صدر مؤخرا عن دار زهدي للنشر والتوزيع الأردنية كتاب أكاديمي عنوانه “المدينة المغربية من خلال الفيلم الأجنبي؛ طنجة نموذجا” للباحث الشاب حمزة الأندلوسي؛ ويتناول الكتاب مسألة التمظهر السينمائي للمدينة المغربية من زاوية نظر المخرجين الأجانب.
يُشار إلى أن هذا الكتاب يُعَدُ في الأصل أطروحة للماستر تحمل نفس العنوان نوقشت العام الفائت في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء عن شعبة “سوسيولوجياوأنثربولوجيا المدينة”؛ أما أطروحة الكتاب فتنحو إلى دراسة تمثلات المخرجين الأجانب للمدينة المغربية باعتبارها نموذجا للفضاء الحضري الغريب عنهم، وذلك عبر تحليل مضمون أفلامهم التي دارت كل أحداثها أو بعض منها في مدينة طنجة التي اختارها الباحث نموذجا لاشتغاله التحليلي، وكله في سياق تناول العمل الفني من زاوية جديدة هي الزاوية الأنثربولوجية، خصوصا في ظل الفقر البَيّن الذي يعتري المكتبة المغربية الأنثربولوجيةوالسوسيولوجية في هذا المجال.
يتميز الكتاب بثراء نظري في التحليل، وذلك لأنه ينهل من الأدبياتالاستطيقية الكلاسيكية التي يستعين بها نقاد السينما عادة في كتاباتهم، لكنه يتجاوزها من خلال انفتاحه على جهاز مفاهيمي ثري ينهل من مشارب علمية إنسانية عديدة، ومبرر ذلك يتعلق بطبيعة الصورة السينمائية المُرَكَّبَة، وذلك لأن لها أبعادا متعددة، فهي من جهة تزخر بالدلالات السيميولوجية، كما تُظهر الوقائع السوسيولوجية، زيادة على كونها تُمَثِلُ انعكاسا ممكنا لإديولوجية ومخيال المخرج. وكل هذه المحددات السالفة يدرسها الباحث كخلفيات أنثربولوجية يبتغي من خلالها فهم نظرة الفنان السينمائي إلى العالم الذي يُصَوِّرُه.
تبعا لما سبق، يُدرج الباحث كتابه في خانة الأنثربولوجيا البصرية عامة وأنثربولوجيا الصورة السينمائية تحديدا، أما إشكاليته فتتعلق بمسألة التمثلات باعتبارها واحدة من أهم المسائل التي انشغل بها الباحثون السوسيولوجيونوالأنثربولوجيون على السواء.
وقد تم إفراد فصل نظري أولي من أجل طرح إشكالية البحث ومناهله المفاهيمية، فيما خُصِص فصلان تطبيقيان قام فيهما الباحث بتحليل مضمون أغلب الأفلام الأجنبية التي صدرت منذ مطلع الألفية الثانية ودارت رحاها في مدينة طنجة، باعتبار هذه الأخيرة نموذجا مختارا للتحليل والتطبيق؛ ففي الفصل الثاني تم تقديم تحليل تقنييستهدفالتعرف على ماهية مدينة طنجة في التناولات السينمائية لدى المخرجين الأجانب، وذلك وفقا لثنائية نظرية هي “المدينة الديكور/المدينة الشخصية”. بينما سعى الباحث في الفصل الثالث إلى ربط ماهيات طنجة السينماتوغرافية بالمنطلقات الذاتية والاديولوجية والمخيالية للمخرجين الأجانب، وذلك بغرض فهم تمثل المخرج الأجنبي للبيئة الاجتماعية لمدينة طنجة.
سينفيليا