النجمة الذهبية لمراكش كانت من نصيب “وادي الأرواح” لـ”نيكولاس رينكون خيل”
عرض 98 شريطا في مختلف فقرات المهرجان أمام 105 آلاف متفرج
ضُرِب يوم السبت 7 دجنبر 2019 “كْلاَبْ” النهاية للدورة الـ18 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش. وهي بحق دورة قوية جاءت لتؤكد شعبية ووجاهة هذا الموعد السينمائي الرئيسي. وأتاحت لجمهور عريض فرصة التعرف على مختلف التعابير السينمائية القادمة من القارات الخمس.
وتنافس هذه السنة 14 فيلما في إطار المسابقة الرسمية أمام لجنة تحكيم ترأستها الممثلة والمنتجة الاسكتلاندية “تيلدا سوينتون” التي دعت منذ ندوتها الصحافية الأولى إلى “إزالة الحدود بين مختلف الأنماط السينمائية، والاستمتاع بالصور والحكايات التي تقترحها مراكش”.
وبعد نهاية مداولاتها، قررت لجنة تحكيم الدورة 18 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش منح “النجمة الذهبية”، أرفع جوائز المهرجان، لشريط “وادي الأرواح” للمخرج الكولومبي “نيكولاس رينكون خيل”.
أما جائزة لجنة التحكيم فمنحت بالتساوي لكل من “آخر زيارة” للمخرج السعودي “عبد المحسن الضبعان” و”بورتريه فسيفسائي” للمخرج الصيني ” زاي يشيانغ”.
واختارت لجنة التحكيم تتويج المخرج التونسي “علاء الدين سليم” بجائزة الإخراج على فيلمه “طلاميس”.
كما تم خلال حفل اختتام هذه الدورة الـ18 الإعلان عن الفائزين بجائزة أفضل دور رجالي ونسائي، ويتعلق الأمر بكل من الممثل الأسترالي “تود والاس” عن دوره في شريط “اسنان الأطفال”، والممثلتين البريطانيتين “نيكولا بورلي” و”روكسان سكريمشو” عن أدائهما في فيلم “لين+لوسي”.
وقالت “تيلدا سوينتون”، وهي تنهي مهمتها كرئيسة للجنة تحكيم الدورة الـ18 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش: “لقد أجمعنا على هذه النتائج.. كانت هذه التجربة، هنا وطيلة هذه الأيام المعدودة، سحرا خالصا بالنسبة إلى لجنة التحكيم. لقد غمرنا إحساس صادق بالصداقة الحميمة مع المخرجين الذين كان لنا شرف اكتشافهم هنا، وفيما بيننا كذلك. لقد قدمنا إلى هنا كغرباء للاحتفاء بالسينما، وها نحن نغادر كأصدقاء مدى الحياة. باسمنا جميعا أقول: شكرا مراكش ! كنا سعداء جدا بحضورنا هنا”.
تكريمات واعتراف
كذلك تميزت الدورة 18 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش بتكريم أربعة أسماء كبيرة في السينما المغربية والعالمية. هكذا، تسلم الممثل والمخرج والمنتج الأمريكي الكبير، روبيرت ريدفورد”، النجمة الذهبية للمهرجان من يدي الممثلة “كيارا ماستروياني” والمخرجة “ربيكا زلوطوفسكي”، أمام جمهور غفير ذرف الدمع من فرط تأثره ووقف للتصفيق طويلا لهذا الفنان الكبير.
وخلال حفل تكريمه، أكد من جهته المخرج الفرنسي “برتراند تافرنيي”، وهو يمزج بين التواضع والفكاهة، أن “مهرجان مراكش يتيح فتح النوافذ على العالم وخرق الحدود”.
كما حصلت النجمة الهندية “بريانكا شوبرا جوناس” على تكريم شعبي بساحة جامع الفنا، وسط المعجبين الذين حجوا بالآلاف للاحتفاء بها خلال أمسية ستظل راسخة في الأذهان.
ومن اللحظات القوية الأخرى في هذه الدورة 18، التكريم الذي حظيت به الأيقونة المغربية “منى فتو”، وهو التكريم الذي أهدته لكل الممثلات والنساء المغربيات.
لحظات قوية
وكانت أيام الدورة الـ18 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش مؤثثة بالعديد من اللحظات القوية.. لحظات من التبادل والمشاعر الجياشة والاكتشاف.
وكانت البداية منذ حفل الافتتاح الذي حرص فيه المهرجان على استحضار روح كل من الراحلة أمينة رشيد والراحل عبد الله شقرون. إذ ظل المقعدان المخصصان لهما في قصر المؤتمرات فارغين طيلة الحفل، علامة على التقدير والاحترام اللذين تكنهما هذه التظاهرة الكبيرة لهذين الصديقين الدائمين للمهرجان، والاسمين البارزين في السينما والتلفزة، والإبداع بالمغرب.
ووفاء منه لتقليد أطلقه منذ 2004، كرم المهرجان، بمناسبة دورته الـ18، السينما الاسترالية، التي تعتبر من أعرق السينمات في العالم، وكذلك واحدة من بين الأكثر غزارة من حيث المواهب ومن حيث إنتاج الأفلام العالمية كذلك.
وبمناسبة هذا التكريم الاستثنائي، حل بمراكش وفد هام يضم 22 ممثلا ومخرجا استراليا، كان بينهم الممثلين “جيوفري روش”، “بن ماندلسون”، “سيمون بيكر”، والمُخرجَيْن “جيليان أرمسترونغ” (“مسيرتي اللامعة”، 1979)، و”بروس بيريسفورد” الحاصل عل أوسكار أفضل فيلم في 1989 (“الآنسة ديزي وسائقها”)، والممثلتين “ناعومي واتس” (Mulholland Drive) و”أبي كورنيش” (“النجم الساطع”)، فضلا عن آخرين…
وشاهد الجمهور 25 شريطا طويلا تعكس تنوع وغنى السينما الاسترالية، وهي أفلام قوية ومؤسسة تعكس ما يقرب من خمسة عقود من الإبداع السينمائي بأستراليا.
