“مسار إجباري” عمل درامي تميز عربيا في النصف الأول من الموسم الرمضاني الحالي، بعناصره الفنية المتكاملة كتابة وإخراجا وتمثيلا وتصويرا…
في هذا مسلسل تفوقت المخرجة نادين خان في تصورها الإخراجي الذي اعتمدت على الصورة ومكوناتها، والتي شكلت إضافة بصرية في المعنى لما يقال في الحوار الذي جاء بدوره وظيفيا وبدون زيادات أو ثرثرة لاتفيد السرد الدرامي. إضافة للتكثيف في الحكي دون استطراد، عكس ما نراه في كثير من المسلسلات العربية التي تسقط في التمطيط والتطويل الممل، خصوصا تلك التي يُصِرُّ صانعوها على الذهاب عنوة للثلاثين حلقة حتى لو كان مخزون الحكي قد نضب ولم يعد يسمح بإضافات تأتي دائما لتُقَوِّضَ بناء ما قد يبدو في البداية ومع الحلقات الأولى مُبشرا.
شخصية الأخوين اللذان يتعرفان على بعضهما ويكتشفان طبيعة كل منهما المتناقضة و المختلفة عن طبيعة وسلوك الآخر، بخلفياتهما النفسية والسلوكية والإجتماعية والمعرفية، أدَّاها الممثلان الشابان الواعدان أحمد داش وعصام عمر بتفوق وحرفية المُشخِّصِين المُتَميِّزِين، فيما كان الأداء المحترف لصابرين وبسمة بالمقابل جيدا في دور والدتي الشابين، بعيدا عن زيادات وأوهام النجومية ولا أنانيتها التي تُعيق في كثير من الأحيان العمل وتُضعفه وتؤثر على صورته النهائية جَارَّة به للأسفل.
بَدا تَأثُّر نادين خان في “مسار إجباري” بأسلوب أبيها المخرج المتميز محمد خان، خصوصا في المشاهد الخارجية لشوارع القاهرة وناسها، ناقلة صخب الحياة وحيويتها وانكساراتها، وجاعلة الأحداث والشخصيات تجد لها مَنبَتا وأرضا خصبة في الواقع المصري الحالي. ومضيفة لقيمة المسلسل الفنية، بحيث جعلته يأخذ له مكانا متميزا وظاهرا ضمن مُجمل ماعرض إلى حدود النصف الأول من الموسم الرمضاني الحالي.
الحبكة الدرامية في مسلسل “مسار إجباري” كانت مكتوبة بشكل جيد، ومسارات الأحداث لانجد بها أية زيادات وإيقاعه مضبوط نسبيا في أغلب حلقاته، مع قفلات في آخر كل حلقة تجعل المشاهد متشوقا لمعرفة ما سيقع في الحلقة المقبلة، أما الشخوص فلديها دوافعها وخصوصيتها وكل واحدة تتميز بتركيبة نفسية تتصرف انطلاقا منها.
عبد الكريم واكريم