عُرض يوم أمس الأحد ضمن عروض المسابقة الرسمية للدورة 21 لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة فيلم “سفر المنسيين” للمخرج البينيني “سينامي كبتي هوغبي”. ويتناول الفيلم قصة إمرأة مسلمة شابة تهاجر من شمال نيجيريا إلى البينين سعيا لتحسين أحوال أسرتها المكونة من زوجها وابنتها البالغة من العمر إحدى عشرة سنة، وذلك بعد الأوضاع الغير مستقرة والمليئة بالعنف التي تعيشها منطقتها وبعد وفاة أقاربها نتيجة ذلك.
ويحاول المخرج البينيني في فيلمه هذا أن يرسل رسائل فنية تتضمن تعاطفا مع الآخر المختلف وتدعو للتسامح الإنساني والديني، إذ أن “ناوو” المُنقَّبَة تجد صعوبة في الاندماج وإيجاد عمل حينما تصل للبينين نظرا لكونها تمثل للآخرين المسيحيين غالبا نوعا من التهديد ، وهذا ما سيقع لها مع امرأة مسيحية يُقرِّر زوجها تشغيل “ناوو” لكنها تتحفظ على ذلك وتظل طيلة لحظات الفيلم مترددة بين حس إنساني يجعلها تعطف على المهاجرة وبين تَحَفُّظ غريزي يُحذِّرها من الثقة بها وتَقبُّلها كما هي باختلافها. ومع تقدم أحداث الفيلم وفي لحظة تهوُّر قصوى تُقدِم “ناوو” على سرقة مُشغِّلِيها ثم اختطافهم حينما يكتشفون ماقامت به حتى يُؤدُّوا لها مبلغا من المال كانت في أمس الحاجة إليه كي تستقر بالبينين قبل أن تعود إلى ابنتها وزوجها، هذا الأخير الذي سيكون قد أخذ يساوره الشك في أَنَّ زوجته قد نسيته وارتبطت بشخص آخر في البينين الأمر الذي لم يحدث أبدا إلا في مخيِّلته. وفي غمار هذا اليأس يوهم الزوج ابنته بسفر وهمي سيقومان به بدورهما فيما يضع سما قاتلا في الأكل يتناوله الإثنان ليُودِّعا الحياة ولتعود الأم لتجد أن كل ما عانته من أجل أسرتها قد ذهب أدراج الرياح.
الفيلم ذو نفس إنساني، ولا يُدين أيّا من شخوصه بقدر ما يبحث لهم عن مبررات وأعذار لما يرتكبونه في حق الآخرين وبقدر إدانته للأوضاع العامة المتردية ورُبَّما وبشكل موارب وغير مباشر الجهات التي كانت وراءها. ورغم أن الفيلم يعاني من بعض الهنات في السرد الفيلمي إلا أن طغيان ذلك الحس الإنساني يغفر له ذلك، إضافة لكونه الفيلم الأول لمخرجه سينامي كبتيهوغبي بعد ثلاثة أفلام قصيرة.
عبد الكريم واكريم-خريبكة