س1: كيف جاءتكم الفكرة لعرض الأفلام التربوية القصيرة في الهواء الطلق، مع العلم أنه تقليد يوناني قديم بامتياز.أم أن مدينة تازة هي من أوحت لكم بطريقة العرض في الوقت الذي أغلقت قاعات العرض المتواضعة بالمدينة أبوابها أمام عشاق هذا الفن؟.
بسم الله الرحمن الرحيم
بداية كل الشكر والتقدير للأستاذة المبدعة سعيدة الرغيوي على هذه الاستضافة الفنية الأدبية، والتي تأتي بُعيد انتهاء أشغال الدورة الثانية من مهرجان سينما الهواء الطلق بتازة. أما جوابا عن السؤال؛ كيف جاءت فكرة عرض الأفلام التربوية في الهواء الطلق، فالأمر يعود إلى سنة 2009 يوم اقترحنا على النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية ــ ضمن مشروع تفعيل الحياة المدرسية ــ تنظيم المنتدى الوطني الأول للفيلم التربوي القصير وتم قبول الفكرة، بل ذهبنا أشواطا بعيدة بشراكة مع الجماعة الحضرية إلى درجة دعوة الضيوف والفعاليات لحضور الدورة، لكن فجأة توقف المشروع دون تبرير ولا سابق إعلان فألغي المشروع واضطررنا للاعتذار للمدعوين، فحزّ ذلك في نفسي كثيرا إلا أنني ظللت أحمل فكرة هذا المشروع إلى غاية تأسيس نادي المسرح سنة 2011 فاقترحت على أعضاء المكتب تنظيم ملتقى سينمائي تحت مسمى سينما الهواء الطلق وبعد تحبيذ الفكرة، كان صيف سنة 2012 أول تطبيق لها على المستوى المحلى حيث استأذنت بعض المخرجين الأصدقاء في عرض أفلامهم على الهواء الطلق فلم يمانعوا.. وبعد ملاحظة الإقبال الجماهيري على هذه العروض قررنا تنظيم المنتدى الوطني الأول لسينما الهواء الطلق سنة 2013 فكان ناجحا ولقي ترحيبا كبيرا من لدن الضيوف والفعاليات، ساعتئذ كان الإعلان عن ميلاد مهرجان سينما الهواء بمدينة تازة.
هذا عن ظروف الميلاد أما عن أسباب اختيار عروض الهواء الطلق ــ وكما قلت في حوار سابق ــ فلأننا وجدنا سينما الهواء الطلق هي الأنسب لطبيعة المدينة وواقعها بعدما أُغلقت كل القاعات السينمائية بها. كما وجدنا أجيالا متتالية نشأت وهي لا تعرف السينما
فقررنا تقريب وتحبيب هذا الفن الجميل إليها، دون أن ننكر أننا فكرنا في التميّز عن باقي مهرجانات المغرب، والحمد لله فهي النسخة الوحيدة بهذا النهج وبهذا الاسم.
س2: نعْلم أن السينما فن راق، وهي صناعة التصوير المتحرك وعرْضِه للجمهور عبر شاشات كبيرة في دور العرض أو على شاشات صغيرة ( التلفاز، الحاسوب، الهواتف الذكية..)، كما يُطلق عليها أيضاً ” الفن السابع”، فهلاَّ قربتنا من المقصودِ بسينما الهواء الطلق، وماالغاية المتوخاة منها؟.
سينما الهواء الطلق هي: عروض سينمائية مفتوحة للجمهور خارج قاعات أو دور السينما المعتادة، وعادة ما تكون في الحدائق أو الساحات العمومية للمدينة، والغاية منها هو جلب الفرجة السينمائية إلى الجمهور. وبما أنها سينما منفتحة على المحيط بكل أعماره وأفكاره وتجلياته ارتأينا أن نتوخى الفيلم التربوي القصير لرساليته وتبنيه لأهداف تربوية تحسيسية توعوية تستهدف الأسرة والطفل معا، وترقى بالذوق الفني وتنقيه.
س3: ما هي سيدي بعض المعايير المُعتمدة التي ركزتم عليها كمنظمين لاختيار وعرض الأفلام في الهواء الطلق؟.
المعايير المعتمدة لاختيار الأفلام المشاركة هي الفكرة التربوية بالأساس مع جودة الصوت والصورة، وحسن الأداء. وفوق هذه المعايير الفنية والتقنية فنحن ننتقي عادة الأفلام التي تُوجت في مهرجانات وطنية سابقة فيأتي مهرجان سينما الهواء الطلق ليقدمها كباقة فنية للجمهور العريض بعدما اطمأن على فحواها التربوي، ومستواها الفني.
س4: لماذا تكريم بعض الوجوه في المجالات الآتية:( الفن التشكيلي، الرياضة، المسرح، التاريخ، الشعر،الموسيقى)،مادامت الدورة أو المهرجان في نسخته الثانية اتخذ شعار ” الفيلم التربوي رهان لإشراك السينما في الفعل التربوي”؟.، أم أن هاجسكم كان هو الانفتاح على باقي أشكال التعبير والفنون الأخرى ،باعتبار السينما فن شامل.
بالنسبة للتكريمات هذه السنة كانت استثنائية؛ فقد كان من المظنون أن نكرم ــ بالإضافة إلى شخصيات محلية ــ شخصيات وطنية وازنة لكن الإكراهات المادية حالت دون ذلك، فوسعنا دائرة التكريمات لتشمل مختلف المجالات: تشكيل/مسرح/شعر/رياضة/بحث/موسيقى.. وهذا طبيعي ما دامت هذه المجالات تصبّ جميعها في عالم السينما. بل و كل هؤلاء المكرمين تقريبا إما لهم علاقة مباشرة بالسينما أو بالصورة بصفة عامة.
س5: الملحوظ أن الوجوه الشابة التي تُعنى بالإخراج السينمائي وبالسينما بصفة عامة كان لها حضور بارز في عرض الأفلام وتتبعها ،فما تقييمكم لذلك، وما انطباعكم الشخصي باعتباركم شاركتم إلى جانب هؤلاء بعرض فيلم ” المحفظة السوداء”.
حضور وجوه شابة في هذه الدورة يثلج الصدر لأنه يعطي انطباعا بأن السينما التربوية بألف خير، وبأنها تتجدد مع تنوع الرؤى، وتعاقب الأجيال.
أما مشاركتي بفيلم المحفظة السوداء إنما يدخل في بروتوكول فيلم الافتتاح الجاري به العمل في جل المهرجانات، كما تعمدنا إدراجه في القائمة لأنه عُرض في مهرجانات وطنية، ولم يشاهده جمهور مدينة تازة بعد، فاعتبرنا ذلك بمثابة عرضه ما قبل الأول.
س6: كما هو معروف، لكل مهرجان عثراته، وإكراهاته، وعراقيله، رغم إجماع جل متتبعي المهرجان في نسخته الثانية على نجاحه، فهل تفضلتم بتنوير الجمهور والمهتمين بهذه الأخيرة – إنْ وُجدتْ -؟
كل عمل جاد وناجح مهما بلغ من الرقي والتألق لا بد أن تشوبه بعض الإكراهات ونحن لسنا بعيدين عن هذه المعادلة، وقد نشرت سابقا على صفحتي الشخصية نبأ اكتتاب أعضاء النادي لاستكمال بعض مصاريف المهرجان نظرا لغياب أي دعم مادي محلي، ورصيد الجمعية ــ كما أعلنا ــ تحت الصفر. لكن ما يزيد الطين بلة هو غياب أي اهتمام معنوي للمبادرة؛ غياب التمثيل الرسمي للسلطات المحلية، غياب حضور فعاليات ومثقفي المدينة، باستثناء بعض الأسماء مشكورة، غياب التغطيات الصحفية من لدن الصحافة المحلية باستثناء منبر واحد وبمقال واحد فقط رغم أننا وجهنا مراسلات ودعوات خاصة للجميع.
س7: لاحظنا تنوع وثراء الأنشطة والفقرات الموازية للمهرجان: ( لوحات موسيقية وفنية ، معرض تشكيلي للفنان العالمي” أحمد اقريفلة” من تازة ، وبمشاركة الفنانة التشكيلية ” مريم جميل ” من مدينة خريبكة، ورشات تكوينية في تقنيات التصوير والمونتاج والتصوير الفوتوغرافي ، ندوة حول الفيلم التربوي القصير الواقع والتوقعات ، حفل توقيع كتاب” محمد أمزيان سينمائي وحيد ومتمرد” ،وغيرها من الفقرات …)،فماهي الرهانات التي راهنتم عليها من خلال هذا التنوع وهذه الإضافة النو عية التي دونما شك أثمرت نتائج حسنة ؟.
