احتضنت قاعة العروض المسرحية والسينمائية بالمعهد الفرنسي بمكناس، عشية الخميس 14 أبريل 2022 من الرابعة إلى السادسة، عرضا تلته مناقشة لفيلم “أحداث بلا دلالة” (1974) بحضور جمهور نوعي أغلبه من الشباب ومخرج الفيلم مصطفى الدرقاوي والباحثة والموثقة السينمائية ليا موران، التي كان لها دور كبير في ترميم هذا الفيلم، بعد العثور على نسخته السالبة بإحدى الخزانات السينمائية الإسبانية، وتمكين العديد من السينفيليين من مشاهدته في مناسبات عدة داخل المغرب وخارجه،.
في كلمة تقديمية مكتوبة، تلتها على الحاضرين ليا موران، تحدث الدرقاوي عن فيلمه الطويل الأول وظروف إنجازه ومنعه من العرض ابتداء من سنة 1975، كما رحب بالحاضرين وعبر عن استعداده للإجابة عن مختلف أسئلتهم.
بعد عرض الفيلم (حوالي 75 دقيقة) طرحت مجموعة من الأسئلة حول شكله ومضمونه أجاب عنها المخرج كتابة وقرأت ليا موران على الحاضرين ما سطرته يده اليمنى على كراسة موضوعة على ركبتيه.
من الأمور التي تمحور حولها النقاش مسألة اعتماد المخرج على اللقطات المقربة بكثرة وتداخل الأجناس السينمائية في الفيلم، فهو روائي ووثائقي وبوليسي وروبورتاج…، وميزانية الفيلم ومشاركة عدة وجوه فنية (أعضاء فرقة “جيل جيلالة” وحميد الزوغي وعبد القادر مطاع وصلاح الدين بنموسى وحميد نجاح ونور الدين كونجار وشفيق السحيمي ومصطفى مستعد وعمر شنبوض ومحمد فاخر ومصطفى الدرقاوي….) وأدبية (القصاص والروائي محمد زفزاف والشاعر مصطفى النيسابوري) وإعلامية (خالد الجامعي ومحمد جبران) وغيرها (مصطفى الدزيري وعباس الفاسي الفهري والعربي بلعكاف…) في تشخيص أدواره.
فيما يتعلق بالميزانية أشار الدرقاوي إلى أنها قاربت مبلغ 300 ألف درهم وأن الفيلم هو عمل جماعي، ساهم فيه مجانا ممثلون وتقنيون ودعمه ماديا ومعنويا مثقفون وفنانون تشكيليون وجهات أخرى، فثقة كل هؤلاء في المشروع هي التي مكنت من إنجازه.
حاول الدرقاوي من خلال فيلمه الطويل الأول هذا أن يترجم ما تعلمه من أساتذته في معهد السينما ببولونيا. كما حاول ممارسة التجريب بحثا عن أسلوب خاص في الكتابة والإنجاز وعن سينما مغايرة لما هو سائد في ساحتنا الفنية. وهذا الإنجاز الجماعي يذكرنا بعمل سابق هو “وشمة” (1970) لحميد بناني والمشاركين معه في شركة “سيغما 3” أي محمد عبد الرحمان التازي وأحمد البوعناني ومحمد السقاط. كما يذكرنا أيضا بتجربتي فيلم “الشركي أو الصمت العنيف” (1975) لمومن السميحي، الذي ساهم في إنتاجه حميد بناني، وفيلم “رماد الزريبة” (1976) مع محمد ركاب ومصطفى الدرقاوي وعبد الكريم الدرقاوي ونور الدين كونجار وعبد القادر لقطع وسعد الشرايبي والعربي بلعكاف،. وكل هذه التجارب الجماعية أنتجت في السبعينات، عقد السينما المستقلة بامتياز، أفلاما لها قيمة إبداعية رغم بعض النواقص.
تجدر الإشارة إلى أن السينمائي الكبير مصطفى الدرقاوي، رغم ظروفه الصحية الصعبة وعدم قدرته على الكلام، ورغم رحيل رفيقة عمره خديجة نور، مؤخرا، لم يفقد الأمل بعد في العودة إلى الميدان السينمائي. ففكره لا يزال متقدا وحماسه لم يفتر، ولعل ما يؤكد ذلك حصول مشروع فيلمه الجديد “حميدة الجايح” على ثقة لجنة دعم الأعمال السينمائية (الدورة الأولى للسنة الجارية) التي منحته ثاني أعلى مبلغ (4200 ألف درهم) مخصص للأفلام الروائية الطويلة قبل الإنتاج. كل هذه الأمور إذن تستدعي الوقوف إلى جانبه لإخراج هذا الفيلم الجديد، الذي سيصور في الشهور القادمة، إلى حيز الوجود.
من مكناس: أحمد سيجلماسي.