الرئيسيةالسينما العالميةوفاة بريجيت باردو.. رحيل أيقونة الحرية والجمال في السينما الفرنسية

وفاة بريجيت باردو.. رحيل أيقونة الحرية والجمال في السينما الفرنسية

وفاة بريجيت باردو

توفيت النجمة الفرنسية الشهيرة بريجيت باردو، إحدى أكثر أيقونات السينما الأوروبية تأثيرًا وإثارة للجدل في القرن العشرين، عن عمر ناهز 91 عامًا، بعد مسيرة استثنائية جعلت منها رمزًا للحرية والتحرر والجمال خارج القوالب التقليدية. وأكدت مؤسسة “بريجيت باردو” المعنية بحماية الحيوان خبر وفاتها صباح الأحد في منزلها بجنوب فرنسا، دون الكشف عن سبب أو توقيت محدد للوفاة، في حين أشارت تقارير إلى دخولها المستشفى خلال شهر نوفمبر الماضي.

وسرعان ما تفاعل الوسطان الفني والسياسي في فرنسا مع خبر رحيلها، حيث نعاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون واصفًا إياها بـ“أسطورة القرن”، معتبرًا أن بريجيت باردو جسّدت بأسلوب حياتها وأعمالها مفهوم الحرية الفرنسية بامتدادها الإنساني والعالمي، مشيرًا إلى تأثيرها الفني، وصوتها، وجمالها، وحضورها الثقافي، فضلًا عن دفاعها الشرس عن حقوق الحيوان.

وبرز اسم بريجيت باردو في خمسينيات وستينيات القرن الماضي كواحدة من أشهر نجمات السينما الفرنسية، ليس فقط لجمالها اللافت، بل لأدائها الجريء الذي كسر التقاليد السائدة، خاصة بعد فيلمها الأشهر “وخلق الله المرأة” عام 1956، الذي أثار ضجة واسعة واعتُبر صادمًا بمعايير ذلك الزمن، إلى درجة منعه من العرض من قبل الفاتيكان وفرض رقابة مشددة عليه داخل فرنسا. وقدّم الفيلم باردو، وهي في الثانية والعشرين، بصورة غير مسبوقة لامرأة شابة متحررة، ما جعله محطة مفصلية في تاريخ السينما الأوروبية.

وتميّزت باردو بحضور مختلف عن نجمات عصرها، إذ كانت من أوائل نجمات السينما اللواتي ظهرن على الشاشة بطبيعية كاملة، وساهمت في نشر موضة البكيني في زمن كانت تسوده المحافظة، كما تحوّلت إلى نجمة دائمة في مهرجان كان السينمائي، حيث كانت عدسات المصورين تلاحقها في كل ظهور. ولم يكن غريبًا أن تحتل المرتبة الرابعة في قائمة “أكثر 100 نجم إثارة في القرن” التي نشرتها مجلة “بلاي بوي” عام 1999.

إلى جانب التمثيل، خاضت باردو تجربة الغناء خلال الستينيات، وقدمت ألبومات غنائية اتسم أداؤها فيها بالخفة والعفوية، كما ارتبط اسمها فنيًا بالموسيقي الفرنسي سيرج غينسبور، الذي غنّت معه عددًا من أشهر الدويتوهات، من بينها “بوني وكلايد”، بينما أثار تسجيلها الأول لأغنية “أنا أحبك… ولا أنا أيضًا” جدلًا واسعًا، قبل أن تُطرح لاحقًا بنسخة أخرى.

وعلى الرغم من النجاح العالمي، دفعت باردو ثمن شهرتها باهظًا، إذ عاشت تحت مطاردة مستمرة من المصورين ووسائل الإعلام، وتحوّلت حياتها الخاصة إلى مادة دائمة للصحافة الصفراء. وفي عام 1960، حاولت الانتحار بعد انكشاف علاقتها العاطفية بأحد الممثلين، في حادثة كشفت قسوة التعامل الإعلامي معها، وهو ما عبّرت عنه لاحقًا بقولها إنها باتت تفهم معاناة “الحيوانات المطاردة”.

وفي عام 1973، قررت باردو اعتزال التمثيل نهائيًا وهي في التاسعة والثلاثين من عمرها، معلنة أن السينما لم تعد تعني لها شيئًا، وأنها شعرت بتحرر كبير بعد هذا القرار. وبعد أن شاركت في نحو خمسين فيلمًا، كرّست ما تبقى من حياتها للدفاع عن حقوق الحيوان، وأسست مؤسسة تحمل اسمها عام 1986، خاضت من خلالها معارك ضد الصيد الجائر، وتجارة الفراء، واستغلال الحيوانات في السيرك وحدائق الحيوان، وظروف الذبح، وغيرها من القضايا.

ورغم هذا الدور الإنساني، لم تخلُ حياة باردو من الجدل السياسي والفكري، بسبب مواقفها الحادة وتصريحاتها المثيرة، والتي جلبت لها انتقادات واسعة وأحكامًا قضائية، إضافة إلى مواقفها الرافضة لحركات نسوية معاصرة مثل “مي تو”.

وبرحيل بريجيت باردو، تطوي السينما الفرنسية صفحة نجمة استثنائية لم تكن مجرد ممثلة، بل ظاهرة ثقافية كاملة، جسّدت روح التمرد والحرية، وتركـت إرثًا فنيًا وإنسانيًا سيظل حاضرًا في الذاكرة العالمية.

سينفيليا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *