باعتبار الموسم الرمضاني يشكل ذروة المتابعة للأعمال الدرامية مغربيا وعربيا، حيث يعرض على المشاهدين أهم مايمكن إنتاجه دراميا كل سنة، وبما أن النقاش يتجدد كل عام حول مستوى مايعرض من دراما رمضانية في التلفزة المغربية، فقد أصبح المشاهدون ومنذ سنوات ينتظرون الأفضل فنيا ليتابعوه دون غيره.
وللأسف لم تتطور الدراما التلفزية في المغرب كثيرا عما كانت عليه في الماضي ولم تلحق بعد بالمستوى الذي وصلته نظيراتها في مصر وسوريا على سبيل المثال باعتبارهما الرائدتين عربيا في هذا السياق.
والغريب في الأمر أن السينما المغربية استطاعت بالمقابل أن تجد لها موقعا جد مهم عربيا وإفريقيا، وذلك بفضل تفوق مخرجين متميزين تم الاعتراف بتميزهم وقيمة أعمالهم الفنية داخل المغرب وخارجه، لكن هذا لم يعد بأي فضل أو إضافة على الدراما التلفزية المغربية، بحيث كان من المفروض على شركات الإنتاج والمحطات التلفزية أن تستفيد من تفوق هؤلاء لتجعل منهم رافدا مهما يدفع بالدراما التلفزية في المغرب للتطور، إضافة لمحاولة تشجيع كتاب سيناريو موهوبين على الكتابة التي تشكل “كعب أخيل” الدراما في المغرب.
عموما ففي هذه السنة يمكن لنا تكرار مايقال باستمرار بخصوص بؤس الدراما التلفزية في المغرب، لككنا نفضل أن نبحث بالمقابل عن بعض من نقط الضوء عوض التركيز على المثالب والنواقص، ولهذا فرغم أن أغلب مايعرض حاليا يشكو من نقص كبير في الكتابة وفي الإخراج وفي التمثيل ومن النواحي الفنية والتقنية فيمكن لنا استثناء مسلسل على الأقل من هذه الملاحظات هو مسلسل “المكتوب”.
من بين نقط القوة في مسلسل “المكتوب”، والتي تشكل نقط الضعف في المسلسلات المغربية الأخرى، كون هذا المسلسل مكتوب يشكل مقبول، فبناء الشخصيات فيه واضح وكل شخصية لها خصوصيتها ودوافعها وهمومها ومشاكلها التي تجعلها تتصرف بالشكل الذي نراها به على الشاشة، وهذا جعل الممثلين يبدون مرتاحين في أدائهم أوفضل في تشخيصهم لأنهم وجدوا مادة مكتوبة بشكل جيد وشخوصا لاتنتظر سوى مشخصين أكفاء ليتلبسوها، طبعا يبدو أيضا أن هنالك إدارة وتوجيها للممثلين في هذا المسلسل عكس المسلسلات الأخرى ويتجلى ذلك في الأداء المضبوط والغير المبالغ فيه والخاص بكل شخصية، حتى أننا حينما نقارن أداء نفس الممثل هنا وفي جهة أخرى يظهر الفرق.
الإخراج في مسلسل “المكتوب” مقتصد وحذر من السقوط في تلك المشاهد التي تروم التطويل والتمطيط ربحا للزمن الدرامي على الشاشة، ويبدو أن السيناريو ساعد المخرج كي لايسقط في هذه المعضلة التي تقتل أغلب الأعمال الدرامية ليس مغربيا فقط بل نجدها في كثير من الأعمال الدرامية العربية.
تناول تيمة الشيخة دراميا يعتبر تجديدا وابتعادا عن التيمات المكرورة وغوصا في هموم شريحة فنية لطالما لم تكن تُعطاها القيمة التي تستحقها. إذ يحاول المسلسل وبشكل فني وبدون أي خطاب مباشر تصحيح الصورة المغلوطة التي ترسخت في العقل الجمعي للمجتمع المغربي عن “الشيخة” وهذا يحسب للمسلسل وللقائمين عليه.
أهم مايجعل المشاهدين يتابعون عملا دراميا هو ذكاء صانعيه في محاولة التحكم في الصراع الدرامي المتخلل للأحداث، والوقوف في آخر كل حلقة في نقطة تجعل المتفرج متشوقا لمعرفة ماسيقع في القادم من الحلقات وهذا نجده في مسلسل “المكتوب” الذي وبعد عرض سبع حلقات منه يمكن لي أن أجزم أنه أفضل مايعرض حاليا في الدراما التلفزية المغربية.
عبد الكريم واكريم