يتناول فيلم ” صمت الكمنجات” للمخرج سعد الشرايبي، الذي عرض ضمن مسابقة الفيلم الروائي الطويل بالدورة 24 من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، والذي يمكن تصنيفه من ضمن نوعية الأفلام الموسيقية، قصة فتاة في مقتبل العمر موهوبة في العزف على آلة الكمان وتَدرُسُ الموسيقى في معهد موسيقي، لكن هذا يتعارض حسب رأي أبيها مع مسارها الدراسي، خصوصا أنها مُشرِفَة على اجتياز إمتحان الباكالوريا. ولكنها تجد بالمقابل تشجيعا كبيرا من طرف جَدِّها الموسيقي وفنان الملحون، الصارم في عشقه لهذا الفن الذي لايتنازل فيه ومن أجله.
وتتخلَّلُ أحداث الفيلم قصة حب بين الفتاة وزميل لها في معهد الموسيقى، تعوق تطورها علاقة لهذا الأخير مع فتاة أخرى تدرُس في نفس المعهد بمباركة والديهما، وذلك على شكل العلاقات العاطفية الثلاثية المتشابكة التي رأيناها أكثر من مرة في السينما العالمية.
حافظ سعد الشرايبي على تركيبة الفيلم الموسيقي، بحيث تتخلل لحظات الفيلم مقاطع موسيقية وغنائية، مُنتهجا مسار الفنانة التي تُكافح طيلة لحظات الفيلم لِتتفوَّق في مسارَيها الفني والدراسي معا وتستطيع في آخر المطاف النجاح في مسعاها ذاك، وقد اختار سعد الشرايبي أن يؤثث فيلمه بتوابل ميلودرامية قد تجعل الجمهور العريض يقبل على الفيلم حين توزيعه جماهيريا.
لم ينزل أداء عز العرب الكغاط عما عهدناه فيه من تشخيص جيد في فيلم “صمت الكمنجات”، في دور الجد المريض والمُجهد جسديا لكن المُصِرِّ على تَورِيث فنه الموسيقي لحفيدته والإطمئنان على مسارها قبل أن يُودِّع الحياة. وقد تفوقت المتميزة دائما خلود البطيوي أيضا في أداء دور الأم القلقة على ابنتها، والمتأرجحة بين إرضاء زوجها ومساعدة الإبنة على الذهاب بعيدا في مسارها الفني. أما باقي الممثلين بما فيهم عادل أبا تراب في دور مختلف عما شاهدناه عليه في فيلم “كأس المحبة” فقد حافظوا على الحد الأدنى من الأداء المقبول.
ويجب التنويه عموما بالكاستينغ الجيد، خصوصا اختيار الوجه الجديد مريم البوعزاوي في الدور الرئيسي بالفيلم، كونها تجيد العزف على آلة الكمان إضافة للتمثيل.
يظل سعد الشرايبي واحدا من جيل الوسط والرواد الذين مازالوا يشتغلون باستمرار، مواكبا أجيالا جديدة من المخرجين والمخرجات المغاربة، وحاضرا في المشهد السينمائي المغربي.
عبد الكريم واكريم – طنجة