عرفته، نهاية سنوات الثمانينات من القرن الماضي، شابا يافعا يصول و يجول فوق خشبات المسرح الجامعي في كلية بن مسيك بالدارالبيضاء، قبل أن أغرم بأدائه الخفيف العميق في نفس الآن في فيلم “عرس الآخرين” للمخرج حسن بنجلون، أداء وقوة الحضور في هذا الفيلم، و من بعد في غيره من الأفلام التي وسمت مساره الفني، خاصة منها السينمائية، جعلتني أؤمن أكثر فأكثر بقدراته الفنية، و كما يؤمن مثلي العديد من النقاد و المتتبعين للشأن الفني بالمغرب، بمسألة، طالما نرددها بيننا كلما تناولنا سيرته المتوهجة و عطاءاته اللامتناهية، و هي أنه ممثل ديال بصح، نعم ديال بصح و نصف.
علاقتي به توثقت مع حضوري للمهرجانات التي أحضرها و يحضرها بين الفينة و الأخرى، و مرور الأيام بين الهنا و الهناك، بين اللقاءات و الندوات، و خاصة بلاطوهات التصوير التي أجده فيها موزعا بين مهمات عديدة، ممثلا، أو مصححا للنصوص والحوارات، أو مساعدا في إدارة الممثلين و ضبط الجموع، حيث أصبح مرجع أساس في كل عمل يقوم به بعض المخرجين الأصدقاء، المخرجون القريبون من قلبه و عالمه الفني، كحسن بنجلون ومحمد نظيف و سلمى بركاش و سعيد خلاف وعزيز السالمي..، مخرجون يؤمنون بموهبته الكبيرة، و نزاهته الصافية، و صداقته العميقة، فلا عجب أن تجده ناكرا للذات، غارقا في الوقوف على كل كبيرة و صغيرة، من أجل المساعدة في إنجاح مشاريع هؤلاء المخرجين الأصدقاء.و المساهمة إلى جانبهم في تكريس سينما مغربية حقيقية، سينما مصنوعة بالحب و من أجل الحب.
أينما حل و ارتحل تجد عبد الله شاكيري حاملا معه القلب و الروح و البسمة المشعة، مثلما يحمل معه صفاء الوجدان و الإنتصار للأفلام كل الأفلام، بغض النظر عمن أنتجها أو أخرجها أو لعب بطولتها أو ساهم في توزيعها، لأن المهم بالنسبة له هو الفيلم، بإعتباره منتوجا إبداعيا أولا ومغربيا ثانيا. لذلك لا تلقاه كل مرة، إلا منافحا عن حياض الحق و الإعتراف بمجهود الآخرين والنهي عن منكر من يهاجم المخرجين فقط لأنهم مخرجون.
شاكيري أو كما يحلو لي أن أناديه بين الفينة و الأخرى، و ذلك على سبيل الضحك و المحبة و الألفة القائمة بيننا، chat qui rit ، يتمتع بحس فكاهي نادر، حس يستثمره في الجلسات الحميمية الخاصة، من أجل المزاح البريء واللقاءات الصافية المريحة، رفقة الأصدقاء و الأحبة و الخلان، فلا عجب أن وجدته المطلوب الأول حيا أو حيا، في كل الجلسات التي نعقدها بيننا في الكثير من المساءات، الجلسات التي تقوي أواصر الصداقة والمحبة بين جموع المبدعين المغاربة وتشعرهم أنهم عائلة واحدة موحدة. رغم ما قد يحصل من شنآن أو خلاف و اختلاف..
تحية لصديقي عبد الله شاكيري، الممثل الراقص بكل نبل فوق الخشبات، المبدع القابض على جمر الخلق السينمائي بصبر الكبار، الباسط لزرابي الألفة في جل الأمكنة التي يقيم بها أو يمر منها، حاملا دائما في عمق القلب و الروح، قوة حب الآخرين، و التغاضي عن الأخطاء البشرية العادية التي لا تنتهي و لن تنتهي.