وهذا العدد من مجلة “سينفيليا” على أهبة الصدور، يدور نقاش لايمكن لنا في المجلة أن نَمُرَّ عليه مرور الكرام دون أن نُدلي بِدلونا فيه، وذلك لأهميته ولخطورته في نفس الآن.
إذ أن هناك سابقة بخصوص مهرجان مراكش السينمائي، تجلَّت في الإقصاء التام للسينما المغربية بدعوى أن ما أُنتج كان هزيلا ورديئا ولايستحق لا المشاركة في المسابقة الرسمية لهذا المهرجان ولا حتى في فقرة “نبضة قلب” التي كانت تعرض فيها أفلام مغربية خارج المسابقة الرسمية.
لكن مع مرور أيام المهرجان تَبَيَّن أن هنالك أفلاما مشاركة في المسابقة الرسمية أقل مايقال عنها أنها دون مستوى المشاركة في مهرجان دولي، هذا إضافة إلى أن الأفلام المشاركة عُرضت خلال هذه الدورة بعد أن عُرضت في عدَّة مهرجانات أخرى، وهو الأمر الذي لايمكن أن يحصل في مهرجان دولي مهم، إذ من شروط المشاركة في مهرجان يحترم نفسه أن يكون العرض للفيلم المشارك عرضا أول.
وإذا علمنا أن فيلمين مغربيين على الأقل لمخرجين متميزين سيعرضان في مهرجانين مهمين هما برلين ودبي، فإن مزاعم كون السينما المغربية لاتُنتج سوى الرداءة مردود عليها، إذ أننا كما يمكن أن نجد أفلاما مغربية رديئة فيمكن لنا كذلك أن نجد أخرى جيدة بإمكانها المشاركة في مهرجان بحجم مهرجان مراكش أو مهرجان أهم منه.
حِين الحديث عن ضعف الأفلام المغربية لايجب التعميم، فرغم أن هنالك كثيرا من الرداءة التي يتشبَّث أصحابها بنعتها أفلاما سينمائية وماهي بكذلك، فهناك مخرجون مغاربة بالمقابل يُبدعون أفلاما ذات قيمة فكرية وجمالية وسينمائية يمكن لهم المنافسة بها عالميا.
إضافة إلى أن أفلاما مغربية شاركت طيلة سنوات في المسابقة الرسمية لهذا المهرجان كانت مُشَرِّفة، وأخرى أُقصِيَت وكانت جيدة وتستحق المشاركة، وبعد ذلك شاركت في مهرجانات عالمية ونالت جوائز بها.
وعلى ما يبدو أن مدير المركز السينمائي السابق نور الدين الصايل كان يُشكل نوعا من التوازن ضد السيطرة الكاملة للفرنسيين على المهرجان، وحينما غاب سيطر برونو بارد ومليتا توسكان دوبلانتيي كُلِّيا وغيَّبا السينما المغربية. فَكَونُها غائبة حتى عن فقرة “نبضة قلب” التي أُنشأت لكي تعرض فيها الأفلام المغربية خارج المسابقة دليل واضح على أن الأمر مُبَيَّت له وليس وليد الصُّدفة أو يمكن إرجاعه لضعف الأفلام المغربية إضافة إلى أن فيلما ك”أفراح صغيرة” للشريف الطريبق أو الفيلم الجديد لأحمد المعنوني، الذي عودنا دائما على الجودة الفنية، كانا سيُشرِّفان وجه المغرب في مهرجان مراكش الذي طالما اختار أفلاما أجنبية ضعيفة في مسابقاته الرسمية، إضافة لكونه يُركِّز على الأفلام الأولى والثانية لمخرجيها وليس على أفلام لمخرجين مُكَرَّسِين وذوي صيت عالمي.
إضافة إلى كل هذا فَمِن المُلفت للإنتباه أن الحضور الفرنسي تَضاعف خلال هذه الدورة بحيث أن أغلب الأفلام المشاركة هي إنتاج مشترك مع فرنسا ودول أخرى إذ هناك ضمن المسابقة الرسمية فيلم فرنسي بالكامل وخمسة أفلام إنتاج مشترك مع فرنسا من أصل 14 فيلما مشاركا بها.
وإذا كانت السنوات الماضية قد شهدت احتجاجات لفنانين مغاربة فإن هذه السنة عرفت انخراط العديد من المخرجين السينمائيين المغاربة في الاحتجاج..احتجاج من طرف البعض وتعبير عن عدم رضا بالوضع الحالي لمهرجان مراكش السينمائي من طرف البعض الآخر.. وقد عبَّروا عن ذلك بكتابات على حوائطهم الفسبوكية وبتصريحات للصحافة، ومن بين هؤلاء إدريس اشويكة، محمد الشريف الطريبق، محمد مفتكر، عبد الله الزروالي، سعد الشرايبي، عز العرب العلوي وآخرين…
وتظل الخلاصة هنا والآن وبعد كل هذه السنوات أن مهرجان مراكش السينمائي الذي تُصرف عليه الملايير من جيوب دافعي الضرائب المغاربة إما أن يُعاد النظر في طريقة تنظيمه بصفة كليَّة ويتيقن من سلمه للفرنسيين أنه قد حان الوقت ليرفعوا أيديهم عنه، أو أنه سيموت بالتدريج كونه قد دخل غرفة الإنعاش منذ مدة وتزداد حالته سوءا دورة بعد أخرى، لدرجة أصبح كجسم غريب عن المحيط الذي زُرع فيه.