في حدث تابعه العالم بأسره، وعلى وقع حفل استعراضي وموسيقي ضخم، وصل الموكب المهيب الذي حمل 22 مومياء فرعونية ملكية مساء السبت إلى “المتحف القومي للحضارة المصرية” في الفسطاط جنوب العاصمة قرابة الساعة 20:30 بالتوقيت المحلي (19:30 باريس). ومع وصول الموكب، أطلقت المدفعية 21 طلقة تحية للملوك، قبل أن يستقبله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
في موكب مهيب، نُقلت 22 مومياء فرعونية ملكية مساء السبت من المتحف المصري في ميدان التحرير وسط القاهرة إلى “المتحف القومي للحضارة المصرية” في الفسطاط جنوب العاصمة.
وقرابة الساعة 20,30 بالتوقيت المحلي (18,30 تغ)، وصل موكب المومياوات إلى مقرها الجديد في المتحف القومي للحضارة المصرية. ورافق المومياوات 60 دراجة نارية و150 حصانا وفرقة موسيقية من وزارة الدفاع، حسب السلطات.
وبث العرض مباشرةً على التلفزيون المصري وعبر تويتر. وتصدر هاشتاغ #موكب_المومياوات_الملكية المواضيع العالمية الأكثر سخون على الشبكة الاجتماعية. وأطلقت المدفعية 21 طلقة تحية للملوك، قبل أن يستقبلهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وضم الموكب 22 مومياء فرعونية، بينها مومياوات 18 ملكا و4 ملكات، أشهرهم رمسيس الثاني وحتشبسوت.
وتقدمت الخيول الموكب عند تحركه وسط أضواء زرقاء وبيضاء مبهرة من أمام المتحف المصري في ميدان التحرير الذي أعيد تخطيطه وافتتاحه لهذه المناسبة وتم تزيينه بمسلة فرعونية في وسطه أحيطت بأربعة كباش فرعونية نقلت خصيصا من الأقصر.
للمزيد- زاهي حواس: تخليد “حضاري وعلمي” غير مسبوق لمومياوات الفراعنة في متحف الحضارة المصرية
ونقلت المومياوات فوق عربات زينت على الطراز الفرعوني ونقشت عليها رسوم فرعونية. وينتمي الملوك والملكات إلى الأسر الفرعونية الممتدة من السابعة عشرة إلى العشرين. وبدأت الاحتفالية وسط اجراءات أمنية مشددة وأغلقت كل مداخل المناطق التي يمر بها الموكب. وسار الموكب مسافة سبعة كيلومترات إلى المتحف القومي للحضارة المصرية، في رحلة استغرقت قرابة 40 دقيقة.
خط سير الموكب
وأعلنت السلطات رسميا إغلاق محطة المترو السبت اعتبارا من الثانية عشرة ظهرا حتى التاسعة مساء. وأغلق الميدان كذلك أمام السيارات والمشاة. وقال عالم الآثار المصري زاهي حواس “العالم كله سيشاهد هذا الموكب الملكي.. ستكون أربعين دقيقة هامة في عمر مدينة القاهرة”.
ويفتح المتحف القومي للحضارة المصرية، وهو مبنى حديث في مدينة الفسطاط التاريخية بمنطقة مصر القديمة في جنوب القاهرة، أبوابه الأحد بعدما فُتح جزء منه عام 2017. لكن الجمهور لن يتمكن من رؤية المومياوات الملكية إلا اعتبارا من الثامن عشر من الشهر الجاري.
وتقدم الموكب الملك سقنن رع من الأسرة الفرعونية السابعة عشر (القرن السادس عشر قبل الميلاد)، واختتمه الملك رمسيس التاسع من الأسرة الفرعونية العشرين (القرن الثاني عشر قبل الميلاد). وضم الموكب “الذهبي للفراعنة”، الملك رمسيس الثاني والملكة حتشبسوت المعروفين على نطاق أوسع بين الجمهور. وصاحبت الموكب موسيقى عزفها فنانون مصريون.
