عبد اللطيف التحفي، فنان الزمن الجميل، والرجل المراكشي الأصيل، و التجربة الحياتية التي قلما يجود الزمان بها. طريح الفراش، يصارع اليوم تنين المرض، و يتشبث بأمل الإنتصار والرجوع أكثر قوة ونشاطا، لا يطلب غير الدعوات من جمهور الواسع، و مساندة الزملاء والأصدقاء، و إلتفاتة تخفف عن عائلته أعباء مصاريف العلاج الباهظة.
عبداللطيف التحفي، كان لي حظ التعرف على موهبته في المسرح، ممثلا شامخا متلونا حسب المواقف و الأدوار المسنودة له، ثم في التلفزيون من خلال بعض الأشرطة التلفزية ذات النفحة المراكشية، التي وقعها في كثير من الأحيان الثلاثي المراكشي: أشويكة و فركوس وأولاد السيد، قبل أن يلج عالم السينما ويوقع على حضور أكثر من لافت، خاصة في فيلم “الجامع” لداود اولاد السيد، من خلال أداء دور الفقيه المتنور، دور جعلني أفكر و الغصرار على الغشتغال معه بمجرد قراءتي لسيناريو “هالا مدريد فيسكا بارصا”، للسيناريست الصديق عثمان ىشقرا، و تعاطفي مع شخصية إمام المسجد المتفتح، أو الفقيه المغربي الغارق في تمغرابيت حتى النخاع بتسامحه و حبه للخير، و دفاعه عن ضعفاء الحي، في وجه السلطة المتجبرة لللملتحي الوهابي بولحواجب.
عبداللطيف التحفي، وهو يمد اليد لي خلال تصوير الشريط و يشاركني متعة الخلق، كان كنسمة هواء نقية أمدتني طيلة أيام التصوير بنسغ الجد و الإجتهاد و حب ما أصنع، كان ممثلا طيعا متعاونا في خدمة الدور وأبعاده الفنية، دون أن يتنازل عن قناعاته الفنية، أو يمارس التحذلق في تذكيرنا بأنه فنان كبير، وأننا مجرد حفنة من الممارسين الذين يخطون الاميال الأولى من الطريق، مثلما كان حكيما في كل تدخلاته عندما يدب التعب في أوصالنا ويخيل لنا جميعا أننا لن نستطيع مواصلة التصوير بسبب الحر الشديد، بمدينة مراكش وبلدة تمصلوحت خلال شهر غشت لسنة 2017، لقد كان صاحب الأحاديث اللبقة الطيبة عن الآخرين، خاصة منهم زملاء الحرفة، كلما سألناه عن ذكريات الممارسة الفنية الطويلة، مثلما كان فورة من العواطف الجياشة وهو يحدثنا عن عشقه للسينما، خاصة منها السينماالهندية ،وغوصه في التاريخ الفني للمغرب عامة و مدينة النخيل خاصة..
عبد اللطيف اليوم يعاني من وعكة صحية قاسية، نتمنى أن تكون طارئة لأن الفن المغربي بحاجة لتجربته وقوته و حكمته اللامتناهية في رأب الصدع و خلق جسور الود و الألفة في كل بلاطو تصوير يشهد مروره.
شكرا سي عبد اللطيف، على كل ما قدمت من عطاءات للفن والوطن، ولاتعتقد أننا سنودعك هكذا بسرعة، بل نحن متشبثين بك و ببقائك و بفنك الجميل.
عد لنا، يا تحفة الفن المغربي، سليما معافى، نحن في انتظارك لتحقيق مشروع إبداعي آخر معك..
عبد الإله الجوهري