12 شريطا مغربيا من أصل 98
وجريا على عادته، خصص المهرجان الدولي للفيلم بمراكش مكانة مميزة للمهنيين المغاربة والسينما المغربية. وقد امتلأت كل جنبات القاعة خلال عرض الأفلام الخمسة المبرمجة في فقرة “بانوراما السينما المغربية”، وتابعها جمهور حماسي متلهف على الصور والحكايات المحلية، وصفق طويلا للإنتاجات الوطنية، وبعضها عرض لأول مرة.
وعبَّر العديد من رواد المهرجان كذلك عن اعتزازهم برؤية شريط مغربي ينافس في إطار المسابقة الرسمية، وهو “سيد المجهول” لـ”علاء الدين الجم”. نفس الشيء بالنسبة إلى “آدم” لـ”مريم التوزاني” الذي عرض في فقرة “العروض الخاصة”. وعلى كل، فمن بين الـ98 شريطا التي عرضت في هذه الدورة الـ18، كانت 12 منها مغربية.
ولم يضعف إقبال الجمهور على مختلف فقرات المهرجان طيلة الأيام التسعة للتظاهرة، وهذا منذ العروض الصباحية. وفي المجموع، تابع حوالي 105 آلاف شخص مختلف عروض وأنشطة هذه الدورة الـ18.
لقد حج محبو السينما والطلبة والسياح والجمهور العريض بكثافة لمشاهدة أعمال فنية أصيلة تعكس مختلف التعابير السينمائية العالمية. كما تابع هذا الجمهور ذاته، النقاشات التي تلت عرض الأفلام المتنافسة بسينما “كوليزي” بمراكش.
محادثات مفيدة جدا
بعد نجاح دورتها الأولى في 2018، أوفت فقرة “محادثة مع”، مرة أخرى، بكل وعودها. فقد جذبت جمهورا غفيرا وحماسيا، إذ شارك كل يوم حوالي 500 شخص (مهنيون، طلبة، صحافيون ومولعون بالسينما) في هذه المحادثات.
وكانت النقاشات مطبوعة بالصراحة والبساطة، وأتاحت لعدة أسماء كبيرة في السينما العالمية فرصة البوح بكل نزاهة، والكشف عن طرق ممارستهم للسينما ونظرتهم إليها.
وعرفت الدورة 18 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش برمجة 11 حصة (بدل 7 حصص العام الماضي) مع 12 اسما كبيرا في السينما العالمية: “روبيرت ريدفورد”، “ماريون كوتيار”، “هيرفي كيتيل”، “غوشفتي فرحاني”، “هند صبري”،”برترند تافرنيي”، “سرغي لوزنيتسا”، “إيليا سليمان”، “لوكا غوادانينو”، “بريانكا شوبرا جوناس”، رشدي زم”، و”جيرمي طوماس”.
مواعد مهنية
من اللحظات القوية الأخرى في هذه الدورة 18: “ورشات الأطلس”، البرنامج الصناعي المخصص لسينما إفريقيا والشرق الأوسط، الذي تم إطلاقه في 2018 بالشراكة مع “Netflix”. وجمع هذا الموعد 270 مهنيا دوليا، هذه السنة، للنظر في 28 مشروعا جاء بها جيل جديد من المخرجين المغاربة والعرب والأفارقة.
وسمحت “عروض الأطلس”، الفقرة الجديدة لهذه الورشات، بالكشف عن اللقطات الأولى من الأفلام الجديدة لثلاثة مخرجين أمام حوالي 30 مديرا ومبرمجا للمهرجانات (كان، البندقية، تورنتو، لوكارنو، ساندنس، كارلوفي فاري، الجونة، المهرجان الدولي للوثائقي بأمستردام، نيون، القاهرة…). بالموازاة مع هذا، شاركت 6 مشاريع مغربية في البرنامج الجديد “نظرة على الأطلس”.
الالتزام الاجتماعي وحس المواطنة
على غرار السنوات الماضية، حظي أكثر من 100 شخص من المكفوفين أو ضعاف البصر، من كل جهات البلاد، ببرمجة مجموعة من الأفلام بالوصف السمعي. كما استفادوا من الدعم الكامل والمساعدة الشخصية لمتابعة 5 أفلام مبرمجة، فضلا عن مختلف الأنشطة المنظمة لصالحهم (ندوات، عروض شعرية، غناء، موسيقى… إلخ).
وتميزت الدورة 18 من المهرجان كذلك بتنظيم حملة طبية اجتماعية جديدة لجراحة “الكتاراكت” (مرض المياه البيضاء)، تحت رئاسة صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد. ونظمت هذه الحملة في مستشفى “الأنطاكي” بمراكش بين 2 و7 دجنبر 2019.
وسمحت بإجراء العملية الجراحية مجانا لأكثر من 400 مريض معوز يعانون من أمراض العيون، قادمين من مراكش والمناطق المحيطة بها. وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من 6 آلاف شخص استفادوا من هذه العملية التضامنية في ظرف 10 سنوات.
بكل هذه الأنشطة تكون الدورة 18 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش قد أوفت بكل وعودها، مؤكدة موقع المهرجان كموعد سينمائي وثقافي أساسي بالمغرب وكل المنطقة.
سينفيليا-مراكش