فيلم “كايي مالكا” لمريم التوزاني يستحق المشاهدة لعدة أسباب من بينها أنه يحتفي بفضاءات طنجة بشكل مختلف، صعب أن يصوره مخرج أو مخرجة غير طنجاويين، ولا يعرفون هذه الأماكن في المدينة القديمة المختارة بعناية طيلة طفولتهم وما بعدها.
ثانيا لكونه يعيد الاعتبار عبر قصة سينمائية ممتعة لشريحة عمرية قليلا ماتهتم بها السينما ليس المغربية فقط بل في العالم، واضعا الأصبع على رغباتها وشبقها وعشقها للحياة وتمسكها بها لآخر رمق حتى لو كانت كل الظروف ترغمها على فعل عكس ذلك.
بفيلم “زنقة مالقة” وصلت مريم التوزاني للنضج السينمائي الذي كانت تسعى إليه بفيلميها الأولين “آدم” و”أزرق القفطان”.
الممثلةالإسبانية الثمانينية كارمن ماورا لم تكن هنا في موقف تثبت لنا فيه قدرتها وتمكنها كمشخصة متمكنة، هي التي شاهدناها وأعجبنا بأداءاتها التشخيصية في أفلام مخرجين متميزين من بينهم بيدرو ألمودوفار، كارلوس ساورا، فرنسيس فورد كوبولا كلود شابرول وآخرين. وقد تقمصت الشخصية الرئيسية في “كايي مالكا” بتمكن.
لكن ونحن نشاهد هذا الفيلم الطويل الثالث لمريم التوزاني، نلاحظ أنها كانت صارمة مع نفسها أولا وهي تنجزه لتوصل أحاسيسها الخاصة، قبل أن تكون صارمة مع طاقمها التشخيصي كما عبرت عن ذلك وعبروا عنه هم أيضا وهم يقدمون الفيلم للجمهور.

لايمكننا سوى أن نستدعي ونحن نشاهد “زنقة مالقة” فيلم “خوانيتا بنت طنجة” للمخرجة الطنجاوية الأخرى المخضرمة فريدة بليزيد الذي اقتبسته عن رواية للكاتب الإسباني الطنجاوي أنخيل فاسكيز، إذ أن نقط التقاء وتقاطع الفيلمين ظاهرة للعين السينفيلية، خصوصا في تركيبة الشخصيتين الرئيسيتين بالفيلمين، بحيث نجدنا ونحن نشاهد فيلم التوزاني وكأننا نتتبع نفس شخصية بليزيد حيث تركناها في نهاية فيلم “خوانيتا بنت طنجة” وهي تائهة في طنجتها التي ولدت وعاشت فيها لكنها وجدت نفسها في آخر المطاف تهيم في فضاءاتها، هي التي لاتعرف غيرها لها موطنا وملاذا.
إضافة للحرص على التعبير والإيصال في الفيلمين بشكل فني موارب بحيث يكون الفضاء الطنجاوي المصور محتضنا وطاردا لشخوصه في نفس الآن، هذه المعادلة التي تحمل تناقضات من داخلها والتي لايمكن أن يستوعبها وينقلها إلى الشاشة سوى من انكوى بها في طنجته التي يعرفها حق المعرفة.

عبد الكريم واكريم- مراكش

