كشفت اللجنة الجديدة لدعم تنظيم المهرجانات السينمائية، مساء الثلاثاء 11 أبريل الجاري، عن نتائج مداولاتها، برسم الدورة الأولى لسنة 2023، حيث منحت دعمها لخمسة عشر (15) مهرجان وتظاهرة من بين 22 طلبا للدعم تقدم بها مرشحون من مختلف المدن المغربية. فيما يلي سبع ملاحظات حول هذه النتائج:
الملاحظة الأولى: إنصاف نسبي لمهرجان خريبكة.
تم نسبيا إنصاف المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة من طرف هذه اللجنة الجديدة، التي زادت من قيمة الدعم المالي المخصص لدورته 23 بما قدره 200000 د، خصوصا وأن دورته السابقة شهدت تطورا ملحوظا وانفتاحا كبيرا على جل السينفيليين المغاربة الذين ساهموا بحضورهم وانخراطهم الفعال في مختلف أنشطتها. ومعلوم أن هذا المهرجان، المتخصص في السينما الإفريقية والمنفتح على مختلف تجاربها ومبدعيها، يعتبر أقدم المهرجانات السينمائية التي لا زالت تنظم بالمغرب منذ سنة 1977 بمبادرة من النادي السينمائي لمدينة خريبكة (تأسس في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي) والجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب (تأسست سنة 1973) وبدعم من المجمع الشريف للفوسفاط وجهة بني ملال خنيفرة والجماعة الحضرية وغيرها.
الملاحظة الثانية: تنبيه لمهرجان تطوان.
لم تستفد الدورة 28 لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط، التي نظمت من 3 إلى 10 مارس الماضي، من نفس الدعم الذي منحتها إياه لجنة اليزمي السابقة (1800000 د) سنة 2022، بل قلصت اللجنة الجديدة برئاسة المنتجة خديجة العلمي من حجم الدعم السابق ب 500000 د، وفي هذا إشارة أو تنبيه إلى أن هذا المهرجان، الذي انطلقت دورته الأولى سنة 1985، لم يعد له نفس بريق الدورات السابقة، علما بأن معايير اختيار الأفلام الممثلة للمغرب في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، على سبيل المثال، خصوصا في دوراته الأخيرة، لم تكن سينفيلية بالأساس. زد على ذلك تكريم بعض الأسماء المغربية (بشكل خاص) لا بصمة إبداعية مميزة لها في الفيلموغرافيا المغربية.
الملاحظة الثالثة: استقرار في مبلغ دعم ال”فيدادوك”
ظل المهرجان الدولي للشريط الوثائقي بأكادير (فيدادوك) يحظى بنفس الدعم (700000 د) منذ سنة 2021، وهو مهرجان محترم يشرف على إدارته السينمائي المغربي هشام فلاح من خلال جمعية الثقافة والتربية بواسطة السمعي البصري، ويركز على تكوين الموهوبين الشباب، عبر ورشات ولقاءات يؤطرها متخصصون مغاربة وأجانب، ويفتح المجال لمبدعي الأفلام الوثائقية من مختلف بلدان المعمور للتباري على جوائز مسابقته واللقاء والتحاور مع جمهوره النوعي والعام.
الملاحظة الرابعة: زيادة مستحقة في مبلغ دعم مهرجان سينما التحريك.
دأب المهرجان الدولي لسينما التحريك بمكناس (فيكام)، الفريد من نوعه في المغرب، منذ دوراته الأولى، على العناية بالمبدعين المغاربة الشباب من خلال تشجيع الموهوبين منهم ومواكبة المهتمين بسينما التحريك عبر محور التكوين الموجه الخاص بطلبة المدارس العليا للسينما وباقي الفنون البصرية. وهذا المهرجان، الذي نظمت دورته 21 من 3 إلى 8 مارس 2023، جدير بالإحترام ويستحق الزيادة في مبلغ الدعم المخصص له (500000 درهم سنة 2022 و600000 درهم سنة 2023) نظرا لجدية المشرفين عليه ولنوعية وقيمة ما يستضيفه سنويا من أفلام وضيوف من كل الآفاق.
