الرئيسيةالسينما العالميةالمخرجة المغربية صوفيا علوي : جائزتا “ساندانس” و”السيزار” مكنتاني من الإشتغال بحرية

المخرجة المغربية صوفيا علوي : جائزتا “ساندانس” و”السيزار” مكنتاني من الإشتغال بحرية

فازت المخرجة المغربية صوفيا علوي مؤخرا بفيلمها الروائي الطويل الأول “أنيماليا” (2023) بجائزة لجنة التحكيم في مسابقة الأفلام الروائية الدولية (الرؤية الإبداعية) بمهرجان “ساندانس السينمائي”، والذي كانت قد فازت فيه أيضا بالجائزة الكبرى عن فيلمها القصير “لايهم إن نفقت البهائم” عام 2020 ثم ظفرت بعد ذلك ب جائزة “سيزار”* أفضل فيلم قصير.

ومن المعروف أن “مهرجان ساندانس” الأمريكي يعتبر أهم مهرجان عالمي للسينما المستقلة، مَرَّ منه وتُوِّجَ فيه مخرجون عالميون مهمون في بداياتهم، كستيفن سودربرغ بفيلمه الأول “جنس، أكاذيب وفيديو” وكوينتن تارنتينو بفيلمه الأول “مستودع الكلاب” وجيم جارموش وغيرهم.

من القصير للطويل

أكدت صوفيا علوي في حوارها مع “سنفيليا”  أن فيلمها القصير “لايهم إن نفقت البهائم” مكَّنها من الظهور في الوسط المهني السينمائي ومن ربح ثقته، وأعانها على صناعة فيلمها الروائي الطويل الأول، إذ جعلها تُقنع الآخرين كي ينخرطوا معها في إنجازه. أما بخصوص رؤيتها في فيلمَيْها الطويل والقصير فتقول صوفيا أن العوالم التي كانت ترغب في تطويرها والإشتغال عليها كانت موجودة بالأساس في فيلمها القصير “لايهم إن نفقت البهائم”، بحيث انطلقت من أسلوب يجمع بين أنواع سينمائية  هي التخييلي والتسجيلي والفنتاستيكي والدراما الإجتماعية، وهذا التزاوج والخلط بين عدة أنواع صعب شرحه بالكلام والأجدر بالعمل مُنجزا أن يُقنع في حد ذاته، وهكذا تضيف صوفيا “فقد سَهَّلَت عَلَيَّ جائزتا “ساندانس” و”السيزار” المرور للإشتغال بحرية في فيلمي الروائي الطويل “أنيماليا”، خصوصا أنه من الصعب الخوض في فيلم فنتازي في المغرب كون السينما المغربية درجت على إنتاج أفلام واقعية واجتماعية وما نكاد نخرج على هذه القوالب حتى نضطر للمقاومة أكثر، وتأتي الجوائز الدولية في هذا السياق لتدعمنا”.

مشاريع مستقبيلة

و بخصوص استشرافها لمسارها بعد هذا النجاح العالمي قالت صوفيا ل”سينفيليا” “بالنسبة لي لا أعلم ما يُخبِّئُهُ لي المستقبل، لكن لا أخفي أنني متشوقة لإنجاز أفلام من نفس النوعية التي اشتغلت عليها في فيلمِي الروائي الطويل الأول، مع طموح أكبر لإخراج فيلم من نوعية الخيال العلمي، ولديَّ سقف عال في هذا السياق، خصوصا أنهم في أوروبا ليسوا معتادين على صناعة أفلام من هاته العَيِّنة كما في هوليود”*. مضيفة “بالمقابل لَدَيَّ مشاريع سينمائية مستقبلية في المغرب، خصوصا أنني صنعت فيلمي الروائي الطويل بنفس عالمي، وقد أسعدني أن فيلمي استُقبل بحرارة من طرف الصحافة والجمهور بساندانس، ليس كفيلم مغربي فلكلوري صغير بل كفيلم فني مُجَدِّد وذو نفس كوني”.

هواة ومحترفون

وأكدت صوفيا ل”سينفيليا” أن اختيارها لممثلين هواة أو محترفين ليس فيه نوع من القصدية “بحيث أقول مع نفسي سأشتغل مع ممثلين هواة وليسوا محترفين بل هو راجع إلى رغبتي في الإلتقاء بالناس، وهكذا أرى في بعضهم شخوصي التي سأصورها في أفلامي، بحيث لا أتَعمَّد أن أُسند دورا لممثل محترف وآخر لممثل هاو. لكن بالمقابل طريقة تعاملي مع الممثلين الهواة تختلف تماما عن المحترفين الذين أشتغل معهم بشكل أكاديمي، إذ أنني لا أعطي السيناريو للهواة ولا ألقنهم ما سيقولون بل أشتغل معهم في مرحلة التصوير في البلاتو، لأن الذين ليست لديهم تجربة في التمثيل تُشَكِّلُ لهم الحوارات عبئا أثناء التصوير ويأتون مضغوطين نفسيا خوفا من نسيانها، الأمر الذي يُربِكُهم أمام الكمِّ الهائل من المهنيين والمشتغلين في الفيلم، ويجعلهم يستعرضونها عوض أن يُمثِّلُوها ويُحِسُّوا بها، وهكذا أحَرِّرُهم من الضغط النفسي بعدم إعطائهم الحوار بشكل مسبَّق وأشرح لهم فقط المَشَاهِد، وهكذا بالإشتغال الجيد أصل معهم لما أريده خصوصا أنني متحمسة للعمل بهذه الطريقة وأحبها”.

فانتازيا ورموز

بخصوص اختيارها للفنتازيا كنوع سينمائي، تؤكد صوفيا أنها لاتطرح أسئلة على نفسها هل تم التطرق لهذا النوع في المغرب قبلا أم لا، وتقول في هذا السياق “السينما هي التي تَهمُّني كمشاهدة سينمائية، وهذا النوع السينمائي مُمتِع ويُسائِل الواقع في نفس الآن، خصوصا أنني مهتمة بالإشتغال على الرمز و منشغلة بثقل الصورة وبلاغتها، وهكذا وجدتُ نفسي مدفوعة للعمل بلغة سينمائية مُحَمَّلَة بالرموز، وهذا الأسلوب يليق بنوع أفلام الماورائيات و الفانتازيا، لأننا نكون خارج الواقع بشكل من الأشكال، الأمر الذي يُمكِّنُنِي من استكشاف عوالم تجعلني أُسائِل الواقع المجتمعي من خارجه مع المحافظة على نوع من المسافة يمنحها لي هذا النوع السينمائي. وهذا ما يهمني وليس فقط صناعة فيلم فانتازي كنوع غير مُتناول في السينما المغربية قبلا، وإلا سأكون سطحية لو فكرت بهذه الطريقة”.

رؤى أنثوية

بخصوص موجة المخرجات المغربيات اللواتي استطعن الحضور في الساحة السينمائية الدولية مؤخرا والتي تُعتبر واحدة منهن، تقول صوفيا علوي “هناك مخرجات مغربيات استطعن الحصول على اعتراف في الساحة العالمية، وبما أننا في مجتمع ذكوري فَمِنَ الجميل رؤية أصوات ورؤى أنثوية أيضا لواقعنا، لأن المجتمع  يتأسس من رجال ونساء، وفي بعض الأحيان نلاحظ صورا نمطية ينتجها رجال حول المرأة، وبصفتنا نساء فنحن ننتج صورا للمرأة مختلفة في أغلب الأحيان، وهذا مهم كون رؤيتنا الأنثوية للواقع الذي نعيش فيه ستمكنه ربما من التطور للأفضل”.

مرجعيات ثقافية

حول مرجعياتها الفنية والثقافية تقول صوفيا ل”سينفيليا” : “أنا متأثرة بالقصص وبالنصوص القديمة وبالأساطير والخرافات وأتساءل باستمرار حولها، إذ أن وجودها يعني أنها حتما تحمل معنى وليست هنا اعتباطا، وأحب أن أُسائِل نفسي عبرها وأستكشفها، إضافة إلى أني أحب ملاحظة الآخر وأعشق في السينما كونها تُمكِّننا من الإشتغال على شخصيات نستوحيها من الواقع، الأمر الذي يجعلني أنغمس في محاولة لفهم التركيبة المعقدة للإنسان وهذا الغموض الذي يكتنف تصرفاته ودوافعه.

 

عبد الكريم واكريم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *