انتهت الدورة 15 لمهرجان مراكش السينمائي، ليتلوها شبه إجماع عن كونها أسوء دورة لهذا المهرجان منذ انطلاقه. إذ كانت جوائزها بمثابة تلك القشة التي قصمت ظهر البعير، بحيث أن رئيس لجنة التحكيم المخرج الكبير فرانسيس فورد كوبولا ارتكب أمرا غريبا، وذلك بإعطاءه جائزة لجنة التحكيم لأربعة عشر فيلما مشاركا في المسابقة الرسمية، جاعلا في سلة واحدة الجيد والرديء. وبهذا فقدت هذه الجائزة كل أهميتها وأفقدت معها مهرجان مراكش كثيرا من الاحترام والجدية التي كان ربما يتمتع بها في الأوساط السينمائية العالمية.
نعم، من الغريب والسوريالي أن ينال 14 فيلما جائزة لجنة التحكيم حتى لو كان كوبولا هو رئيس هذه اللجنة، ولو كان هذا الأخير يأخذ بمأخذ الجد مهرجان مراكش لما فعلها، وهي حادثة لانظنها ممكنة التحقق في مهرجانات كبرى تحترم نفسها ككان والبندقية وبرلين وغيرها، وربما هي سابقة ستتندر بها المحافل السينمائية الدولية ولن تتكرر أبدا وستظل سبَّة في جبين هذا المهرجان.
وإذا كانت مسألة الجوائز هذه هي المستجد الغريب في هذه الدورة، فإن الملاحظات السلبية حوله ظلت هي بل تفاقم بعضها، ومن أهم هذه الملاحظات هي سيطرة الفرنسيين عليه وتهميشهم وإهانتهم للفنانين والمهنيين السينمائيين والصحفيين والنقاد المغاربة، الذين يحضرون دورات هذا المهرجان. الأمر الذي يطرح أكثر من تساؤل حول الإصرار على إسناد مهمة التسيير لهؤلاء فيما أن المغرب به طاقات أثبتت جدارتها في تنظيم المهرجانات السينمائية وقدرتها على تحمل مهمة تسيير مهرجان كبير كمهرجان مراكش السينمائي.
إضافة لهذا فقد لوحظ خلال هذه الدورة تقلص المساحة التي كانت تخصَّص للسينما المغربية في هذا المهرجان، وتم عرض فيلم أو فيلمين رديئين فقط بفقرة “نبضة قلب”، التي كانت تخصَّص لأهم إنتاجات السينما الوطنية، وكأننا بالمنظمين الفرنسيين قد ضاقوا ذرعا بهذه السينما ويريدون التخلص منها وحرمانها من كوة الضوء هاته، التي تطل منها على العالمية.
على العموم وبعد هذه الدورة من مهرجان مراكش السينمائي، وجب إعادة النظر في كيفية تسييره والتساؤل عن الجدوى من تنظيمه، فإما أن يعيد انطلاقته ابتداء من الدورة القادمة برؤية مختلفة وإلا فإن دورته الخامسة عشر ستكون بداية الإعلان عن وفاته، أو انحداره إلى مصاف مهرجانات من الدرجة العاشرة أو ما تحت.