أسدل الستار بمدينة مراكش على الدورة الثانية والعشرين للمهرجان الدولي للفيلم، الذي نُظم برعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بتتويج الفيلم التونسي الفرنسي “سماء بلا أرض” بالجائزة الكبرى، في لحظة احتفاء سينمائي خطفت الأنظار داخل قصر المؤتمرات حيث غصّت القاعة بنجوم السينما وصناعها.
وأعلنت لجنة التحكيم برئاسة المخرج الكوري بونغ جون هو فوز الفيلم بعد منافسته 12 عملاً من دول مختلفة، مستنداً إلى قصته الإنسانية المؤثرة التي تجمع بين أربع شخصيات تبحث كل منها عن الأمان والانتماء. ويرصد الفيلم تجربة ماري، الصحفية السابقة والقسيسة الإيفوارية المقيمة في تونس، التي تحتضن في منزلها ناني الطامحة لحياة أفضل، وجولي الطالبة المثقلة بآمال أسرتها، قبل أن تنضم إليهن الطفلة كنزة، الناجية من حادث غرق، ليصنع هذا اللقاء علاقة جديدة قوامها التضامن رغم هشاشة الواقع.
ووصفت لجنة التحكيم العمل بأنه رؤية سينمائية عميقة تتعامل مع الواقع بحس شعري وقدرة على مساءلة علاقتنا بالآخر. كما نالت الممثلة ديبورا لوبي ناني جائزة أفضل دور نسائي عن أدائها في الفيلم.
من جهة أخرى، اقتسم فيلما “بابا والقذافي” و“ذاكرة” جائزة لجنة التحكيم، بينما فاز البريطاني أوسكار هدسون بجائزة أفضل إخراج عن فيلم “دائرة مستقيمة”. أما جائزة أفضل دور رجالي، فكانت من نصيب النيجيري سوبي ديريسو عن دوره في فيلم “ظل أبي”، مع تنويه خاص بالأخوين تيتنسور لتميزهما في “دائرة مستقيمة”.
وأشاد بونغ جون هو، خلال كلمته في حفل الاختتام، بجودة الأفلام المتنافسة، مؤكداً أن المشاركة بحد ذاتها تمثل مكسباً لصناعها. وضمت لجنة التحكيم وجوهاً بارزة من السينما العالمية والعربية، بينهم كريم عينوز، حكيم بلعباس، جوليا دوكورنو، بيمان معادي، جينا أورتيغا، سيلين سونغر، وأنيا تايلور-جوي.
وحافظ المهرجان على تقليد تكريم نجوم الفن السابع، حيث احتفى هذا العام بحسين فهمي، وجودي فوستر، وغييرمو ديل تورو، والممثلة المغربية راوية، في تقدير لمسارهم الفني الطويل.
وشهدت هذه الدورة عرض 81 فيلماً تمثل 31 بلداً، من بينها عروض عالمية أولى وأعمال دعمتها ورشات الأطلس. كما سجل المهرجان حضوراً جماهيرياً لافتاً تجاوز 47 ألف متفرج، بينهم سبعة آلاف من الأطفال واليافعين، مما يعزز دور المهرجان في نشر الثقافة السينمائية لدى الأجيال الصاعدة.
أما ورشات الأطلس، التي أشرف عليها هذه السنة المخرج كريستيان مونجيو، فقد واصلت دعم مشاريع سينمائية جديدة عبر تأطير 28 مشروعاً بحضور 350 مهنيًا، ما يمنح دفعة قوية للأعمال القادمة من المنطقة والقارة.
وبفضل هذا الزخم الإبداعي، أكدت دورة 2025 مكانة مهرجان مراكش كجسر يربط بين السينمائيين والجمهور، وفضاء يحتضن التجارب الجريئة ويكشف مواهب جديدة تسهم في إثراء المشهد السينمائي الدولي.
سينفيليا

