تقديم
يحيل عنوان المقالة على أحد أفلام المخرج والذي سيكون ضمن قائمة تضم فيلمين آخرين سوف يشكلان محطة للوقوف عندهما ،ويتعلق الأمر بكل من فيلم حصان طورين، والشيطان يرقص الطانغو ،وهرمونيات وريكمنستر وهي بالمناسبة كلها اعمال روائية لنفس الكاتب الهنغاري لازلو كراسزناهوركاي ،وقد تم اختيار هذا العنوان لما له من دلالة رمزية في البناء الفلسفي والقيمي للمخرج الذي عادة ما يعتمد على اقتباس روايات حبلى بنفس الانشغالات السوسيولوجية والسياسية لمرحلة ما بعد سقوط النظام الشيوعي في أوروبا الشرقية، والتي تركت لا محالة اثرا دفينا ليس في نظرته لواقع بلاده فحسب ، ولكن أيضا في محاولته الثاقبة لتطويع اللغة السينمائية من أجل جعلها قادرة على تمثل حالة الوجع والتذمر التي يعيشها جراء إنهار كل شيء حوله.
تعريف أولي
بيلا طار مخرج سينمائي من هنغاريا ولد سنة 1955 ولم يكن في منجزه أكثر من خمسة هي: العش العائلي سنة 1979 ثم الغريب سنة 1981 وعلاقات مفبركة سنة 1982 ثم يوميات الخريف سنة 1985 ثم لعنة سنة 1988 وهو الفيلم الأكثر سوداوية في تاريخ الفن السابع، بعدئذ جاءت أفلامه اللاحقة كهارمونيات ويركميستر سنة 2000 ورجل لندن سنة 2007 ثم فيلم حصان طورين سنة 2011.
أنجز بيلا طار ما مجموعه تسعة أو عشرة فيلما بين سنتي 1979 و 2012 .هو ذو حس وجودي رهيف وإحساس بالمعدومين بل بحالة اليأس والعمى التي تعيشها حضارة اليوم بعد هجوم القيم الرأسمالية على الشعوب والدول خصوصا بعد استئساد الزعماء الشعبويين ووصولهم إلى سدة الحكم واقترافهم للعديد من المآسي والسلوكات العدوانية في حق الطبقات الفقيرة وخصوصا المهاجرين على سبيل الحصر. ويجد المخرج عزاءه في السينيفيليين والمثقفين الذي يقدرون أعماله ويدافعون عنها بكل حب وشغف كما أن أفلامه مثيرة للجدل وعادة ما لا تترك المشاهدين في حياد تام فيما يجدها البعض غامضة وطويلة بل مملة .
لا ينجز بيلا طار أفلامه من فراغ بل استنادا إلى تجاربه الشخصية وتجارب الآخرين من خلال معايشة اليومي الذي تغرق فيه شخصياته. هو بذلك يتميز بحدس نقدي وفني عميقين تمكناه من ترجمة هشاشة الوضع الإنساني من خلال قصص يبنيها عن مهل ومن خلال أحداث تبدو للعيان وكأنها أحداث جد عادية لدرجة مملة، لكنه بمجرد ما يتم دمغها في محوري الزمن والمكان حتى تتحول إلى شكل من أشكال الأساطير اليومية لأناس عاديين يكابدون الوقت لما وجدوا أنفسهم فيه من وضع يصعب تجاوزه ومن حالة وجدانية تلح باستمرار على واقعهم ومشاعرهم وفي ذلك إحالة على شخصيات كافكا أو كونديرا وعالمهما السفلي.
الرهان الشعري والجمالي لتجربة بيلا طار السينمائية
يتم الرهان على دلالات الرؤى المنبعثة من تشكيل اللقطات وكيفية تحريك الكاميرا وهي تحاول إبراز حجم المعاناة البشرية من خلال الوضعيات المتكررة للأب وهو بالكاد يقبض على نفس صحن البطاطس الساخنة كل يوم، ويعمل المخرج على تقديم ذلك في قالب جمالي مازجا بين اللونين الأبيض والأسود الذي يعتمدهما في أفلامه وكأنه بذلك يقول لنا لا تنتظروا مني أن أنقل الواقع بل أنا بصدد خلق جمالية فنية موازية له لا غير.
