إذا كان فيلم “كونطاجيون” (عدوى) 2011 لستفين سودربرغ هو الأكثر تمثيلية ومُشابَهة في أحداثه لما يعيشه العالم اليوم نظرا لدقة المعلومات العلمية التي اعتمد عليها كاتب السيناريو سكوت برنز والإخراج الجيد لسودربرغ مع الاعتماد على ممثلين أكفاء لأداء الأدوار الرئيسسية ، فإن فيلم “12 قردا” (1995) لتيري غيليام هو الأكثر إبداعية وجمالية من كل أفلام الأوبئة، إذ يتناول ظاهرة انتشار وباء سيدمر البشرية بشكل مختلف ومتميز.
وتدور أحداث فيلم “12 قردا” بين سنة 2035 حيث سيكون سطح الأرض قد أصبح غير صالح لسكن البقية الباقية من البشر الذين قضى على أغلبهم وباء فتاك وبين سنتي 1990 حيث سَيَحُطُّ جيمس كول بالغلط قبل أن يتم بعثه مرة ثانية لسنة 1996 العام الذي سيشهد حدوث هذه الكارثة الإنسانية ليبحث عن أسبابها وعن منبع الوباء. الفيلم مستوحى ومقتبس من الفيلم القصير للمخرج الفرنسي كريس ماركر “لاجوتي” (الرصيف) 1962 وهو يحافظ على أغلب خطوطه العريضة ، وبالفيلم مرجعيات لسينما هيتشكوك بالخصوص يعلن عنها تيري غيليام في مشهد قاعة السينما حيث يختبأ جيمس كول وطبيبته النفسية ليتنكرا استعدادا للذهاب للمطار حيث المشهد النهائي الذي يفسر كل أحداث الفيلم.
“12 قردا” من تلك الأفلام التي تحتاج مشاهدة ثانية أو ثالثة لأن المخرج لا يمنحنا فرجة سهلة وبسيطة بل يذهب بنا كمشاهدين في متاهات درامية عن قصد ليعطينا في آخر المطاف بعضا الإشارات لنفهم مايقع.
تفوق بروس ويليس في أداء شخصية جيمس كول وظل محافظا على ذلك اللبس المُكَوِّن لهذه الشخصية والمُحَدِّدِ لها، بحيث يظل السؤال معلقا حتى آخر الفيلم لدى المشاهدين هل كول قادم حقا من المستقبل، وهنا نكون، أمام فيلم للخيال العلمي، أم هو مجرد مهووس ومجنون كما خلص لذلك أطباء مستشفى الأمراض العقلية حيث تم حجزه في البداية ونكون ساعتها أمام فيلم بسيكولوجي يغوص في نفسيات الشخوص ويستجلي أغوارها أم هما معا، أما براد بيت فلعب واحدا من أهم أدواره السينمائية والذي مكنه من نيل جائزة الغولدن غلوب .
عبد الكريم واكريم