فقدت هوليوود أحد أعمدتها السينمائية بوفاة النجم الأميركي جين هاكمان، الحائز على جائزتي أوسكار، وزوجته بيتسي أراكاوا، حيث عُثر عليهما متوفيين في منزلهما بسانتا في، نيو مكسيكو، الأربعاء. وأكدت شرطة مقاطعة سانتا في الخبر في الساعات الأولى من صباح الخميس، مشيرة إلى عدم وجود أي شبهة جنائية، بينما لم يُعلن رسميًا عن سبب الوفاة بعد. توفي هاكمان عن عمر يناهز 95 عامًا، فيما كانت زوجته تبلغ 63 عامًا.
ووفقًا لما نشره موقع “سانتا في نيو مكسيكو”، فقد صرح قائد شرطة المقاطعة، آدان ميندوزا، أن الزوجين فارقا الحياة برفقة كلبهما، دون أي دلائل على وجود عمل مدبر.
وُلد جين هاكمان عام 1930، وسرعان ما فرض اسمه كواحد من أعمدة السينما العالمية بفضل أدائه الاستثنائي وتنوع أدواره، مما جعله أيقونة سينمائية خالدة. تألق في أفلام شكلت محطات بارزة في تاريخ السينما، أبرزها The French Connection، الذي منحه جائزة الأوسكار لأفضل ممثل عام 1971، وUnforgiven، الذي أكسبه أوسكار أفضل ممثل مساعد عام 1993. امتلك كاريزما مميزة وحضورًا قويًا جعله في مصاف أساطير السينما مثل روبرت دي نيرو وآل باتشينو وداستن هوفمان. لم يكن مجرد ممثل، بل فنان متعدد الأوجه، قادرًا على تقديم أدوار متباينة ببراعة، من الشخصيات الجادة إلى الكوميدية، ومن الأدوار البطولية إلى الشخصيات الثانوية التي تترك أثرًا لا يُمحى.
لم يكن طريق هاكمان إلى النجومية سهلًا، إذ بدأ مسيرته بعد تجربة قصيرة في سلاح مشاة البحرية الأميركية، قبل أن يشق طريقه إلى المسرح، حيث لفت الأنظار بأدائه القوي، لينتقل بعدها إلى التلفزيون ثم إلى السينما. جاءت انطلاقته الحقيقية عام 1967 من خلال فيلم Bonnie and Clyde، حيث لعب دور شقيق المجرم الشهير كلايد بارو، ما منحه أول ترشيح لجائزة الأوسكار.
واصل هاكمان تألقه في أفلام مثل I Never Sang for My Father، والذي منحه ترشيحه الثاني للأوسكار، لكنه بلغ القمة مع أدائه الأسطوري في The French Connection، حيث جسد دور المحقق بوباي دويل بأسلوب جعل الفيلم من أعظم أعمال الجريمة في التاريخ. قدم لاحقًا مجموعة من الأدوار المميزة، مثل السياسي الفاسد في Absolute Power، والرئيس السابق في Welcome to Mooseport، وقائد الغواصة الصارم في Crimson Tide، حيث خاض مواجهة لا تُنسى أمام دينزل واشنطن. كما برع في The Conversation لفرانسيس فورد كوبولا، مؤديًا شخصية خبير تنصت يعيش صراعًا داخليًا، بينما كشف عن حسه الكوميدي في The Birdcage بدور سيناتور محافظ يجد نفسه في موقف غير متوقع.
رغم معاناته من مشكلات صحية، بما في ذلك أزمات قلبية، استمر هاكمان في مسيرته حتى نال أوسكاره الثاني عن دوره في Unforgiven، حيث قدم أداءً مذهلًا لشخصية عمدة قاسٍ يحكم بقبضة حديدية، مما جعله واحدًا من أفضل أدواره على الإطلاق.
مع تقدمه في العمر، قرر اعتزال التمثيل بعد آخر أعماله Welcome to Mooseport عام 2004، متجهًا إلى عالم الكتابة، حيث نشر عدة روايات تاريخية وأدبية، أبرزها Wake of the Perdido Star وJustice for None، ما أثبت أنه لم يكن مجرد نجم سينمائي، بل فنانًا متعدد المواهب.
برحيل جين هاكمان، تطوى صفحة من تاريخ السينما الكلاسيكية، إذ كان أحد آخر العمالقة الذين صنعوا مجد الشاشة الفضية دون الحاجة إلى المؤثرات البصرية أو الضجيج الإعلامي. ستظل أعماله خالدة في ذاكرة عشاق الفن السابع، وسيبقى اسمه منقوشًا في سجل أعظم الممثلين في هوليوود.