الرئيسيةالسينما العالميةكيف تحولت أفلام الأعياد إلى صناعة سينمائية رابحة؟

كيف تحولت أفلام الأعياد إلى صناعة سينمائية رابحة؟

أفلام عيد الميلاد الأميركية

مع قدوم فصل الشتاء كل عام، يعود موسم أفلام الأعياد ليحتل مساحة بارزة في خريطة الإنتاج السينمائي، مقدّمًا أعمالًا عائلية تتنوع بين الكوميديا والرومانسية وأحيانًا الرعب، لكنها تتفق جميعًا في ارتباطها بإجازات نهاية العام وأجواء الاحتفال. هذا الموسم بات فرصة مثالية للهروب من الروتين اليومي وخوض مغامرات دافئة أو غير متوقعة، اعتاد الجمهور متابعتها قديمًا في قاعات السينما، قبل أن تنتقل في السنوات الأخيرة إلى الشاشات المنزلية عبر المنصات الرقمية التي راهنت على هذه النوعية بوصفها موجة مضمونة النجاح.

وخلال الموسم الحالي، طُرح ما يقارب ثمانية أعمال تدور في أجواء الأعياد الشتوية، كان النصيب الأكبر منها لمنصة نتفليكس التي قدمت أربعة أفلام ومسلسلًا قصيرًا، جميعها تدور حول روح الشتاء والاحتفال، وتتنوع بين الطابع الكوميدي والرومانسي. ومن بين أحدث هذه الأعمال مسلسل “رجل في مواجهة طفل”، إلى جانب أفلام مثل “سرقة في عيد الميلاد”، و“سانتا السري”، و“عيد سعيد للمنفصلين”.

ولم تكن المنصات الأخرى بعيدة عن هذا السباق الموسمي، إذ طرحت منصة “برايم” التابعة لأمازون ثلاثة أفلام جديدة، بينما اكتفت “ديزني+” بعمل واحد، وقدمت “أبل تي في+” فيلمًا واحدًا هو الجزء الثاني من “خطة العائلة”. ومع هذا الزخم من الإصدارات الممتدة من أواخر نوفمبر وحتى منتصف ديسمبر، يبدو المشهد وكأنه منافسة مفتوحة بين المنصات الكبرى على جذب أكبر عدد ممكن من المشاهدين خلال فترة الأعياد.

ورغم أن أفلام الأعياد باتت اليوم صناعة قائمة بذاتها، فإن رحلتها لم تكن قصيرة، بل امتدت عبر أكثر من قرن، منذ بدايات السينما الصامتة، مرورًا بالحربين العالميتين، ثم صعود التلفزيون، وصولًا إلى طفرة الكوميديا العائلية في تسعينيات القرن الماضي، وانتهاء بعصر الإنتاج الكثيف للمنصات الرقمية. ففي بداياتها، لم تكن هذه الأفلام محكومة بمنطق السوق كما هو الحال اليوم، بل شكلت مساحة للخيال الإنساني وسرد الحكايات العاطفية التي تمس وجدان الجمهور.

وكان من أوائل الأعمال التي أرست ملامح هذا النوع السينمائي فيلم “ترنيمة عيد الميلاد” الصادر عام 1901، المقتبس عن رواية تشارلز ديكنز الشهيرة. وقد وفّرت أجواء الكريسماس آنذاك مادة خصبة لصنّاع السينما، تجمع بين البساطة والعاطفة والرسالة الأخلاقية الواضحة. ورغم قصر مدة الفيلم، فإنه وضع أسسًا سردية استمرت لعقود، أبرزها تحوّل البطل نحو الأفضل، وفكرة الخلاص القيمي، والحضور الرمزي للثلج والدفء العائلي.

وجاءت تسعينيات القرن الماضي لتشكل العصر الذهبي لكوميديا الكريسماس العائلية، حيث ازداد التركيز على الفوضى المنزلية التي ترافق الأعياد، في إطار كوميدي يستهدف جمهورًا واسعًا. وكان فيلم “وحدي في المنزل” علامة فارقة في هذا التحول، بعدما حقق نجاحًا تجاريًا غير مسبوق لفيلم عائلي، مثبتًا أن موسم الأعياد يمكن أن يكون موسمًا سينمائيًا مستقلًا بحد ذاته. وتبعت هذا النجاح أعمال أخرى رسخت الفكرة ذاتها، مع التركيز على الهدايا، والتجمعات العائلية، والمواقف الكوميدية التي تنتهي غالبًا بلحظة دفء ولمّ شمل.

ومع دخول الألفية الجديدة، اتسع نطاق أفلام الأعياد عالميًا، متجاوزًا الإطار الأميركي، ومتكيّفًا مع ثقافات متعددة، مع الحفاظ على العناصر الأساسية نفسها. كما تنوعت الأنواع السينمائية لتشمل الرومانسية، والرسوم المتحركة، والكوميديا، ما جعل الكريسماس قالبًا مرنًا قادرًا على استيعاب عشرات الصيغ السردية.

أما مع صعود منصات البث الرقمي، فقد تحوّل موسم الأعياد إلى فترة إنتاج مكثفة تُطرح خلالها سنويًا أعمال خفيفة ومنخفضة الميزانية، تستهدف جمهورًا يبحث عن محتوى مألوف وسهل المشاهدة. وفي هذا السياق، تشكل ما يشبه “العالم السينمائي للكريسماس”، حيث تتقاطع القصص والأجواء، وتتوحد الغاية في تقديم فيلم بسيط يناسب عائلة تجتمع حول مائدة العشاء في ليلة شتوية باردة.

سينفيليا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *