الرئيسيةالسينما العربيةإرث فؤاد المهندس.. ضحك ورسائل باقية بعد 19 عامًا على الرحيل

إرث فؤاد المهندس.. ضحك ورسائل باقية بعد 19 عامًا على الرحيل

الفنان المصري فؤاد المهندس

تمر اليوم تسعة عشر عامًا على رحيل فؤاد المهندس، عملاق الكوميديا وأحد أبرز نجوم الفن العربي، الذي ترك إرثًا فنيًا وإنسانيًا باقياً رغم مرور السنوات. رحل “المهندس” في 16 سبتمبر 2006، بعد حياة حافلة بالضحك والبهجة والإبداع، بينما وُلد في السادس من الشهر نفسه عام 1934، ليظل شهر سبتمبر مرتبطًا باسمه مولدًا ورحيلاً.

البدايات: من بيت العلم إلى خشبة المسرح

وُلد فؤاد زكي المهندس في حي العباسية بالقاهرة لأسرة مثقفة؛ فوالده كان العالم اللغوي زكي المهندس، أحد رواد اللغة والأدب. نشأ في بيئة تقدر الكلمة والفكر، ما هيأه ليكون مختلفًا منذ الصغر. التحق بكلية التجارة جامعة القاهرة، وهناك انضم إلى فريق التمثيل، فاكتشف موهبته في الأداء الكوميدي.

تأثر فؤاد المهندس بالفنان الكبير نجيب الريحاني، الذي كان مثله الأعلى، فتعلم منه أصول المسرح وأسرار الضحك الراقي. سرعان ما انطلق بعد تخرجه، لينضم إلى فرقة الريحاني ويبدأ مسيرة طويلة من النجاح.

المسرح.. مدرسة المهندس الأولى

كان المسرح المحطة الأهم في مشوار فؤاد المهندس. فمن خلاله صنع اسمه الكبير، وقدم عشرات الأعمال التي تحولت إلى علامات فارقة في تاريخ الكوميديا العربية. من بين هذه المسرحيات:

  • السكرتير الفني

  • أنا وهو وهي

  • سيدتي الجميلة

  • إنها حقًا عائلة محترمة

  • سك على بناتك

  • هالة حبيبتي

  • علشان خاطر عيونك

هذه الأعمال لم تكن مجرد عروض مسرحية، بل كانت مدرسة في الأداء الكوميدي، إذ استطاع المهندس أن يمزج بين خفة الظل والرسالة الاجتماعية، فيناقش قضايا الأسرة والمجتمع بقالب ساخر راقٍ.

السينما.. ثنائيات خالدة مع شويكار

لمع نجم المهندس في السينما بفضل ثنائيته الشهيرة مع زوجته الفنانة شويكار. كانا معًا مثالاً للانسجام الفني والإنساني، وقدما للجمهور أعمالاً أصبحت من الكلاسيكيات، مثل:

  • أرض النفاق

  • البيه البواب

  • مستر إكس

  • مطاردة غرامية

  • اعترافات زوج

  • شنبو في المصيدة

  • الراجل ده هيجنني

  • أخطر رجل في العالم

هذا التعاون لم يكن مجرد لقاء بين ممثل وممثلة، بل قصة حب على الشاشة امتدت إلى الواقع، حيث شكّلا معًا أحد أشهر الثنائيات في تاريخ السينما العربية.

الإذاعة.. “كلمتين وبس”

ارتبط اسم فؤاد المهندس بالإذاعة المصرية منذ بداياته، حيث شارك في برنامج “ساعة لقلبك” الذي كان بوابة الكثير من نجوم الكوميديا. لكن بصمته الأهم كانت من خلال برنامجه الشهير “كلمتين وبس”، الذي استمر أكثر من ثلاثين عامًا. كان البرنامج يتناول قضايا اجتماعية بلهجة ساخرة قريبة من الناس، حتى صار جزءًا من وجدان المستمع المصري والعربي.

الفنان المصري فؤاد المهندس
الفنان المصري فؤاد المهندس

فوازير “عمو فؤاد”

في التلفزيون، أصبح فؤاد المهندس أيقونة رمضان عبر فوازير “عمو فؤاد”، التي قدمها على مدار أكثر من عشر سنوات. ارتبطت أجيال كاملة بهذه الفوازير التي كانت تجمع بين المرح والتعليم، حتى التصق به لقب “عمو فؤاد”. كما قدّم اسكتشات شهيرة مع شويكار، أبرزها أغنية “الصيام مش كده” التي صارت من كلاسيكيات رمضان.

أعمال للأطفال.. رسائل تربوية بضحكة صافية

لم يقتصر إبداع فؤاد المهندس على الكبار، بل قدم أعمالًا موجهة للأطفال، منها أغنيات وبرامج غرس من خلالها قيماً تربوية بأسلوب بسيط ومرح. فقد آمن بأن الفن رسالة، وأن الكوميديا ليست مجرد ضحك، بل وسيلة للتربية والتثقيف.

الجوائز والتكريمات

نال فؤاد المهندس خلال مسيرته العديد من الجوائز والأوسمة، تقديرًا لمشواره الطويل. كرّمته مهرجانات عربية ودولية، وظل اسمه حاضرًا في ذاكرة الجمهور حتى بعد رحيله، باعتباره رائدًا من رواد الكوميديا النظيفة التي تحمل قيمة ورسالة.

الجانب الإنساني والشخصي

إلى جانب أعماله الفنية، عُرف فؤاد المهندس بإنسانيته ومرحه الدائم. كان محبًا للناس، قريبًا من جمهوره، يعامل الجميع بتواضع وبساطة. حياته الشخصية، خصوصًا علاقته بالفنانة شويكار، كانت مادة دائمة للحديث، إذ جمع بينهما حب كبير انعكس على أعمالهما الفنية. ورغم انفصالهما لاحقًا، إلا أن علاقة الاحترام ظلت قائمة بينهما.

فؤاد المهندس و الفنانة شويكار
فؤاد المهندس و الفنانة شويكار

رحيله وخلوده

في صباح يوم 16 سبتمبر 2006، غيّب الموت فؤاد المهندس عن عمر يناهز 82 عامًا. لكن رحيله لم يكن نهاية، بل بداية لمرحلة جديدة من الخلود، إذ بقيت أعماله شاهدة على عبقريته، تتداولها الأجيال وتضحك معها كما لو كانت وليدة اليوم.

إرث لا يُمحى

يمكن القول إن فؤاد المهندس لم يكن مجرد ممثل كوميدي، بل كان مدرسة قائمة بذاتها. مدرسة تعلّم منها أجيال من الفنانين معنى أن يكون الضحك راقيًا، هادفًا، بعيدًا عن الابتذال. ترك بصمة في المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون، ونجح في أن يحفر اسمه كأحد أعمدة الكوميديا العربية.

بعد 19 عامًا على رحيله، ما زال “الأستاذ” حاضرًا في كل بيت، من خلال أعماله التي تُعرض حتى اليوم على الشاشات، لتثبت أن الفن الصادق لا يموت.

سينفيليا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *