الرئيسيةمتابعات سينمائيةوفاة الفنانة سمية الألفي… رحيل أيقونة درامية بصمت مؤلم ومسيرة لا تُنسى

وفاة الفنانة سمية الألفي… رحيل أيقونة درامية بصمت مؤلم ومسيرة لا تُنسى

سمية الألفي

في هدوء يليق بمسيرتها الإنسانية والفنية، رحلت الفنانة المصرية سمية الألفي عن عالمنا بأحد مستشفيات منطقة المهندسين، بعد صراع مع المرض، لتُسدل الستارة على رحلة امتدت لأكثر من أربعة عقود من العطاء المتواصل في السينما والمسرح والتلفزيون. خبر الوفاة نزل كالصاعقة على الوسط الفني وجمهور الدراما العربية، الذين ارتبطوا بأدوارها المتنوعة وحضورها الهادئ والمؤثر.

تشييع الجثمان من مسجد مصطفى محمود

وشُيّع جثمان الفنانة الراحلة، اليوم السبت، بعد صلاة العصر من مسجد مصطفى محمود بمنطقة المهندسين، وسط حالة من الحزن خيّمت على محبيها وزملائها، الذين ودّعوا فنانة عرفت كيف تحفر اسمها في الذاكرة الجماعية دون ضجيج أو افتعال، مكتفية بلغة الأداء الصادق والالتزام المهني.

من الشرقية إلى قمة الشهرة

وُلدت سمية الألفي في 23 يوليو 1953 بمحافظة الشرقية، ونشأت في بيئة محافظة دفعتها إلى الاهتمام بالتحصيل العلمي، حيث حصلت على ليسانس الآداب – قسم الاجتماع، قبل أن يشدّها عالم الفن مبكرًا. لم يكن دخولها التمثيل وليد الصدفة، بل جاء نتيجة شغف حقيقي ورغبة في التعبير الفني، وهو ما بدا واضحًا منذ أولى خطواتها.

كانت انطلاقتها الفنية من خلال مسلسل «أفواه وأرانب» عام 1978، وهو العمل الذي شكّل بوابتها الحقيقية إلى الوسط الفني، ولفت الأنظار إلى موهبة قادرة على التلوّن وتقديم أدوار مختلفة بثبات وثقة، ما فتح أمامها أبواب المشاركة في أعمال كبرى لاحقًا.

تنوّع الأدوار… سر البقاء

تميّزت سمية الألفي بقدرتها اللافتة على الانتقال بسلاسة بين الكوميديا والدراما، دون أن تفقد مصداقيتها أو تقع في فخ التكرار. قدّمت شخصية المرأة البسيطة، والأم، والسيدة الأرستقراطية، والزوجة، والشريرة الهادئة، وكلها جاءت محمّلة بتفاصيل إنسانية دقيقة.

شاركت في عشرات الأعمال التي لا تزال عالقة في أذهان الجمهور، من بينها:

  • «علي بيه مظهر و40 حرامي» (1985)

  • «الراية البيضا» (1988)

  • «دماء بعد منتصف الليل» (1995)

  • «ليالي الحلمية» (المسلسل الأيقوني)

  • «بوابة الحلواني» (أربعة أجزاء)

في هذه الأعمال، لم تكن الألفي مجرد ممثلة تؤدي دورًا مكتوبًا، بل كانت تضيف من روحها وتجربتها، ما جعل شخصياتها نابضة بالحياة، وقريبة من وجدان المشاهد.

«ليالي الحلمية»… حضور لا يُنسى

يُعد مسلسل «ليالي الحلمية» واحدًا من أهم المحطات في مسيرتها، حيث شكّل العمل علامة فارقة في الدراما المصرية، وأسهم في ترسيخ أسماء عدد كبير من نجومه. داخل هذا العمل، استطاعت سمية الألفي أن تفرض حضورها ضمن كوكبة من الممثلين الكبار، مؤكدة قدرتها على الوقوف بثبات في أعمال جماعية ضخمة.

 

مسيرة تتجاوز 100 عمل

على مدار مشوارها الفني، قدّمت الفنانة الراحلة أكثر من 100 عمل تنوّعت بين السينما والمسرح والتلفزيون، وهو رقم يعكس حجم عطائها واستمراريتها. لم تكن غزيرة الإنتاج فقط، بل كانت دقيقة في اختياراتها، تحرص على تقديم أدوار تضيف إلى رصيدها الفني، حتى وإن لم تكن في الصدارة.

شاركت كذلك في مسلسلات رمضانية ناجحة، من بينها «العطار والسبع بنات» (2002)، مؤكدة حضورها الدائم في الموسم الدرامي الأهم عربيًا، وقدرتها على مواكبة الأجيال الجديدة من الممثلين دون افتعال صراع أو استعراض.

الحياة الشخصية… ارتباط فني وإنساني

على الصعيد الشخصي، تزوجت سمية الألفي من الفنان فاروق الفيشاوي، في علاقة شكّلت واحدة من أشهر الزيجات في الوسط الفني، وأنجبت منه ابنيها أحمد الفيشاوي، الممثل المعروف، وعمر الفيشاوي. ورغم ما مرّت به حياتها الخاصة من تحولات، ظلت تحافظ على صورة الفنانة الهادئة، البعيدة عن الجدل الإعلامي.

المرض… مواجهة بصمت

في سنواتها الأخيرة، عانت الفنانة الراحلة من مرض السرطان، إلا أنها واجهته بشجاعة وصبر، وحرصت على الظهور بين الحين والآخر مطمئنة جمهورها. وبعد تعافيها، أكدت في أكثر من مناسبة أنها لا تزال قادرة على العطاء، وأن الفن بالنسبة لها ليس مهنة فقط، بل حياة كاملة.

ورغم تجاوزها السبعين من العمر، احتفظت بحضورها الفني، وواصلت الظهور في أعمال تلفزيونية متفرقة، مؤكدة أنها «أيقونة درامية» قادرة على التجدد ومواكبة الزمن.

إرث فني باقٍ

برحيل سمية الألفي، يفقد المشهد الفني المصري والعربي واحدة من ممثلاته اللاتي جمعن بين الالتزام والموهبة والتواضع. لم تكن نجمة ضجيج، بل نجمة أثر، تركت بصمتها في وجدان أجيال متعاقبة من المشاهدين.

سيبقى اسمها حاضرًا كلما أُعيد عرض عمل من أعمالها، وكلما استعاد الجمهور مشاهد شكلت جزءًا من ذاكرة الدراما العربية، مؤكدة أن الفن الصادق لا يموت، وأن الرحيل الجسدي لا يعني الغياب.

سينفيليا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *