الرئيسيةأعمدةالفنانة شويكار في أهم محطاتها السينمائية

الفنانة شويكار في أهم محطاتها السينمائية

من بين الأفلام التي شاهدتها وأنا طفل صغير بانبهار العين الطفولية والتي لم تبرح مشاهده ذاكرتي منذ ذلك الحين الذي كانت تشكل فيه بالنسبة لي مشاهدة فيلم تساوي لحظة لاتُقدَّر بثمن، فيلم “العتبة جزاز” (1969) للمخرج نيازي مصطفى، وقد كان ذلك ذات سبعينيات من القرن الماضي في بيت أختي الكبيرة ضمن الأفلام المصرية التي كانت تقدمها ليلا مرة في الأسبوع قناة دار البريهي التلفزية الوحيدة آنذاك في المغرب، وعبر شاشة تلفاز بالأبيض والأسود يوم أن كان مازال القليلون في حينا من يملكون مثله. لكن الذي ظللت أتذكره جيدا من هذا الفيلم الذي يمكن إدخاله في صنف “الباروديا” المحاكية بسخرية لأفلام الجاسوسية، هو تلك الفتاة الحلوة المليئة بنبض الحياة التي كانت تُكَرِّرُ طيلة الفيلم لازمة “خالص مالص وأكيد بالص” وهي تجسد فيه دورا كوميديا لجاسوسة خفيفة الظل، ولم تكن هاته الفتاة المثيرة والجميلة والمليئة حيوية وأنوثة سوى الفنانة شويكار في واحد من بين أهم أدوارها الكوميدية في السينما كثنائي ناجح رفقة الفنان فؤاد المهندس.
بعد ذلك وفي نفس إطار سلسلة أفلامها مع فؤاد المهندس شاهدتُ لها، وتقريبا في نفس الفترة، وفي القناة التلفزية إياها، فيلم “إنت للي قتلت بابايا”(1970) للمخرج نفسه نيازي مصطفى.


لكن وبعد سنوات طويلة وخلال تسعينيات القرن الماضي سأكتشف شويكار أخرى في فيلم “كشف المستور” (1994) لعاطف الطيب، والذي تَقمَّصت فيه شخصية صديقة “سلوى” (نبيلة عبيد) التي تلجأ إليها في رحلتها للرجوع للماضي ونبش ملفاته السوداء اللتان كانتا هما الإثنتان من بين عناصر وأدوات الفساد التي استعملت فيه واللتان وُظِّفَتا صحبة أخريات ضد شخصيات سياسية للتحكم فيها، في هذه الشخصية تبدو شويكار في دور قصير لكن مهم ممثلة وصلت للنضج الفني والتشخيصي وتحت إدارة مخرج كبير يختار الممثل المناسب في الدور المناسب ولا يُفرِّق بين دور رئيسي ودور ثان أو مساند.


وقبل ذلك ظهرت شويكار في فيلم من بين أهم الأفلام في تاريخ السينما المصرية وهو “السقا مات” (1977) للمخرج الكبير صلاح أبو سيف والذي كانت فيه أيضا الشخوص والأدوار التي يؤديها الممثلون تقريبا متساوية في أهميتها، وحيث لعبت شويكار دور العاهرة المثيرة والتي تُشعل رجال الحي بأنوثتها الطافحة وتُشغل عقل “فريد شوقي” الذي يعمل في الجنازات ويجمع القروش منها متمنِّيا موت عدد أكبر من الناس حتى يُكمل ثمن قضاء ليلة معها ليُطفِأ رغبته فيها وعشقه لها، لكنه سيموت قبل أن يُحقِّق رغبته تلك، وهو في قمة انغماسه في شغفه بالحياة وبِمباهجها، في واحد من بين أهم الأفلام التي تناولت تيمة جدلية الموت والحياة في السينما العربية. ثم وفي دور صاحبة المقهى الذي كان يرتاده الشباب الذين سيذهب حلمهم في التغيير وفي تحقيق غد أفضل هباء منثورا في فيلم “الكرنك” (1975) لعلي بدرخان كانت شويكار أيضا وقبل الفيلمين المذكورين أعلاه مُتألِّقة في دور ثان أو مساند.
رحم الله الفنانة شويكار بقدر ما امتعتنا في أدوارها الكثيرة المتميزة.

 

عبد الكريم واكريم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *