إن مفهوم المغربي في الفيلم يطرح إشكالا في تاريخ السينما المغربية، بين الاستعمارية(1919-1956م)وحتى بعد الاستقلالية تبنت الفرونكو مغربية من حيث استعمال لغة أجنبية داخل مجتمع مغربي، وقد انكب الغير والأجنبي على صناعة أفلام فيها إقصاء لهوية الذات المغربية، من خلال استعمال صورة سينمائية ديكتاتورية تمجد الاستعمار الفرنسي وتقلل من شأن المواطن المغربي، حيث سلطوا الضوء على إبراز الجهل والتخلف والضعف والانكسار والاستغلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المجتمع.
وقد دفعني هذا إلى طرح مجموعة منالتساؤلاتكالتالي: من هو المغربي في السينما المغربية ؟ ما هي هويته ؟ كيف هو حضوره ؟ و بأي معنى يمكن الحديث عن وجود معنى لثقافته ؟ و أين تتجلى رسالته ؟
للإجابة عن هذه الأسئلة سنتبنى قضية أساسية مضمونها يتجلى في مرور حوالي قرن على ظهور السينما في المغرب، ومازالت هويتها الثقافية وكينونتها الذاتية ذات صورة ضبابية، حيث أن أغلب الأفلام المغربية سواء الاستقلالية أو بعد الاستقلالية، هي ذات ثقافة فرنسية، وهذا معناه أنها لم تنفصل عن الاستعمار حتى بعد الاستقلال هذا ما يجعل هوية المغربي و إثبات ذاته في السينما المغربية قضية جوفاء ومبهمة.
تعد السينما المغربية، سينما تجريبية في أقصى تجلياتها، فهي مختلفة تماما عن أي سينما فيبلد آخر، ولاتنفصل أزمتها عن شأن تدبير عملية الكم والكيف في صناعتها، وعن فشل ترسيخ هويتها و تقوية جذورها، إنها تعبر بشكل لافت عن أشياء دخيلة و خارجية عن أصولها، كونها عبارة عن ديكور و فضاء لتصوير أفلام أجنبية عالمية من جهة وغياب الموروث الثقافي المغربي من جهة أخرى.
في النصف الثانيمن أواخر القرن 19و بالضبط سنة 1897 قام الإخوة لويس لوميير الفرنسيين بإخراج فيلم “راعي الماعز المغربي” وبطبيعة الحال العنوان يحيل على طبيعة الموضوع الذي تناوله الفيلم، و منذذلك الحين إلى اليوم مازالت الأفلام الأجنبية تصور في المغرب بشكل متزايد، و قد احتفل المركز السينمائي المغربي مؤخرا بمرور مئة سنة من الإنتاج الأجنبي في المغرب، ولكن ما موقع المغربي في الفيلم الأجنبي؟
نسبيا نجحت بعض الأفلام المغربية في رؤيتها الفنية ذات البعد الإنساني المتمثل في الروح المغربية القحة كفيلم حلاق درب الفقراء(1982)لمحمد الركاب الذي يؤرخ لدرب الفقراء، و هو حي عريق بدرب السلطان بالدار البيضاء، وفيلم وشمة(1970) لحميد بناني، الذي يوثق للمسيد وحفظة القرآن بالمغرب،وفيلم الحال
(1982) لأحمدالمعنوني،الذي يؤرخ لموسيقى مغربية أصيلة”لناس الغيوان”و بحي المحمدي بالبيضاء، فمثل هذه الأفلام يليق بها إسم المغربية، فهي لم تقوض للثقافة الفرنسية، ولم تقلد باقي الأفلام الأجنبية بل هي بكل بساطة أفلام محلية ولكنها بطعم ثقافي كوني، ومن ناحية أخرى كانت توفر للممثلين المغاربة فرص شغل تعبر عن حالهم و ليس حال غيرهم
يتبين مما سبق أن قضية هوية السينما المغربية بين الاستعماروالاستقلال قد أفرزت إشكاليتين تحتاج إلى أطروحتين، الأولى إشكالية الهوية إثبات ذات الممثل المغربي في السينما المغربية وترسيخ ثقافته والتعبير عن حريته وأفكاره، والثانية إشكالية موقع الممثل المغربي في الفيلم الأجنبي.ومن هنا يمكن أن أعبر عن رأيي بقولي: إذا أردتم المجد للمغرب فاهتموا بهوية الفيلم المغربي.
عبد الرحيم الشافعي