يختزل الفيلم ويختزن بشكل شاعري الوجود برمته في تفاصيل حيواة عادية يدفع المشاهد فيها دفعا من خلال إطارات الكاميرا التأملية نحو سخونة الحياة المعروضة عبر إطار النافذة الذي يبقى هو الرابط الواقعي الوحيد مع العالم الخارجي مقابل شلل الداخل، فالظلام الدامس والإيقاع الرتيب للحياة يخلقان جوا من التقشف الصوفي في كل شيء تقريبا، في الديكور ،في الكلام وفي الأحداث. وحدها نار التدفئة ومصباح الحائط الحجري هما الدليلان الوحيدان على نبض الحياة مع بروز صوت الراوي الذي يخرج بنا من بوثقة المتخيل إلى تعليق على ما يحدث أو إرشادا نحو علامات أخرى في قيامة المعنى.
يتم استشعار تلك المعاناة كإحالة مجازية لنوع من الجحيم الذي يعمق من مدلوله رمزية المطر والوحل وغياب الضوء. ويمكن القول أن الرجل في جل أفلامه المذكورة يتحكم بشكل دقيق في كيفيات تشكل الصور وبنائها جاعلا من مهامها الأساسية نقل الأحاسيس الإنسانية لواقع شخصيات بشكل يتجاوز حدود المعقول ليعانق ما هو سوريالي وبدون أي معنى .غير أن ذلك كله لا ينفي عن المخرج التزامه بل وعيه السياسي الحاد وطريقة انتقاده للوضع الراهن في أوروبا الشرقية وما حصل بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتبعات ذلك من خراب وفوضى.
كتب الروائي لازلو كرازناهوركاي رواية الشيطان يرقص الطانغو وترجمت للفرنسية عن منشورات غاليمار سنة 1985 غير أن بلا طار لم يحولها إلى عمل سينمائي إلا سنة .1994 ويتشكل الفيلم من 150 لقطة متوالية موزعة على 12 فقرة تمتد في أصل الفيلم الذي يتجاوز سبع ساعات حيث ينتهي كل فصل بتعليق للراوي عن الأحداث .
يمزج الفيلم بين التيه وما هو غرائبي وتراجيدي حيث يوجه المخرج نقدا لاذعا للنظام الشيوعي الذي خرب بلاده . تدور أحداث الفيلم في يوم ممطر من أيام أكتوبر متمحورة حول سيناريو الفيلم الذي يصاحبنا مع اجتماع إثنى عشر نفرا من الرجال والنساء السكارى على تل مهجور عرضة للريح والخراب وهم غرقى في الكحول، بينما يرقد جثمان طفلة ميتة في البيت.
يروي الفيلم أحداث مجموعة من الأشخاص منهم العامل والطبيب، والمعلم والمزارع بعدما تم بيع مزرعتهم الجماعية وهم في حالة من الانتظار البئيس ملتفين حول سيدة مهملة من طرف النظام الشيوعي البائد. يفرض المخرج أسلوبه في تصوير المشاهد بلقطات ترافلينغ وهي تتابع شخصيات متهالكة تأثث عمق الإطار وكأنها أشباح تعيش حلم الامتداد في الزمن.
شخصيات الفيلم متواطئة على بعضها البعض في جو من التوجس والشك من كل شيء حيث البعض ينام مع نساء الغير ويتم نقل ذلك من خلال أشد المشاهد شاعرية في تاريخ السينما حينما يرقص العمال على رقصة الطانغو حيت يعطي المخرج لنفسه الوقت الكافي لنهح أسلوب السينما المتأملة مصورة تساقط زخات المطر على زجاج النافذة أو خروج قطيع البقر من الإسطبل. مشاهد تستغرق أكثر من خمسة دقائق. واعتبر في رأي العديد من متتبعي تاريخ السينما كأيقونة سينمائية بكل المعايير.
