الرئيسيةالسينما المغربيةأتومان: الصعود الملحمي لأول بطل خارق مغربي

أتومان: الصعود الملحمي لأول بطل خارق مغربي

أتومان ، أول بطل خارق مغربي

فيلم “أتومان، راكب الريح” هو تجربة سينمائية فريدة من نوعها في السينما المغربية والإفريقية، إذ يُعد أول فيلم مغربي يتناول قصة بطل خارق مستوحى من الثقافة المغربية والأمازيغية. من إخراج أنور معتصم، يمثل الفيلم نقطة تحول في إنتاجات الخيال في المغرب وشمال إفريقيا، مقدمًا رؤية جديدة تعكس الهوية المحلية من خلال الأزياء والديكورات والموسيقى.

تدور أحداث الفيلم حول حكيم إمليل، قرصان حاسوب مطلوب من الإنتربول لاختراقه خوادم مختبرات دولية. يتم القبض عليه أثناء اختبائه في جزيرة، ثم يُسلّم إلى السلطات المغربية التي تعرض عليه صفقة لتجنب السجن: العمل كقرصان أخلاقي لمكافحة الجرائم الإلكترونية. رغم تردده في البداية، يجد حكيم نفسه متورطًا في تحقيق يكشف له عن أصوله الحقيقية، ليُدرك أنه الحصن الأخير ضد الفوضى ويجب عليه أن يصبح “أتومان”.

“أتومان” تعني “رجل الريح” باللغة الأمازيغية، وهوية البطل الخارق تتجذر في الثقافة المغربية من خلال عناصر متعددة في الفيلم مثل الأزياء والديكورات والموسيقى. هذه الهوية تمثل انعكاسًا حقيقيًا للتنوع الثقافي المغربي، حيث يمتزج الإرث الأمازيغي بالعناصر العصرية.

على الصعيد الفني، يضم الفيلم طاقمًا من الممثلين المعروفين من المغرب ومالي وفرنسا وبلجيكا. يؤدي دور البطولة مغني الراب الشهير “لارتيست”، ويشاركه في التمثيل سامي ناصري، دودو ماستا، وسارة بيرلس. هذه التوليفة المتنوعة من الممثلين تضيف بعدًا دوليًا للفيلم، وتمنحه فرصة للوصول إلى جمهور أوسع.

قصة الفيلم تتطور من خلال اكتشاف حكيم إمليل لحقيقة أصوله عندما يبدأ في العمل مع وحدة الجرائم الإلكترونية المغربية. يتعين عليه مواجهة سلسلة من الهجمات الإلكترونية التي يقودها تشينوي، زعيم مافيا الدار البيضاء. أثناء التحقيق، يكتشف حكيم أن البنك المخترق يديره لوكهام، مصرفي ذو وجه ودود يخفي خلفه شخصية إجرامية معقدة.

لوكهام ليس مجرد مجرم عادي، بل هو شخص مختل عقليًا سرق أسطرلابًا مميزًا من حفريات أثرية في مدينة أطلانتس المفقودة. هذا الأسطرلاب القديم يمنحه قوة خارقة يريد استخدامها للسيطرة على العالم. مع تزايد الخطر، يستيقظ في حكيم قوى خارقة ورثها من أصوله العربية والأمازيغية، ليُدرك أن قدره الحقيقي هو أن يصبح “أتومان”.

رحلة البطل في الفيلم ليست مجرد معركة ضد الأشرار، بل هي رحلة اكتشاف الذات، حيث يتعلم حكيم كيفية السيطرة على قواه الجديدة ويستوعب مسؤوليته في حماية الأبرياء من القوى التي تهدد العالم. توازن الفيلم بين التشويق والإثارة من جهة، واستكشاف البعد الإنساني للشخصيات من جهة أخرى، ما يجعله عملاً مميزًا في نوعه.

من حيث الإنتاج، بدأ التصوير في ديسمبر، وتم تصوير المشاهد في المغرب وفرنسا ودولة إفريقية جنوب الصحراء لم يتم الإعلان عنها بعد. الفيلم من إنتاج شركة “Aicha Abbouzied Von Atlas”.

أما عن المخرج أنور معتصم، فهو فنان بلجيكي من أصل مغربي، استلهم أعماله من الفن منذ سن مبكرة، وتابع دراسته في التصوير الفوتوغرافي وصناعة الأفلام. بدأ مسيرته بإخراج فيلم قصير مخصص لمغني الراب “سوبرانو”، قبل أن ينتقل لإخراج عدة مسلسلات نالت إعجاب الجمهور مثل “ألف ليلة وليلة”، “المسيرة الخضراء”، “#كود” و”ريزو”. حصل معتصم على عدة جوائز من بينها جائزة الذهب في مهرجان “كريستال أووردز” الإفريقي.

ما يميز تجربة أنور معتصم في “أتومان” هو تقديمه لبطل خارق مغربي للمرة الأولى، الأمر الذي جذب اهتمام محبي أفلام الأبطال الخارقين، لا سيما في ظل الافتقار إلى أبطال خارقين من أصول عربية أو أمازيغية في السينما العالمية.

الفيلم ليس فقط محاولة لإدخال نوع سينمائي جديد إلى المغرب، بل هو أيضًا تكريم للثقافة المغربية والإرث الأمازيغي. عبر المزج بين عناصر الخيال العلمي والدراما الإنسانية، يقدم “أتومان” قصة ملحمية تتناول قضايا الهوية والانتماء والصراع بين الخير والشر.

في الختام، يشكل “أتومان، راكب الريح” خطوة جريئة نحو مستقبل مشرق للسينما المغربية، حيث يعيد تعريف دور البطل الخارق من خلال عدسة ثقافية جديدة. الفيلم ليس مجرد قصة مغامرة، بل هو رسالة تحمل في طياتها قوة التراث المغربي وقدرته على الإلهام في عالم السينما.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *