تامر كروان مؤلف موسيقي مصري موهوب ، بعد أن تخرج من الأكاديمية الملكية للموسيقى بلندن حيث درس الموسيقى، ابتدأ بالاشتغال مع المخرج المتميز يسري نصر الله في فيلمه “المدينة” سنة 1998، ليضع بعد ذلك الموسيقى التصويرية لأفلام أخرى لنفس المخرج (“باب الشمس”، “إحكي ياشهرزاد”) وينطلق في نفس الآن لتأليف الموسيقى للعديد من الأفلام الجيدة لمخرجين مهمين في مصر والعالم العربي كمحمد خان في “شقة مصر الجديدة”، ” بالألوان الطبيعية” لأسامة فوزي، “كباريه” لسامح عبد العزيز وغيرها…
عرفتُ تامر كروان منذ عامين في شرم الشيخ أثناء حضوري للدورة الأولى من مهرجانها السينمائي، ووجدت فيه الفنان المتواضع الحُلو المعشر والعاشق للفن عموما والسينما والموسيقى على الخصوص، الفَنَّينِ اللذين يتحدث فيهما وعنهما بشغف العاشق و بمستوى وعُمق المُلِمِّ في نفس الآن. بعد ذلك بسنة لن أفاجأ وأنا واصل للتو للقاهرة للمشاركة في مهرجانها السينمائي الدولي كعضو لجنة تحكيم “أسبوع النقاد الدولي” وتامر يهاتفني ل”يعزمني” على شرب قهوة رغم أن أجندته مكثفة ومليئة ولا تسمح له بالحضور الدائم والمستمر لفعاليات مهرجان القاهرة كما بدا لي وكما قال هو أيضا نظرا لأن لديه عملا كثيرا ينتظره.
حينما تتحدث مع تامر تجد أن لديه ثقافة موسيقية واسعة وإلماما خاصا بالموسيقى التصويرية للأفلام عالميا، وكيف تطورت لتصبح عاملا أساسيا في العمل السينمائي والدرامي عموما، فهو يحفظ عن ظهر قلب أسماء المؤلفين الموسيقيين وأسماء الأفلام التي وضعوا لها الموسيقى، ويضع لك الأصبع على للمسات الفنية التي تميزهم، خصوصا أولائك اللذين شكلوا انعطافة مهمة في مسار الموسيقى التصويرية عالميا.
بعد ذلك تابعته ليس فقط سينمائيا بل في مسلسلات درامية تلفزيونة ألَّف لها الموسيقى التصويرية، فوجدته سائرا في خط تصاعدي باستمرار، فبعد أن وضع الموسيقى التصويرية لأهم مسلسل تلفزيوني مصري عُرض الموسم الفارط وهو “واحة الغروب” للمخرجة كاملة أبو ذكري المقتبس عن رواية لبهاء طاهر، هاهو هذه السنة يصبح المؤلف الموسيقي الرمضاني رقم واحد في مصر بعد أن قام بتأليف الموسيقى التصويرية لأربعة مسلسلات رمضانية يقوم ببطولتها نجوم ونجمات تعوَّدنا على مشاهدتهم كل رمضان على الشاشات العربية، وهي “بالحجم العائلي” بطولة يحيى الفخراني، “إختفاء” بطولة نيلي كريم، “لدينا أقوال أخرى” بطولة يسرا و”ضد مجهول” بطولة غادة عبد الرازق. وما يُميِّز تامر كروان في موسيقاه لهذه المسلسلات أنه لايُكرِّر نفسه بل يجد لكل واحد منها توليفته الموسيقية التي تناسبه، إذ أن موسيقى مسلسل الفخراني الكوميدي تختلف تماما بطابعها الخفيف والمتوسطي عن موسيقى مسلسل “اختفاء” أو “ضد مجهول” مثلا…
من سِمات تامر كروان أنه يستطيع الانتقال من نوع موسيقي لآخر، وهو قادر على تنويع الآلات الموسيقية من عمل لآخر حسب التأثير أو الطابع المُراد إنجازه في فيلم أو مسلسل ما. فهو في مسلسل “واحة الغروب” على سبيل المثال يستخدم آلات الشرقية والموسيقة ذات الطابع تراثي يَمتحُ من الموروث الموسيقي العربي الكلاسيكي، بخلاف مسلسلات أخرى حيث نجده وقد أصبح عصريا ومُستَلهِما موسيقى غربية في أشكالها المتنوعة والمختلفة.
ومن ذكاء تامر وحسه الفني الرهيف كونه لا يتحمس للموسيقى في العمل بأي شكل كان، فهو ينصح المخرج بحذف الموسيقى من مشاهد تكتفي بذاتها ولاتتحمل موسيقى كي تنتج المعنى. وهو أيضا يعلم جيدا الدور الدرامي المهم للموسيقى التصويرية الأمر الذي يمكِّنُه من إنجاز موسيقى تشكل لحمة مع العمل ولاتكون نشازا عنه او تشويشا للمُشاهد له.
ولن نكون مبالغين إذا قلنا أن الفنان تامر كروان قد أصبح من بين نجوم دراما رمضان بموسيقاه المختلفة والمتميزة التي تُشكل الفرق والتَّميُّز في أي عمل درامي تُوضع له . ولن أجازف إذا قلت أن تامر كروان يشكل الآن بأعماله الموسيقية واحد من بين أهم واضعي الموسيقى التصويرية في العالم العربي وليس في مصر فقط بلمسته المتميزة والمغايرة وبحسه الموسيقي المغاير.
*عبد الكريم واكريم