الرئيسيةمتابعات سينمائيةبيونة ترحل مخلفة إرثًا فنّيًا كبيرًا… الجزائر تبكي نجمتها التي أضحكت الملايين

بيونة ترحل مخلفة إرثًا فنّيًا كبيرًا… الجزائر تبكي نجمتها التي أضحكت الملايين

الفنانة بيونة

غابت عن الساحة الفنية الجزائرية صباح الثلاثاء الفنانة القديرة باية بوزار، الشهيرة باسم بيونة، بعد معاناة طويلة مع المرض، لتطوي برحيلها صفحة مشرقة من تاريخ الكوميديا والدراما في الجزائر. وبوفاتها عن عمر بلغ 73 عامًا، فقدت البلاد واحدة من أكثر الوجوه التلفزيونية قربًا من المشاهدين، وواحدة من الفنانات اللواتي تركن بصمة لا تُمحى عبر أعمال امتدت لأكثر من أربعة عقود.

خبر وفاتها أثار حزنًا واسعًا داخل الوسط الفني وبين الجمهور الذي ارتبط بضحكتها وطريقتها العفوية في الأداء، واعتبر رحيلها نهاية زمن جميل من البساطة والمرح. ووفق مصادر إعلامية، فقد تدهورت حالتها الصحية بشكل كبير منذ بداية شهر نوفمبر، إلى أن أسلمت الروح وسط حزن عائلتها والمقربين منها.

وصية أخيرة تحمل الكثير من الحب

من بين التفاصيل التي زادت من وقع الفاجعة وصية الراحلة المؤثرة، حيث طلبت أن تُدفن إلى جانب والدتها السيدة جميلة بمقبرة العالية في العاصمة. كانت والدتها بالنسبة إليها السند والحنان، وظلّت تذكرها في أحاديثها الأخيرة، معتبرة أن وجودها بقربها في مثواها الأخير هو أقصى ما تتمناه بعد سنوات صعبة أنهكها فيها المرض.

هذه الوصية أعادت تسليط الضوء على الجانب الإنساني الذي لطالما ميّز بيونة، فقد عرفها الجميع كامرأة بسيطة، محبة للحياة، مرتبطة بعائلتها وجذورها، رغم مسيرتها الفنية البارزة.

مسيرة ممتدة… من الخشبة إلى نجومية الشاشة

وُلدت بيونة عام 1952، ودخلت عالم الفن من بوابة المسرح الشعبي الذي شكّل بداية تألقها. وقد عُرفت بقدرتها على تجسيد الشخصيات النسائية الشعبية بخفة ظل وصدق كبيرين، ما جعلها تحظى بإعجاب الجمهور والنقاد منذ خطواتها الأولى.

انتقلت لاحقًا إلى التلفزيون، حيث صنعت شهرتها الواسعة من خلال أدوارها المميّزة في عدة أعمال ناجحة، أبرزها “دار السبيطار” الذي رسّخ حضورها كواحدة من أهم نجمات الكوميديا العائلية. كما خاضت تجارب سينمائية عديدة أكدت فيها قدرتها على تجاوز إطار الكوميديا لتقدم أداءً دراميًا مؤثرًا حين يتطلّب الأمر.

لقد كانت بيونة قريبة من الناس لأنها تشبههم: ضحكتها، عفويتها، كلماتها وحتى مواقفها، كلها كانت جزءاً من شخصية محببة وحقيقية.

صراع طويل مع المرض

لم تكن السنوات الأخيرة سهلة على الفنانة الراحلة؛ فقد عانت من أمراض مزمنة، من بينها السرطان ومشاكل التنفس، ما استدعى دخولها المستشفى في عدة مناسبات. رغم ذلك، بقيت محافظة على ابتسامتها وهدوئها، وحاضرة بروحها المرحة حتى عندما غابت عن الشاشة بسبب العلاج.

ومع تدهور وضعها الصحي في الرابع من نوفمبر، بدأت حالتها تتراجع بسرعة، إلى أن غادرت الحياة تاركة خلفها فراغًا كبيرًا يصعب ملؤه.

حزن وطني وردود فعل مؤثرة

تفاعل الجزائريون بقوة مع خبر رحيل بيونة، وعبّر العديد من الفنانين عن حزنهم العميق. وكتب الفنان صالح أوقروت منشورًا وداعيًا مؤثرًا عبر صفحته الرسمية قائلاً:
“اللهم اغفر لها وارحمها واسكنها جناتك وألهم أهلها الصبر والسلوان.”

أما الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون فقد وجّه تعزية رسمية، أشاد فيها بعطاء الراحلة قائلاً إنها من “أبرز نجمات الفن اللواتي تركن بصمة واسعة بفضل صدق أدائهن وتلقائيتهن”.

هذا الزخم من التعازي يعكس حجم المكانة التي حظيت بها بيونة في الحياة قبل الرحيل، وفي ذاكرة الشعب بعد موتها.

الوداع الأخير… إلى جانب الأم

تستعد عائلة بيونة لدفن جثمانها بمقبرة العالية وفق وصيتها الأخيرة، في وداع يحمل رمزية كبيرة. فبعد رحلة طويلة مع الشهرة والعمل الفني، تعود إلى المكان الأقرب إلى قلبها، إلى جانب أمها التي بقيت جزءًا من حنينها حتى اللحظة الأخيرة.

إرث فني خالد

تترك بيونة خلفها أعمالًا ستبقى حاضرة لسنوات طويلة في ذاكرة الجزائريين. لقد استطاعت عبر مسيرتها أن تنحت لنفسها مكانة خاصة بفضل أدائها المختلف وشخصيتها التي تجمع بين البساطة وقوة الحضور.

لن تُذكر بيونة فقط كممثلة، بل كشخصية صنعت الفرح في البيوت وحملت ضحكتها إلى قلوب الأجيال.

سينفيليا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *