انتظر السينمائيون المغاربة تنظيم اليوم الوطني للسينما بتاريخ 16 أكتوبر، اليوم المصادف لرحيل رمز السينما المغربية المخرج محمد الركاب، لكن الإحتفاء تم تهريبه ليوم 12 نونبر، ضدا على الذاكرة الفنية المغربية المثقلة بالإنجازات الإبداعية، والذكرى التي ما عادت تنفع المؤمنين برسالة الفن السابع وأهدافه السامية على أرض المغرب، ودلالات دخول مخرج، ملتزم بقضايا الوطن، السجن، ذات زمن أهوج، من أجل تحقيق فيلم دخل تاريخ السينما المغربية من أبوابه الواسعة.
اجتمع جمع كبير، من صناع الصورة، بمقر الخزانة السينمائية المغربية، وأملهم الوحيد مواجهة السيد وزير الثقافة والإتصال بحقائق دامغة عن تخبط سياساته ونظرته القرعاء للقطاع، القطاع الذي أضحى مهددا بالسكتة القلبية، جراء التهافت في ترجمة آلام المبدعين والمنتجين، والتهاون في تطبيق نصوص القانون وتنفيذ الوصايا والعهود المعهودة، والعمل على تكريس المكتسبات التي بدأت تتلاشى الواحدة بعد الأخرى سنة بعد أخرى، خاصة فيما يتعلق بالإنتاج الفيلمي المهدد بالسكتة القلبية، إذا لم يتم تدارك الأمور قبل فوات الآوان وإصلاح ما يمكن إصلاحه، وتقويم الوضع المأزوم ماديا ومعنويا، كنتيجة حتمية للتلاعب بمصائر الآلاف من المشتغلين في القطاعات السينمائية المختلفة، خاصة منها الإنتاج والتمثيل وباقي المهن التقنية، وعدم التسريع بصرف الأشطر الخاصة بكل فيلم مدعوم تم الإنتهاء من تصويره حسب القوانين والتقاليد المعمول بها، مع العمل على تحويل مبالغ الشطر الرابع الراقد في خزائن وزارة المالية لكثير من الأفلام، على الرغم من كون أصحابها قدموا ومنذ شهور طويلة كل الوثائق والحسابات المطلوبة.
الإحتفالية غاب عنها السيد الوزير، ليبعث بدلا عنه رجل لا في العير ولا في النفير، رجل وجد نفسه يقرأ ورقة مكتوبة له بأسلوب رديئ مكرر في مثل هذه المناسبة، متحدثا عن يوم وطني لايعرف عنه شيئا، ويشيد بمهنية السينمائيين المغاربة الذين لايعرف منهم أحدا، و يعد بإلتزام الوزارة الوصية التعاون مع كل الغرف السينمائية من أجل تطوير المهنة، على الرغم من أنه لا يعرف ما هية الوعود والعهود، هذا قبل أن يعود لمقعده هانئا مرتاحا معتقدا أنه أنهى المهمة التي جاء من أجلها، أي تمثيل الوزير الهارب خير تمثيل، منتظرا وقت الخروج من شرنقة المسؤولية المسنودة له، المسؤولية المحدودة في الزمان والمكان بشكل أعوج. لكن المهنيين الحاضرين كانت لهم الكلمة العليا، حيث علا الإحتجاج والصفير في وجه مرسول الغفلة، مطالبين إياه بضرورة فتح النقاش وجلوس لطاولة الحوار، مادام جاء ممثلا للسيد الوزير. لكن أخانا فضل الهروب والنزول من على منصة الضيوف والخطابة، محاولا الإلتفاف ومداراة جهله بالمهمة التي جاء من أجلها، مطالبا ممن إلتفوا حوله، بضرورة مده بأرقام هواتفهم ليعطيها للسيد الوزير كي يتصل بهم و يفتح معهم النقاش المطلوب…
السيد الوزير يعلم جيدا ما راكم من أخطاء في حق السينما المغربية والسينمائيين المغاربة، وذلك بتنصله من الوعود وممارسة سياسة السمع بأذن من طين وأذن من عجين، لهذا هرب ولم يحضر، مدعيا(حسب ادعاء ممثله) أن مسؤوليات منعته من الحضور، بينما الكل يعلم، أنه خاف من النقد والتقريع..
ما وقع في “اليوم الوطني للسينما”، له دلالات جد خطيرة، لعل من أهمها: أن القائمين على الشأن السينمائي المغربي، خاصة في الوزارة المسؤولة، غير معنيين بما يجري ويدور، وأن السيد الوزير يدير القطاع كما تدار ضيعة جدباء مرمية على تخوم الجهل وقلة الحياء، وأن السينما والثقافة التي من المفروض أنه يشرف عليهما غير حاضرين في أجنداته السياسية الغارقة في الركوب على الوقت، والهروب نحو الأمام، والبحث عن طرق وسبل متداخلة لربح الوقت، لعل الزمن ينفعه للإنتقال لوزارة أخرى تكون اقل وجعا وصداعا للرأس، وزارة لا تشرف على الثقافة والمثقفين، ولا السينما والسينمائيين العارفين بخبايا مهنتهم الساخطين على التماطل والتسويف.
السينمائيون المغاربة اليوم، خاصة الغرف المهنية، مطالبون بوقفة واحدة موحدة، لمواجهة زحف اللامسؤولية، والإجهاز على المكتسبات التي ناضل الرواد من أجل تحقيقها، وقفة تحكمها مصلحة السينما المغربية أولا واخيرا.
عبد الإله الجوهري