرزها أفلام “فراغ”، “الحنطة”، “البدون”، و”الفراشة”.
-
فئة سينما المدارس التي فتحت المجال أمام مواهب صاعدة من المؤسسات التعليمية، حيث قُدمت أفلام مثل “الأجنحة المسلوبة”، “الأرض لنا”، “بلونتي”، و”ويبقى الأمل”.
هذا التنوع في الفئات يعكس فلسفة المهرجان القائمة على إتاحة الفرصة لمختلف الفاعلين السينمائيين، من المحترفين إلى التلاميذ، مما يجعل طنجة قبلة للإبداع السينمائي بمستوياته المتعددة.
ورشات تكوينية وانفتاح على الجمهور
إلى جانب العروض السينمائية، خصصت إدارة المهرجان برنامجاً موازياً يتضمن ورشات تكوينية حول مهن السينما لفائدة تلاميذ المؤسسات التعليمية بطنجة. هذه المبادرة تسعى إلى تقريب عالم السينما من الناشئة، وتشجيعهم على اكتشاف إمكانياتهم في مجالات الإخراج، التصوير، وكتابة السيناريو. وقد شكلت الورشات فضاءً حيوياً للنقاش وتبادل الخبرات بين الأجيال، بما يرسخ روح الاستمرارية في المشهد الثقافي المغربي.
جمهور متفاعل وصدى إعلامي
حظيت عروض المهرجان بإقبال جماهيري كبير، حيث امتلأت القاعة خلال المسابقة الرسمية، خصوصاً عند عرض أفلام فئة المحترفين. كما حظيت الدورة بتغطية إعلامية واسعة من قبل وسائل الإعلام الوطنية والمحلية، التي أبرزت قيمة المهرجان في إغناء النقاش الثقافي بمدينة طنجة، وإعطاء دفعة قوية للسينما الاجتماعية كجنس فني ملتزم بقضايا المجتمع.
اعتراف متجدد بالسينما الاجتماعية
على امتداد اثني عشر دورة، استطاع مهرجان طنجة زووم أن يحافظ على خطه التحريري المتمثل في الدفاع عن السينما الاجتماعية، باعتبارها مرآة لواقع الناس وهمومهم. فالأفلام المشاركة ليست مجرد إبداعات فنية بقدر ما هي شهادات بصرية تحاول إعادة طرح الأسئلة الكبرى حول العدالة الاجتماعية، حقوق المرأة، الهجرة، والهوية الثقافية. وهكذا يكرس المهرجان نفسه كمساحة للنقاش الحر والمسؤول بين الفنان والجمهور.
آفاق الدورة الحالية
من المنتظر أن تختتم فعاليات الدورة الثانية عشرة يوم السبت 27 شتنبر، بالإعلان عن الفائزين في مختلف الفئات. ويتطلع الجمهور والمشاركون لمعرفة مدى انعكاس قوة الأعمال المعروضة، وخاصة أفلام فئة المحترفين، على نتائج المسابقة.
بذلك يؤكد مهرجان طنجة زووم للسينما الاجتماعية، في دورته الحالية، أنه لم يعد مجرد تظاهرة فنية محلية، بل محطة أساسية ضمن خارطة المهرجانات السينمائية المغربية، التي تراهن على دمج الإبداع الفني بالتفاعل المجتمعي، وتقديم سينما تجعل من قضايا الناس مادة للتأمل والنقاش.
سينفيليا