لقد تم عقد صفقة بيع قطيع بقر المجموعة والكل ينتظر ويحلم بحقه في وصول المال لتغيير الوضع أو بالهروب نحو جهة أفضل. لم تقرع أجراس الكنيسة كالعادة لكنه سمع مؤخرا قرعها وهو الصوت الذي سيتلازم على طول فقرات الفيلم، وحتى شخصية إيريمياس التي أعتقد أنها فارقت الحياة واختفت بعد موت الطفلة تعود للظهور مجددا مرفوقة بصديقه بيترينيا ومعهما بوادر بروز النظام الرأسمالي.
يتساءل الكل هل إيريمياس فعلا منقذ كالمسيح ويأتي حاملا رسالة وبشائر للناس أم هو مجرد دجال ينمق الكلام لينصب على أموال الغير، ويؤدي وظيفته كمخبر للبوليس موهما السكان أن يسلموه حقوقهم كي يستثمرها مجددا ويحقق لهم الأرباح بل مستغلا موت الطفلة التي ظلت تحمل حلما بين أضلعها بعدما تخلى عنها الكل لتلقى حتفها المشؤوم.
شخصية إريمياس غامضة ويعززها رفيقها بيترينا وهو شبيه بسانشو مع دون كيشوت اللذان يبيعان الوهم للغير بعدما فشلت كل المحاولات الثورية والحضارية في إضفاء المعنى على أفعالهم. فكل من إيريمياس ورفيقه يستعملان لغة لا مرجعية لها في الواقع وهي شبيهة إلى حد كبير بلغة الشرطة والأمن في بعدها الأجوف والنكوصي وكلاهما وجهان لحالة الاختناق الحضاري الذي نعيشه.
كل الشخصيات في الفيلم باتت عرضة للاستغلال والإهمال بل إن وضعها يدعو للشفقة والضحك.الكل به نوع من الميول نحو العنف حتى الطفلة الصغيرة إيسيكي ذات العشر سنوات لا تكف عن تعذيب القط بل تنتهي بتسميمه بسم الفئران بشكل عدواني ومجاني حيث سيؤول بها المطاف ميتة بعد أن انتقمت منها الطبيعة ومرضت بالسل .
لا يعمل المخرج على تقديم أي بديل للوضع المأساوي بل يسعى إلى تقديم جملة من وجهات نظر وذلك عبر سلسلة من المشاهد الطويلة التي تبرز دافع كل شخصية على حدة معيدا الحكاية إلى بدايتها ومقلبا أوجهها المتعددة. بل يذهب أحيانا إلى تصوير نفس المشهد في موضع آخر من الفيلم ولكن من زاوية مغايرة. إن فيلم الشيطان يرقص الطانغو يعرض أمامنا الأشياء وهي تتشكل في بوثقة اليومي بهوس فينومينولوجي يحفر في الزمن. كما أن المخرج لا يبدي أي تعاطف مع شخصياته الذميمة.
يلاحظ كيف يجعل المخرج من شخصياته ممثلين وممثلات منهمكين في حركات كوريغرافية تلتقط الكاميرا تموجاتها وهي تندمج بمحيطها الفقير ،من دون توليف يجزئ اللقطات معتمدا على دمغها ببعضها البعض دون الخضوع لمنطق البداية والنهاية حيث يتحرر الزمن من خطيته متراميا في تطريز حيوات الشخصيات وتفاصيل عيشها النكد.
أجواء أفلام بيلا طار عادة كئيبة وينقصها النور وقد يزيد الوحل والمطر من تراجيدية الشخصيات الغارقة في بؤسها وفي ضبابية الرؤية لديها، إنها منتظرة فرجا يأبى أن يلوح. هي سيزيفية بامتياز حيث ضلت بشرطها الوجودي الهش عن طريقها نحو الخلاص، فلا هي قادرة على التقدم وأخذ مبادرة تغيير وضعها ولا هي تمتلك شجاعة الفعل لتجاوز محنتها.