نفس الزيادة (100000 د) حظي بها المهرجان الدولي للسينما بالداخلة، الذي ستنظم دورته 11 من 2 إلى 8 يونيو 2023، بحيث انتقل المبلغ من 550000 درهم سنة 2022 إلى 650000 درهم سنة 2023، ولا يمكنني إبداء رأيي في هذا المهرجان لأنني لم أحضر بعد أية دورة من دوراته.
الملاحظة الخامسة: حمادي كيروم ومهرجان السينما المستقلة.
في أول دورة حضورية لهذا المهرجان السينمائي الدولي الجديد، بعد دورة افتراضية نظمت في مطلع سنة 2021، حظي بدعم قيمته 200000 درهم. وقد سبق لي أن شاهدت عن بعد الأفلام الجيدة المبرمجة في دورته التأسيسية، كما تابعت بعض أنشطتها المتميزة.
لا غرابة إذن في تميز هذا المهرجان على مستوى تيمته بشكل خاص، لأن وراءه باحث سينمائي وناقد وفاعل جمعوي راكم تجربة معتبرة على امتداد عقود، سواء من خلال إشرافه على نادي العمل السينمائي (أكبر نادي عرفته مدينة الدار البيضاء في تاريخها السينفيلي) أو إدارته الفنية لمهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف على امتداد سنوات أو مساهمته في تأسيس مجموعة من الجمعيات من قبيل “الجمعية المغربية لنقاد السينما” وغيرها.
أنا على يقين أن المهرجان الدولي للسينما المستقلة بالدار البيضاء، بإدارته الشابة التي يقودها الدكتور حمادي كيروم، سيشكل إضافة نوعية في حضيرة مهرجاناتنا السينمائية.
الملاحظة السادسة: مهرجان الفيلم العربي في حاجة إلى دعم أكبر.
تابعت أنشطة الدورتين الأخيرتين لمهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي، بقيادة الإعلامية فاطمة النوالي، ولاحظت تنظيما محكما وبرمجة غنية ومتنوعة وأفلاما وضيوفا وازنة رغم محدودية الإمكانيات. أعتقد أن استقرار مبلغ الدعم في حدود 150000 درهم فقط فيه نوع من الإجحاف في حق هذا المهرجان الذي يعد مستقبلا بالكثير، فلا يعقل أن يتساوى في حجم هذا الدعم مع مهرجانات لا تزال تبحث عن نفسها شكلا ومحتوى.
الملاحظة السابعة: تظاهرات أخرى.
حظيت أربع مهرجانات مصنفة في خانة “تظاهرات أخرى” بدعم قيمته 100000 درهم، وهي مهرجانات متفاوتة القيمة شكلا ومحتوى، واكبت عن قرب بعضا منها فقط. كما حظيت ثلاث مهرجانات/ملتقيات بأقل دعم في الدورة الأولى لسنة 2023 لم يتجاوز مبلغه 50000 درهم، في حين تم حجب أي دعم عن مهرجانات أخرى شكل عددها ثلث المرشحين لطلب هذا النوع من الدعم العمومي.
يبدو لي أن اللجنة الجديدة لدعم تنظيم المهرجانات السينمائية، برئاسة خديجة العلمي وعضوية ليلى التريكي وإدريس القري ومحمد فاضل الجماني وهشام الإبراهيمي وشناز العكريشي وموهيم فاطمة الزهرة ومراد لطيفي، تميزت بنوع من الصرامة والعقلنة في تعاطيها مع الملفات المرشحة للحصول على الدعم، خصوصا وأن بعض أعضائها لهم دراية بواقع المهرجانات المنظمة ببلادنا. وننتظر أن تستمر هذه الصرامة والعقلنة مع مهرجانات/تظاهرات الدورة الثانية للسنة الجارية، لوضع حد للتسيب والتناسل المرضي ل”تظاهرات” و”مهرجانات” أصبح يقدم على تنظيمها كل من هب ودب، لأغراض لا علاقة لها بالفن والثقافة، ودون إضافة نوعية أو حتى دراية كافية بأبجديات الثقافة السينمائية.
ملحوظة: للإطلاع على هذه النتائج ترجى زيارة موقع المركز السينمائي المغربي على الرابط التالي: https://www.ccm.ma/actualites
أحمد سيجلماسي