انتهى المخرج محمد اليونسي مؤخرا من إنجاز فيلمه الرابع “دقات القدر”، والذي يقوم بتجسيد الأدوار الرئيسية فيه ثلة من النجوم المغاربة والإسبان. والذين سيتنافسون على جوائز التمثيل بالمهرجان الوطني للفيلم الذي اختير الشريط للمشاركة ضمن مسابقته الرسمية بداية شهر مارس القادم.
وتُجسِّد الممثلة المغربية يسرا طارق أول دور بطولة مطلقة لها في هذا الفيلم بعد أن قامت بأدوار مساعدة في أفلام أخرى ك”وداعا كارمن” لمحمد أمين بن عمراوي و”الوشاح الأحمر” لليونسي نفسه. ويمكن الجزم أن يسرا طارق قد أدَّت في هذا الفيلم أهم دور لها لحد الساعة متقمصة شخصية “تودة” الزوجة الشابة التي ترزح تحت ظلم أم زوجها وطمع أخيه فيها، هذا الزوج الذي لم يعد يستطيع ممارسة حياته الزوجية الطبيعية معها منذ زمن.
وفي دور الزوج يتفوق عبد الله شاكيري في تجسيد دور صعب يتقمص فيه شخصية رجل كان ضحية الغازات السامة التي أقعدته طريح الفراش وقتلت رجولته وجعلته غير قادر على ممارسة الحياة الجنسية الطبيعية مع زوجته الشابة والضاجة بالحياة وبالأنوثة، وأثناء مشاهدتنا لأداء شاكيري يتضح لنا كمشاهدين أن هذا الممثل المتميز لم تُعطه كثيرا الفرصة ليُعبِّر عن كل طاقاته التمثيلية ويُعدُّ دوره في هذا الفيلم من بين أهم أدواره على الإطلاق نظرا لمساحته بحيث يعتبر دورا محوريا في الفيلم وبالطريقة التي أدَّى بها شاكري دوره هذا، وإذا علمنا أن شاكري قد قام بتأطير ممثلين في عدة أفلام مغربية سنعرف مدى حنكة هذا الممثل ومدى تمكنه من مهنته.
ومن بين أهم الأدوار أيضا في فيلم “دقات القدر” شخصية أخ الزوج الخائن والمتعامل مع الاستعمار الإسباني إلى درجة أن تم تنصيبه قائدا على “الدوار” وكُلِّف بتجنيد سكانه الريفيين البسطاء الذين يعانون بين سندان الفاقة والفقر ومطرقة ظلم المستعمر، ليلتحقوا رغما عنهم بجيش فرانكو ليقاتلوا معه الثوار الإسبان. وقد أدَّى هذا الدور الممثل الموهوب عبد اللطيف شوقي بشكل تصبح فيه الشخصية التي يتقمصها بدورها ضحية للظروف التي جعلتها تصير ما هي عليه ويتبين ذلك خصوصا في مشهد مكاشفة رئيسي بينه وبين أخيه المريض حيث يخبره أنه السبب فيما وصل إليه كونه كان دائما يقلل من شأنه ويعتبره أقل منه شأنا.
وفي دور مُركَّب يجعلنا كمشاهدين نحير في أمره إلى آخر الفيلم يتقمص محمد الشوبي شخصية شيخ الزاوية الغامضة والتي لن نعلم حقيقتها إلا مع وصول الفيلم إلى نهايته ، ومع ممثل كالشوبي يجب أن نتظر دائما أداءا مختلفا خصوصا أنه مشخص يطمح باستمرار لتجاوز نفسه كممثل ولا يرضى عن كل ما يؤديه من أدوار، لكن هنا يمكن أن نؤكد أنه قد أدَّى واحدا من أهم أدواره السينمائية على الإطلاق.
أما الممثلون الإسبان المشاركون في تقمص شخصيات إسبانية فقد استطاعوا بدورهم خلق ذلك الاختلاف وتحقيق مصداقية في الأداء كان من اللازم أن تتحقق في فيلم تاريخي يتناول فترة مهمة من تاريخ الشمال المغربي ومنطقة الريف على الخصوص.
وأخيرا يجب التنويه بإدارة الممثلين في هذا الفيلم ، بحيث استطاع المخرج محمد اليونسي أن يدير ممثليه بحنكة ويخرج منهم أفضل ما لديهم من طاقة تشخيصية قد تجعل بعضا منهم ينتزعون من خلالها جوائز في القادم من الأيام.
سينفيليا