أكد الممثل الفرنسي الجزائري طاهر رحيم، أحد أبرز الوجوه في السينما الفرنسية والدولية، أن الولوج إلى عمق شخصية سينمائية يظل أصعب بكثير من التخلي عنها بعد انتهاء التصوير، مبرزاً أن أداء أي دور يتطلب وعياً كبيراً بالأحاسيس الداخلية والتعاطف الإنساني، مع الحفاظ على رؤية الممثل الخاصة أثناء العمل أمام الكاميرا.
وجاءت تصريحات رحيم خلال مشاركته، اليوم الأربعاء، في فقرة “حوارات” ضمن الدورة الثانية والعشرين للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، حيث تحدث بشغف عن علاقته بالفن السابع، مؤكداً أن السينما “مهنة لا تستقيم دون حب حقيقي وشغف متواصل”، وأن حدود الأداء يحددها العمل نفسه وطبيعته.
وأشار طاهر رحيم إلى أن ارتباطه العاطفي بطفولته ما يزال يلهمه في مساره الفني، معتبراً أن تلك المرحلة المليئة بالبراءة شكلت أساس حساسيته كممثل. كما توقف عند سنوات مراهقته في مدينة بلفور الصغيرة، حيث كانت قاعات السينما تشكل منفذاً للهروب من الضجر ومتنفساً لخياله في زمن لم تكن فيه الأفلام متاحة بضغطة زر كما هو الحال اليوم.
وفي حديثه عن بداياته، كشف رحيم أنه انتقل إلى باريس ليمنح حلمه فرصة حقيقية، حيث اشتغل بالتوازي مع متابعة دروس في المسرح، وهي التجربة التي صقلت أدواته المهنية وأسست منهجه الخاص في الاشتغال على الشخصيات. وأضاف أن النجاح في السينما لا يقوم فقط على قبول الأدوار، بل أيضاً على رفض بعضها، مؤكداً أنه خاض معارك كثيرة لاقتناص فرص العمل مع مخرجين كبار.
وأوضح الممثل أنه نادراً ما يعيد مشاهدة أفلامه حتى لا يركز على أخطاء محتملة أو أشياء كان يمكن تحسينها، معتبراً أن الابتعاد عن الأعمال السابقة يساعده على خوض كل تجربة جديدة بذهن صافٍ ومن دون تأثيرات سابقة.
وقد شكل فيلم “نبي” للمخرج جاك أوديار سنة 2009 نقطة التحول في مسار طاهر رحيم، حيث حصل من خلاله على جائزتي “سيزار” واكتسب شهرة عالمية واسعة، قبل أن يؤكد حضوره بدور رئيسي في عدة أعمال دولية بارزة، من بينها “نسر الفيلق التاسع”، “الحب والكدمات”، و“الذهب الأسود”.
وفي سنة 2013، حضر بقوة في مهرجان كان بفضل فيلمي “الماضي” لأصغر فرهادي و“غراند سنترال”، ليستمر بعد ذلك في ترسيخ مساره العالمي من خلال مشاريع سينمائية مرموقة، منها دوره في فيلم “القطع” لفايت أكين.
كما أدى دور شارل أزنافور في فيلم “السيد أزنافور”، وهو الدور الذي أهّله لترشيح لجائزة سيزار لعام 2025، قبل أن يشارك في الفيلم المتوج “ألفا” للمخرجة جوليا دوكورنو ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان كان.
سينفيليا

