في سابقة من نوعها اقدمت غرف مهنيي السينما سنة 1997على تخصيص يوم 16 اكتوبر من كل سنة يوما وطنيا للسينما المغربية ، ولإن تم في البداية تنظم لقاءات وندوات بمناسبة هذا اليوم فإنه سرعان ما تراخى الاهتمام به ، تارة يتم إهماله وأخرى يتم تغيير تاريخه مثلا إلى يوم 12 اكتوبر ، إلى أن وصلنا اليوم إلى تجاهله وتناسيه بالمرة .
وبغض النظر عن رمزية هذا اليوم وتاريخه بالذات ، لنستعن ب ’’ فقه المقاصد ’’ في القول بأن تخصيص يوم وطني للاحتفاء بالسينما من جهة ومساءلة مآلاتها وووضعها وطرح الأسئلة الحقيقية بخصوص مستقبلها وإكراهاتها وطموحاتها ، أمر محمود ومرغوب .
السينما في المغرب اليوم قطعت أشواطا مهمة ، فعلى صعيد الإنتاج مثلا أصبح المغرب يحتل موقعا رائدا سواء على الصعيد العربي أو القاري ، وعلى الصعيد الإبداعي ورغم جميع التحفظات والمؤاخدات المشروعة والممكنة فإن هنالك إشراقات سينمائية مغربية لن يعدمها سوى جاحد .
السينما في المغرب اليوم سواء على مستوى المداخيل التي يدرها الإنتاج الأجنبي الذي يتم إنجازه بالمغرب في الخزينة الوطنية ، أو على صعيد الترويج والتوظيف وتوفير فرص الشغل التي يصنعها الإنتاج الوطني ، أصبحت قطاعا لا يستهان به تدل على ذلك الأرقام الناطقة .
ولكن هناك أسئلة حرجة يمكن اعتبارها مؤشرا على هشاشة هذا القطاع رغم كل ما قلناه ، فهنالك من جهة التوجس من حركة إنتاجية تقوم في معظمها إن لم نقل برمتها على المجهود الدولتي المرتبط بالمزاج السياسي ، وهناك أيضا المفارقة الكامنة في الانقراض الحثيت الذي يتهدد القاعات السنمائية ، ومن جهة أخرى مستوى التكوين الذي لا يزال يراوح مكانه ولم يستقم عوده بعد، وضعية المدرسة العليا للمهن السينمائية مثالا صارخا .
السينما في مغرب اليوم قطاع ثقافي أصبح مغبوطا من طرف الأدب والموسيقى والمسرح ….، وهو قطاع أصبح يستهوي الشباب ، وصار شأنا عاما ، ولعل مقولة إن لكل مواطن مهنتين ، مهنته الأصلية ومهنة ناقد سينمائي تصدق على المغاربة أكثر من كل شعوب المعمور.
لهذه الأسباب ولغيرها فإن السينما المغربية محتاجة فعلا ليوم وطني يتجرد فيه كل من يحب السينما ويعشقها ، وليس من يتمعش منها ، يوم يتم فيه التفكير بصوت مرتفع وبقلب سليم وبضمير حي في مصير السينما الوطنية ومصير الفيلم الذي نريده من أجل إنتاج صورتنا التي تشبهنا وتدل علينا كي نباهي بها الأمم .
أما وأن تعم السلبية واتخاد شعار ’’ كم حاجة قضيناها بتركها ’’ للتبرم من مواجهة أسئلة الواقع ، فإن هو إلا تأجيل للخسران ونهج صامت لسياسة النعامة .
عاشت السينما وعاشت السينما المغربية
مصطفى العلواني