رفضت الحكومة الكاميرونية التأشير لفيلم” حياة مجاورة للموت”، ليعرض ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان الشاشات السوداء في فئة الفيلم الوثائقي، والتي اختتمت فعالياتها أمس السبت بالعاصمة ياواندي 20 يوليوز 2019.
وصرحت إدارة المهرجان لمنتج الفيلم في شخص مديرها الفني قبل انطلاق فعاليات دورته الثالثة والعشرين، أن الحكومة الكاميرونية رفضت منح التأشيرة لفيلم “حياة مجاورة للموت” (Vie côtoyant la mort) تخوفا من إثارته لبعض المشاكل الديبلوماسية، وأوردت إدارة المهرجان في رسالتها الإلكترونية المؤرخة يوم الجمعة الماضي 6 يوليوز، أنها ستوافينا بآخر المستجدات خلال يوم الإثنين 9 يوليوز، لكنها لم تفعل إلا بعد إلحاح واستفسار في الأمر من طرف مخرج الفيلم وكذا الشركة المنتجة له، “رحاب برود”، وسيأتي رد إدارة المهرجان مؤكدا للخبر مشفوعا بالحسرة والأسف مع الاعتذار.
وعملت الشركة المنتجة للفيلم ” Rihab-Prod”، على إبلاغ المركز السينمائي المغربي بالأمر، الذي قام مشكورا ببذل مجهوداته لحل المشكل مع الجهات المعنية بالكاميرون، والتي وعدتها بعرض الفيلم ضمن المسابقة، وعلى ضوء ذلك توصلت شركة الإنتاج برسالة إلكترونية من إدارة المهرجان، تطالبه ببعث نسخة إلكترونية للفيلم عالية الجودة عبر رابط “WeTransfer”، إلى جانب فاتورة متعلقة بحقوق العرض عن طريق البريد العادي في عنوان إدارة المهرجان.
وستقوم الشركة ببعث نسخة إلكترونية من نسخة الفيلم بالفرنسية، مترقبة عرض الفيلم في التاريخ المحدد له ضمن برنامج المسابقة الرسمية للفيلم الوثائقي، خاصة وأنها لم تتلق دعوة للحضور سواء بالنسبة للمنتج أو مخرج الفيلم، هذا الأخير سيتم إخباره وبعد عناء طويل، بل إلى حدود انطلاق فعاليات المهرجان، بأن حصة التذاكر المخولة لها من طرف شركة الخطوط الملكية المغربية الداعمة للمهرجان قد استنفذت.
ومع ذلك ظلت الشركة المنتجة تترقب تاريخ موعد العرض يوم 17 يوليوز، وحاولت إلى جانب المخرج وبكل الوسائل معرفة الظروف التي مر فيها العرض، غير أنهما لم يتوصلا بجواب، ليعملا على تقصي الأخبار من خلال أحد الفعاليات المغربية الحاضرة في المهرجان، لنفاجئ بعرض الفيلم خارج المسابقة الرسمية، لكونه لم يحصل على تأشيرة من وزارة الثقافة والفنون الكاميرونية، تبعا للمصدر ذاته.
المثير للاستغراب، والعهدة على راوي الخبر وصمت إدارة المهرجان عن تساؤلاتنا، هو كون الفيلم لم يحصل على تأشيرة العرض فتم عرضه، لكن ليس في إطار المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية المدرج ضمن لائحتها إلى جانب ثمانية أفلام، وفق ما أعلنت عنه إدارة المهرجان على موقعها الرسمي، ووفق ما تداولته وسائل الإعلام المحلية والدولية وضمنها المغربية، وكما أبلغنا بذلك رسميا من طرف الجهة المعنية.
هذا وقد تمت عملية انتقاء الفيلم على مرحلتين، أشرفت عليها لجنة مكونة من نقاد ومبدعين وصناع سينمائيين، وبالتالي فلو لم يتم اختيار الفيلم من طرف لجنة الانتقاء للمشاركة ضمن المسابقة الرسمية كنا سنقبل القرار برضى واحترام تام، أما إذا لم يحصل على تأشيرة وزارة الثقافة والفنون ففيه كلام، الخوض فيه متعلق بجهات إدارية رسمية مغربية، غير مسموح لنا بالتطاول على اختصاصاتها، لكن أن يعرض الفيلم في جنح الظلام تلافيا للإحراج الديبلوماسي، وكذا لبعض المؤسسات المغربية الداعمة للمهرجان، فهو ما لا نقبله من إدارة المهرجان، لسبب بسيط هو أننا حين أقدمنا على توجيه طلب إلى إدارة المهرجان، كان بغرض التنافس بغية المشاركة في المسابقة الرسمية، وهو ما توفقنا فيه، بعيدا عن المحاباة أو المجاملات، وفي حالة ما لم نتوفق في ذلك ستكون لنا كامل الحرية في الاختيار لعرض الفيلم خارج المسابقة إذا طلب منا ذلك أو تماشيا مع بند من بنود قانون المهرجان، لكن أن تتصرف إدارة المهرجان حسب هواها ومصالحها، أو تخوفا من ضجة إعلامية فهذا ما لا نقبله، حتى من باب التصدق.
وعليه، فلتعلم إدارة المهرجان أننا أنتجنا هذا الفيلم من دمنا ولحمنا وقوت يومنا ومن ميزانية تسيير الشركة، مع ما ترتب عن ذلك من متأخرات لإدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وإدارة الضرائب، كما أننا لم نتلق سنتيما واحدا من الداعمين الذين توجهنا إليهم بطلب دعم تكميلي، بل حتى الدفعة الرابعة من الدعم الذي حصلنا عليه من طرف صندوق لجنة الدعم للمركز السنيمائي المغربي لم نتوصل بها بعد، وهي أضعف منحة مقارنة بباقي الأفلام المندرجة ضمن خانتنا، ومع ذلك رفعنا التحدي بإنتاج فيلم تتوفر فيه المواصفات المهنية والأخلاقية وفق معالجة موضوعية مستقلة، وعمق جمالي يستمد روحه من مضامين استندت على بحث رصين ومضني، معزز بشهادات حية، ومعطيات علمية سياسية وتاريخية، دون محاولة السقوط في الدعاية المجانية الفجة. جهد وعناء وصبر ومثابرة وتحدي ومع ذلك وصلنا حافة الإفلاس ولا زلنا نكابر، فحتى إمكانية التقدم لطلبات عروض التلفزيون لأجل بيع حقوق البث، تتطلب مأذونية الإنتاج… جهود وتضحيات نرفض تبخيسها من أي جهة كيف ما كانت، سواء بالتودد لشبكة العلاقات مع المهرجانات لإدراجه ضمن فقراتها خارج قواعد المنافسة الشريفة، أو عرضه في إطار مجاملات الحفلات التنكرية.
وعليه سادة إدارة مهرجان الشاشات السوداء، يكفينا آلام هاته الجروح، فلا تتاجروا باسمنا، ونعلن لكم أمام الرأي العام الوطني والدولي أننا نتنازل لكم عن فاتورة حقوق البث التي بعثتم بها إلينا، لكننا لن نغفر لكم خيانة الأمانة، وسنتابعكم قضائيا، ونحذركم من مغبة تسريب نسخة الفيلم أو تداوله في أي منصة كيفما كانت.