تستعد مدينة تطوان لاحتضان الدورة الثلاثين من مهرجان سينما البحر الأبيض المتوسط، في حدث سينمائي يحتفي بروح الإبداع والتنوع الثقافي الذي يميز المنطقة. ويقدّم المهرجان هذه السنة برنامجًا متنوعًا يجمع بين الندوات الفكرية واللقاءات المفتوحة والورشات التكوينية، التي ستقام في دار الثقافة وعدد من فضاءات المدينة، في أجواء تجمع بين الفن والتأمل والمعرفة.
وتسعى إدارة المهرجان، من خلال هذه الأنشطة، إلى خلق مساحة حوارية مفتوحة حول قضايا الإبداع والجماليات السينمائية، بمشاركة نخبة من المخرجين والنقاد والجامعيين والفنانين. ويهدف البرنامج إلى تشجيع التفكير النقدي، وتبادل التجارب حول السينما المتوسطية باعتبارها لغة بصرية مشتركة تتجاوز الحدود الجغرافية.
كما يتضمن الحدث ورشات تطبيقية في التصوير الفوتوغرافي والسينوغرافيا وتحليل الصورة السينمائية، إلى جانب ورشة للتعريف بلغة السينما موجهة للطلبة والشباب. ومن المنتظر أن تمتد أنشطة “خارج الأسوار” إلى السجن المحلي بتطوان، من خلال عروض أفلام ولقاءات فنية تهدف إلى جعل الفن وسيلة للتأهيل والتواصل الإنساني.
ويفتتح البرنامج يوم 27 أكتوبر بندوة حول حضور النساء المخرجات في السينما المتوسطية، بمشاركة أسماء لامعة من المغرب وفرنسا وإيطاليا وتونس، بينما يستضيف المهرجان في اليوم نفسه المخرج نبيل عيوش في لقاء مفتوح يتناول تجربته الفنية ومساره الإنساني بين الالتزام الاجتماعي والإشعاع الدولي.
ويشهد اليوم الموالي نقاشًا حول سينما الكوميديا في المتوسط بمشاركة نقاد وفنانين من بلدان مختلفة، تليه جلسات لقاء مع الممثل الأردني إياد نصار حول تجربته في السينما العربية، ومحاضرة للأستاذ محمد نور الدين أفاية حول خريطة السينما المتوسطية وتوقيع كتابه الجديد “ضفاف النظر”.
أما باقي الأيام فتتوزع بين توقيع مؤلفات سينمائية جديدة، ولقاءات فنية مع وجوه بارزة من الساحة المتوسطية مثل الممثلة الإسبانية عايدة فولش، إضافة إلى ورشات تكوينية بالمعهد الوطني للفنون الجميلة في مجالات متعددة من اللغة السينمائية إلى تقنيات الصورة.
ويمتد البعد الإنساني للمهرجان عبر أنشطة موجهة لنزلاء المؤسسات السجنية، من خلال عروض أفلام مثل “علي زاوا” و“نوارة”، وورشات فنية تسعى لربط السينما بقيم المشاركة والجمال.
ويجسد مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط، منذ تأسيسه سنة 1985 على يد جمعية أصدقاء السينما، أحد أهم الفضاءات السينمائية في المنطقة، إذ أسهم على مدى العقود في ترسيخ ثقافة سينمائية رفيعة والتعريف بإبداعات المخرجين من ضفتي المتوسط. وتظل مدينة تطوان، برصيدها الفني وحضورها التاريخي، القلب النابض لهذا المشروع الثقافي الذي يؤكد عامًا بعد عام أن السينما ليست فقط فنًا، بل جسرًا للحوار والتنوير الإنساني.
سينفيليا