عرض مساء أمس ضمن الحصة الثانية من أفلام المسابقة الرسمية للدورة 30 من مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط فيلم “ثديية” للمخرجة الإسبانية لايانا توريس. ونتابع في الفيلم حالة إمرأة شابة تعيش صحبة رفيقها في الحياة عيشة هادئة مليئة بالمشاعر وتفريغ الرغبات إلى أن تتفاجأ بكونها حامل، هي التي لا تريد أن تصبح أما ولا تتصور نفسها كذلك.
اشتغلت المخرجة على هذه الحالة من خلال وجهة نظر الشخصية الرئيسية التي تعيش صراعا نفسيا خلال ثلاثة أيام تفصلها عن اتخاذ قرارها الوجودي في التخلص من الجنين أو الاحتفاظ به.
وظفت المخرجة فن الكولاج، الذي ينبع من داخل الفيلم ولم يكن مقحما على بنيته الداخلية، كون الشخصية الرئيسية فنانة وتستخدمه في التدريس لطلابها، وتؤرقها كوابيس نشاهدها فيها وسط عوالم سوريالية تعبؤ وتنبع من هواجسها وما يعتري في دواخلها ومعاناتها النفسية.
“ثديية” فيلم إجتماعي سيكولوجي، تتخلله بعض اللحظات الكوميدية النابعة من طبيعة المواقف التي تعيشها الشخصيات. وهو من نوعية الأفلام التي تزاوج بين كونها متاحة للجمهور أو الجماهير الواسعة وكونها محافظة على حد أدنى محترم من التناول الفني وحضور التناول السينمائي فيها.
هو أيضا فيلم عن العلاقة العاطفية وكيف تتغير وتشهد مطبات ومثبطات، حتى بدون وجود أسباب منطقية حقيقية. فرغم استمرار الحب المتبادل بين المرأة ورفيقها في الحياة لكنه قد يتآكل من داخله مع الزمن بتواجد الأطفال أو بدونهم.
استطاعت المخرجة التقاط لحظات الصداقة النسائية الحميمية، في مشاهد بدت فيها صادقة، وقد عضدها التشخيص الجيد للممثلة الرئيسية وكل الممثلات الأخريات اللواتي لعبن دور الصديقات أو القريبات وخصوصا الممثلة التي تقمصت دور الأم رغم أنها ظهرت في مشهدين فقط، كان الحوار فيهما باللغة الإسبانية فيما باقي المشاهد كان الحوار فيها بالكاتلانية، وقد كان هذا الاختيار وظيفيا وخادم للدراما بحيث أرادت المخرجة أن تشير بشكل ضمني إلى أن الزوجين لا ينتميان تماما لنفس لنفس المرجعيات الاجتماعية، فحتى حينما أرادت الشخصية النسائية أن تحسم في اختيارها ذهبت عند أمها لتسألها هل كان لديها اختيار يوما ما في عدم الإنجاب وماذا كانت لتصنع بنفسها لو لم تنجبها.
عبد الكريم واكريم – تطوان

