صبيحة يوم أمس الجمعة 21 / 12 2018 وفي آخر جلسات نقاش الأفلام بمهرجان خريبكة للسينما الإفريقية، تمت مناقشة فيلم “امباركة” لمحمد زين الدين بحضور هذا الأخير والممثلة الرئيسية للفيلم فاطمة عاطف، وسير النقاش الناقد آيت عمر المختار.
في البداية شكر محمد زين الدين مهرجان خريبكة الذي أتاح للأصدقاء اللقاء والحوار حول السينما.
ثم أُعطيت الكلمة للحضور، وجوابا على سؤال للناقد حسن وهبي عن رمزية استعمال المخرج للعلم المغربي في عدة مشاهد إما في عمق الصورة أو فوق بناية المسجد، أجاب زين الدين أنه وضعه كعلامة في الفضاء لتوجيه المتفرج وأنه يضع باستمرار علامات ضرورية بالنسبة له لإبراز أننا مازلنا في نفس المكان. وأضاف أنه مثلا حينما يَمُرُّ القطار نرى امباركة تشتغل في مختبرها لتحضير الأدوية ، وهكذا فالقطار يَمُرُّ بِسُمِّه ذهابا وإيّابا وامباركة تهيِّء بدورها سمومها.
وبخصوص اختياره للصومعة حيث يصعد شعيبة مهددا، يقول زين الدين أنه استوحى هذا المشهد من طفولته حينما كان في سن الخمس سنوات وكان هنالك لص في حَيِّه بواد زم لا يكاد يخرج من السجن حتى يعود إليه وفي إحدى المرَّات فتح بطن شخص بِسِكِّين وهرب من الشرطة مُلتجلأ لبُرج صهريج ماء مُهَدِّدا إن صعد إليه أحدهم فإنه سيرمي بنفسه ومن يقترب إليه، وأضاف أنه غَيَّرَ بُرجَ الصَّهرِيج بصومعة المسجد في الفيلم.
وعن تصويره للفقراء وأوساخهم خصوصا في مشاهد عيد الأضحى أكد محمد زين الدين أن هدفه ليس التشهير بهاته الفئة لكنها ضرورة الحكي وهذا هو الواقع إضافة إلى أن للقبح جمالياته لمن يستطيع تصويرها واستخراجها والغوص فيها.
وفي مداخلة للناقد السينمائي مصطفى العلواني لاحظ أن فيلم “امباركة ” يظل في نفس سياق ومسار أفلام محمد زين الدين السابقة ابتداء من “يقظة” إذ أن هنالك مقترحا سرديا وتخييليا في كل أفلامه ، ومما يُمَيِّز فيلم “امباركة” يضيف العلواني أننا لا نجد الشرير المطلق في الفيلم فشعيبة رغم كونه لصّا ومنحرفا لكنه يتعاطف مع الأطفال وفي أوج صراعه مع عبدو يَحنُّ عليه ويبكي عليه حينما تقتله أمه، وأسَرَّ المتدخل أنه كان متورطا في الفيلم وهو يعلم أن شخصية المجنونة في الفيلم كانت شخصية لمجنون رجُل، وتساءل ما الذي جعل زين الدين يُغيِّر هذه الشخصية، مضيفا أن زين الدين ترك مسارات لم يكملها في آخر فيلمه خصوصا فيما يتعلق بالمراهقة والمجنونة وكأنه كان مازال يريد أن يحكي أكثر.
وجوابا على هذا التَّدَخُّل أكد زين الدين أن شخصية المجنونة بالفعل كانت شخصية لمجنون رجل في السيناريو الأصلي، والذي كان يُرَدِّدُ باستمرار عبارة “عطي لمو” كُلَّمَا شاهد حالة عنف أو شجار، ولكن تَزامُن الاشتغال على الفيلم مع بداية وتوالي أحداث الريف التي اشتعلت انطلاقا من مقولة “طحن مُّو” جعلته يُفَكِّر في تغيير هذه العبارة وإزالتها لأنه لايريد أن يُصَنَّف في إطار إيديولوجي معين أو في خانة محدَّدة، وأكد زين الدين أنه حتى بعد انطلاق التصوير بثلاثة أسابيع لم يكن قد وجد بعد الممثل الذي بإمكانه أداء دور المجنون وفي آخر المطاف استقرعلى إعطاء دور المجنونة لمُساعدة له في البلاطو وجد فيها الصفات التي كان يبحث عنها في الشخصية. وفي نفس السياق يقول المخرج أنه قام ببحث عميق حول تاريخ الجنون خاصة في القرون الوسطى وقرأ كُتُبا حول هذا الموضوع لميشيل فوكو وغيره من المفكرون. وكخلاصة لهذه الشخصية في الفيلم يقول زين الدين أن الحمقاء هي من تجمع الأرشيف في الفيلم ربما لتبحث فيه عن تاريخ المغرب أو عن تاريخها الخاص أو عن تاريخ الإنسانية وهي الشاهدة والحاكية والسَّارِدَة في الفيلم و”هي التي تمثلني أنا” يؤكد المخرج، وهي التي ستتبخر كَبُخار أو رائحة في الهواء في آخر الفيلم.
عبد الكريم واكريم-خريبكة