“أمام أعيننا يمر تاريخ الحضارة المصرية”
وكانت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو أودري أزولاي التي حضرت الاحتفال إلى جانب السيسي، قد قالت إن نقل المومياوات إلى المتحف القومي للحضارة المصرية هو “نتاج عمل طويل للحفاظ عليها وعرضها بشكل أفضل”. وأضافت في بيان “أمام أعيننا يمر تاريخ الحضارة المصرية”.
واكتُشفت معظم هذه المومياوات قرب الأقصر اعتبارا من العام 1881، ولم تغادر المتحف المصري في ميدان التحرير بقلب العاصمة المصرية منذ بداية القرن العشرين. ومنذ خمسينات القرن الماضي، كانت الموميات معروضة واحدة بجانب الأخرى في قاعة صغيرة من دون شرح كاف بجوار كل منها.
وأقلت المومياوات كل في عربة بمفردها، في غلاف يحتوي على النيتروجين حتى تكون في ظروف مماثلة لتلك التي تُحفظ بها حاليا داخل صناديق العرض في المتحف المصري. وزودت العربات التي نقلت المومياوات بتجهيزات خاصة لاستيعاب الصدمات.
وفي المتحف القومي للحضارة المصرية، ستُعرض المومياوات داخل صناديق حديثة مزودة بتقنيات “لضبط درجة الحرارة ومستوى الرطوبة، أكثر تقدما من تلك الموجودة في المتحف القديم”، بحسب ما قالت لوكالة الأنباء الفرنسية سلمى إكرام، أستاذة المصريات في الجامعة الأمريكية بالقاهرة المتخصصة في التحنيط.
وستُعرض كل منها منفردة إلى جانب التابوت الخاص بها بطريقة تشبه المقابر الملكية المدفونة تحت الأرض، مع نبذة تعريفية عن كل ملك وكل القطع الأثرية المرتبطة به. ويقول حواس “ستعرض المومياوات لأول مرة بطريقة جميلة لأغراض ثقافية وليس من أجل الإثارة”.
ويضيف “لن أنسى أبدا عندما اصطحبت (الأميرة) مارغريت، شقيقة الملكة إليزابيث الثانية، إلى المتحف .. أغمضت عينيها وهربت”.
وإثر الضربات الموجعة التي تلقتها السياحة المصرية عقب ثورة 2011 التي أطاحت الرئيس المصري حسني مبارك، تسعى مصر إلى استعادة ملايين الزوار من خلال الترويج لمتاحفها الجديدة ومن بينها متحف الحضارة.
نقل المومياوات ولعنة الفراعنة
كذلك ستفتح مصر خلال شهور متحفا آخر هو المتحف المصري الكبير قرب أهرامات الجيزة الذي سيضم كذلك آثارا فرعونية أبرزها مومياء توت عنخ آمون (القرن الرابع عشر قبل الميلاد) ومجموعته كلها التي اكتشفت في العام 1922.
وقال وليد البطوطي، مستشار وزير السياحة والآثار، على قناة النيل الدولية، إن العرض “يبين أنه وبعد آلاف السنين، ما زالت مصر تكن تقديرا كبيرا لقادتها”.
وأثار “الموكب الملكي” تعليقات كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يسلم من روح الفكاهة والتندر لدى المصريين الذين اعتبروا أن جنوح السفينة في قناة السويس وحادث قطار الصعيد الذي أودى بحياة 18 شخصا في الأيام الماضية هما نتاج “لعنة الفراعنة” تعبيرا عن استيائهم لنقلهم من مرقدهم الحالي.
واعتاد المصريون على وصف أي حدث حزين أو مأسوي بأنه نتاج “لعنة الفراعنة”، من باب التندر. وسبق أن ورد ذكر “لعنة الفرعون” في عشرينيات القرن الماضي بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون وما أعقب ذلك من وفيات اعتُبرت غامضة بين أعضاء فريق علماء الآثار الذي اكتشفها.
أ ف ب