خلف هذا الجو القيامي والمفعم بما هو غنوصي وغامض يحضر عنصر الشر في أبشع تجلياته وهو يصاحب الشخصيات في ليلها الثقيل حيث لا أثر لنور إلهية قادرة أن تنقد البشر، وفي ذلك إشارة لإلحاد المخرج بكل فكرة للخلاص معتمدا على جمالية البحث في تفاصيل العدم بين قرع الأجراس كعلامة على السلم وبين السقوط في مخالب الغزو العثماني.
يصر الفيلم أن يسلمنا لمشاهد غاية في الظلامية الملازمة لصمت الكوابيس والموتى الذي يجب أن نتذكرهم كل وقت وحين ونبني معهم حوار الحياة والموت ،وهي الأفكار والخرافات التي تتشبث بها شخصيات الفيلم بشكل مهووس وغبي حيث ينتظر الكل عودة أشباح موتاهم وهم في حالة من التذمر، ولعل السبب في ذلك يلمح الفيلم يعود للنظام الشيوعي الذي فرض على الناس نمطا معينا في التفكير وأفرغهم من كل إيمان روحي بل حولهم إلى أجساد محنطة ليس إلا. وبذلك يحق للمخرج بيلا طار ومن خلال عمله السينمائي الباذخ أن يدخل تاريخ السينما من بابه الواسع.
عن فيلم هارمونيات ويركميستر2011
الفيلم من نوع الأفلام الروائية الدرامية بالأبيض والأسود ومدته تتجاوز الساعتين، وهو من إنتاج مشترك بين كل من هنغاريا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا. ينبني الفيلم على نظرية عالم موسيقى يرى أن مشاكل العالم يجب أن تحلها بعض المواضيع المتعلقة بالإيقاع والتناسبية في الموسيقى.يعتبر هارمونيات ويركميستر تاسع فيلم للمخرج بيلا طار والذي خرج سنة 2011 وهو مقتبس عن رواية حزن المقاومة للروائي لازلو كرازناهوركاي الذي ألفها سنة 1989 وهو عبارة عن مرويات مشهدية في ستة وثلاثون مشهدا عن حالات اليأس وفقدان الهوية لمدينة هنغارية صغيرة حل بها سيرك متنقل يحمل سمك الحوت في شاحنة كبيرة. يحاول الشاب يانوس ضبط الأمور في مدينة فقدت فيها موازين الأمور مما يجعله يفقد الثقة أصلا في نفسه بل حتى إيمانه بخالق الكون.
عن فيلم حصان تورين سنة 2011
تعود قصة فيلم حصان تورين لفترة من نهاية مسار الفيلسوف فريديريش نيتشه حيث كان يتجول بساحة ألبيرطو بمدينة تورين يوم الثالث من شهر يناير سنة 1889 فلفت انتباهه رجل يضرب بشدة حصانه، الشيء الذي جعل نيتشه يفقد صوابه ويضم عنق الحصان لصدره باكيا بكاء الأطفال ثم اعتكف في بيته وتوقف عن الكتابة ليغرق في الحمق والعذاب.
وتشكل هاته الحادثة مقدمة الفيلم الذي يروي عن مذكرات أب وابنته وحصانهما في قرية مهجورة بعد سنوات من حرب تنذر بجو يشبه نهاية العالم.


فيلم حصان تورين أو قيامة المعنى
يمكن القول أن فيلم حصان تورين إنما هو سلسلة من الرؤى والصور الفوتوغرافية الموزعة على أيام تمضي أمامنا ويصاحبها راوي يعلق على الأحداث ويربط فيما بينها ،والتي يجمع تمفصلاتها العامل الزمني باعتباره الهاجس الجمالي الذي يشتغل عليه المخرج بإلحاح واستمرار مقتنعا أن السينما هي الفن الأجدر على القبض والتلاعب بالزمن، وهو بذلك يتقاطع مع المخرج الروسي أندري طاركوفسكي حيث يتم توظيف اللقطات الطويلة النفس ذات الزوايا التي تفرض نفسها على العين تاركة للمشاهد مساحة التنفس والإدراك دونما أي استعجال من أمرها.
