عند تكريمها في حفل افتتاح مهرجان لوكارنو السينمائي بسويسرا، فتحت الممثلة الإيرانية الشهيرة كلشيفته فراهاني قلبها للجمهور، متحدثةً عن منفاها، وموقفها من الحجاب، وحبها للموسيقى، وتجربتها في العمل مع ليوناردو دي كابريو، وأشياء أخرى.
روت فراهاني كيف اضطرت لمغادرة إيران، حين تحولت مشاركتها في فيلم “Body of Lies” إلى نقطة تحوّل. في البداية لم تجد السلطات الإيرانية مانعًا في تمثيلها إلى جانب دي كابريو وراسل كرو تحت إدارة ريدلي سكوت، لكنها ظهرت في الفيلم دون حجاب، في وقت كانت فيه إيران تُصنّف ضمن “محور الشر” في الخطاب الأميركي. فجأةً أصبحت في مرمى النيران، وصودر جواز سفرها حين أرادت السفر إلى بريطانيا. وعندما طلب القاضي أن يشاهد الفيلم قبل إصدار الحكم، أُعيد إليها جوازها، لكن بشرط المغادرة الفورية. “وضعت ذكرياتي في حقيبتين، وغادرت. كنت أعلم أنني لن أعود”.
تحدثت الممثلة عن تمردها في سن المراهقة، حين حلقت شعرها لتلعب كرة القدم مع الأولاد. “كنت أعيش بهوية مزدوجة”، تقول، “الصبيان الذين ألعب معهم مساءً، كانوا يتحرشون بي صباحًا دون أن يعرفوا أنني نفس الشخص”. وفي لحظة تحدٍّ للنظام، قالت للسلطات: “تريدون قتلي؟ اقتلوني وسأكون حرة”. وأضافت أن والدها تلقى تهديدات بالعنف بسببها.
أما عن الحجاب، فرأت فراهاني أن المشكلة أكبر من مجرد قطعة قماش، لكنّ الحجاب يبقى رمزًا قويًا، شبيهًا بـ”جدار برلين”. وأشارت إلى أن النظام الإيراني يضطهد المرأة بجعلها تدفع ثمنًا باهظًا لمجرد ركوبها دراجة أو مشاركتها في الفنون.
عن فرنسا، التي تقيم فيها الآن، عبّرت فراهاني عن حبها للبلد رغم شعورها بالوحدة في البداية. سخرت من الفرنسيين بقولها إنهم “مثل المراهقين في سن 13″، لا يصغون لأحد ويشكون باستمرار. لكنها وجدت في هذا الموقف شيئًا يثير إعجابها، رغم صعوبة التأقلم في البداية، خاصة عندما لم تكن تعرف حتى أسماء أنواع الجبن المختلفة.
وعن أعمالها بعد مغادرة إيران، أكدت أنها غالبًا ما ترفض أدوارًا في أفلام تتمحور حول إيران. لكنها لم تستطع مقاومة نص فيلم قراءة لوليتا في طهران للمخرج إيرن ريكليس، حيث بكت عند قراءته. شعرت بأنه توقيت مثالي، يتزامن مع تصاعد حركة حقوق النساء في بلدها الأم.
عن السينما الإيرانية، أثنت فراهاني على المخرج جعفر بناهي، وعبّرت عن إعجابها بجيل جديد من المبدعين الشباب، الذين رغم القمع، “ما زالوا يحملون روح الفن والثقافة”. وأضافت: “نُفضّل الموت على التخلّي عن ثقافتنا”.
وتساءلت فراهاني: “لماذا لم تنتج نتفليكس يومًا عملاً عن إيران؟ لدينا الكثير من القصص والحكايات”. ورغم أنها لا تفكر حاليًا في الإخراج، لم تستبعد أن يتغير موقفها لاحقًا.
عن بداياتها، قالت إنها لم تكن تحب الممثلين والممثلات لأن عائلتها كلها تعمل في المسرح، فاختارت الموسيقى كطريق خاص. “لم أكن أستطيع الجلوس أكثر من عشرين دقيقة، كنت مفرطة النشاط”. ورغم انتقالها للتمثيل، ظلت الموسيقى تلازمها كظل لا ينفصل.
تطرقت أيضًا إلى علاقتها بالصوت والإيقاع، قائلة إن نظرها الضعيف جعلها تعتمد أكثر على السمع، مؤكدة أن “الإيقاع هو نبض الحياة”، وأن “الصوت والموسيقى هما أساس كل شيء”.
وعن فيلمها الجديد “Alpha” للمخرجة جوليا دوكورنو، اعتبرته عملاً عن الصدمات العابرة للأجيال، رافضة تصنيفه ضمن أفلام النوع، ومؤكدة أنه أقرب إلى الدراما الرمزية. أرهقها التصوير بشدة لدرجة أنها اضطرت لرفض دور آخر بعده مباشرة.
واختُتم اللقاء بتصريح شخصي مؤثر، حيث قالت فراهاني: “كنت منشغلة دائمًا بالفعل والعمل والخدمة. الآن أريد أن أجرّب فقط الوجود. حتى لو لم أفعل شيئًا، فأنا موجودة. أريد أن أختبر ذلك. الإنسان يمكن أن يكون كالزهرة، فقط موجود”.
فراهاني، المولودة في طهران عام 1983، انطلقت نحو النجومية منذ صغرها، حين فازت بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان فجر السينمائي عن فيلم “شجرة الكمثرى” لداريوش مهرجويي عام 1998. من أبرز أفلامها الإيرانية “شيرين” لعباس كيارستمي، و”عن إيلي” لأصغر فرهادي. كما شاركت في أفلام عالمية منها “Paterson” مع جيم جارموش، و”Extraction” مع كريس هيمسورث، و”قراصنة الكاريبي”، وأعمال أخرى مع مخرجين فرنسيين بارزين مثل كريستوف أونوريه ولوي غاريل وميّا هانسن-لوف.
وتلقت فراهاني جائزة التميز “دافيدي كامباري” على ساحة بيازا غراندي وسط تصفيق حار، ووصفت السينما بأنها “ملاذ في عالم مظلم”.
سينفيليا