ففي فيلم حصان تورين دائما تتناوب الكاميرا على تصوير الأب والابنة محاولة التسلل لعلاقتهما الملتبسة والمرتبكة وغير الثابتة، تارة باقترابهما من بعضهما البعض وتارة بالنفور، ،الشيء الذي يحصل عبر سلسلة من اللقطات والوضعيات التي تتجاوز في كثير من الأحيان هاجس الرابط بينها من أجل الحفاظ على تدفق الزمن.
إن تقديم المشاهد في سينما بيلا طار يتم بشكل جنائزي ولولبي حيث تتحرك الشخصيات في أمكنة عادة ما تكون مقفرة وفي مهب ريح يمسي فحيحها لازمة في خلفية الإطار الصوتي للفيلم برمته إذ تتحول إلى رابط موضوعاتي وجمالي للفيلم.
تتسم أجواء الفيلم بنوع من الغرائبية الثقيلة على النفس تنقلها نفسية الشخصيات التي تغرق في اكتئاب دفين يضفي على طقوس يومياتها من شحن للعربة، وجر الحصان، وإعداد الوجبات لتصبح بمثابة شعائر وجودية ذات معنى مفقود لكونها مكررة ومملة لدرجة لا تطاق.
تقوم المشاهد التي تجمع ابنة الأب في الفيلم بما تقوم به كل يوم من تغيير ملابس أبيها وإعداد وجبة البطاطس المسلوقة دون أن تنبس بكلمة حيث يظلان مكتفيان بالنظر إلى بعضهما في تواطئ وصمت رهيبين مصحوبة بموسيقى روحية من دون تقطيع يذكر للمشاهد ولا يتبادلان أطراف الحديث إلى لماما أو لأمر مستعجل يفرضه الحوار.
حول بعض الخاصيات الأسلوبية للمخرج
يلتزم المخرج بأسلوبه المعروف في طريقة إخراجه لروائعه السينمائية وذلك من خلال مجموعة من الخاصيات الأسلوبية والتي يمكن إجمالها نوعا ما فيما يلي:
-توظيف اللقطات الطويلة والبطيئة مع غياب اللجوء للتقنيات المتطورة في تحريك الكاميرا.
-استخدام لقطات منسابة ومتشابهة فيما بينها متنقلة من محور للكاميرا إلى آخر دون توقف تاركا بالكاد مسافة زمنية ومكانية بينهما.
-اللعب على تقنية المنظور والمحصلة غالبا لنوع من الملل حيث يجد المشاهد نفسه مدفوعا للتورط في هاته اللعبة البصرية بامتياز.
وبذلك ينتمي هذا الاختيار الجمالي والأسلوبي في التصوير لتيار أندري بازان الذي نادى بعدم قطع المشهد أو باللجوء إلى الحذف وهوما يمكن أن يجعل من أسلوب بلا طار في التصوير بدائيا في تصوير مشاهد الحياة عارية ،بهية وبئيسة وهي تتدفق أمام أعيننا دون اكتراث يذكر لتفضيل دواع فن التقطيع ومستلزماته.
يحاول المخرج أن ينتقم نوعا ما للمحذوف ولما يظل مكبوتا في الكواليس وما يعمل جل المخرجين على إخفائه أو القفز عليه. فهاجسه بالأساس ليس فقط تصوير اللقطات ولكن تصوير ما يقع بين الواحدة والأخرى من انتظار وشوق لمعرفة الخفي، أي بمعنى آخر تصوير حركات الأجساد وهويتها وطرق مشيها وهي تخطو نحو الآخرين، وخصوصا وقد يكون بعضها منتشيا بالسكر ولا يدرك أين تقوده خطواته اللامتناهية ،كما يصور وجوها خالية من أية تعبير يذكر فلا هي قادرة على الضحك ولا على البكاء غارقة خلف أقنعة دائمة. وبناء على ذلك يمكن القول أن المخرج يبرع في تحويل القبح إلى سيمفونية كئيبة غير أنها رائعة وآسرة للمشاهدة.
ناقد سينمائي وكاتب – المغرب