هذا التنوع في الأنشطة المبرمجة مقصود، والهدف من ورائه جعل مهرجان سينما الهواء الطلق فرصة حقيقية للاستفادة والترفيه من جهة، ولدفع الرتابة والملل عن الضيوف والمستفيدين من جهة ثانية. ولذلك لم يجد الضيوف أي بياض أو فراغات في البرنامج العام وقد أسعدتنا ارتساماتهم وآراءهم في المهرجان.
س8: لِمَ التركيز على الفيلم التربوي في هذا المهرجان، إذا ماأخذنا بعين الاعتبار أن الفيلم كيفما كان نوعه إنْ نأى عن الأهداف الرسالية والتربوية سيغدو مجرد صور وصناعة متحركة فارغة من محتواها ومبناها؟.
التركيز على الفيلم التربوي راجع ــ كما ذكرت سابقا ــ إلى طبيعة المهرجان المنفتح على عموم الناس وخاصتهم، وفي مثل هذه الحالة لا يمكن اعتماد خطاب سينمائي غامض أو موغل في السريالية أو معقد الأحداث أو طويل أو مخل بالحياء.. فكان الفيلم التربوي أنسب مادة لمثل هذا الجمهور المختلف والمتعدد نظرا لبساطة أحداثه وسلاستها، ولوحدته الموضوعية ونظافتها، بالإضافة إلى قصره ورسالته المركزة مما يسمح بعرض مجموعة من الأفلام في ظرف وجيز وهذا ــ بطبيعة الحال ــ يضفي الجدة والتنوع في العروض كلها حتى لا يملّ المشاهد.
س9: على ماذا تُراهنون مستقبلا( أقصد النسخة الثالثة إن شاء الله )، لاسيما بعد نجاح المهرجان في نسخته الثانية، هل ستنفتحون على مخرجين عالميين وعلى وجوه سينمائية محترفة لها بصمتها في السينما المغربية، هذا إن استطعنا أن نخصصها ونفرد لها هذه التسمية؟
رهاننا المستقبلي بحول الله سيكون في كسب ثقة شركائنا أولا ثم في توسيع دائرة المهرجان ليصبح محطة جذب فني وسياحي يستفاد منه إقليميا وجهويا ووطنيا، ولم العمل على التعريف به دوليا، وإن كنا غير مستعجلين في هذا الشأن، خاصة وأننا في الدورات التسخينية الأولى.
س10: ما تقييمكم وانطباعكم الشخصي حول المهرجان في نسخته الثانية بصفة عامة؟
انطباعي الشخصي حول هذه الدورة هو انطباع جيد ومريح، وهو انطباع كل أعضاء الفريق، وهذه ليست نرجسية بل حقيقة لمسناها وسمعناها من ضيوف ومتتبعي المهرجان الذين أثنوا على مستواه، بل منهم من عَدَّه في قائمة الاحتراف، وهذا مُطمئن حقا خاصة وأنهم أهل تجربة واختصاص، لأن فيهم نقادا ومدراء مهرجانات متقدمة. ومع ذلك نحس دائما بأننا مقصرون، وإحساسنا هذا هو وقود طموحنا لبذل المزيد.
س11: ” تازة” وسينما الهواء الطلق أية علاقة؟
دعينا أجبك بلغة الإمتاع: هي علاقة عروس بحليها، وعلاقة وردة بأريجها، وعلاقة نجمة ببريقها…
س12: لاحظ الضيوف أن المهرجان كان فرصة سانحة لاكتشاف مؤهلات مدينة تازة السياحية من خلال الرحلة الترفيهية التي نظمت إلى ” مغارة افريواطو” و” باب بودير” وغيرها من الأماكن السياحية الجبلية في المدينة واستحسنوا هاته الرحلة، فهل يمكن التفكير مستقبلا في عرض الأفلام في هذه المناطق الجبلية لتقريب السينما من المواطن الجبلي، أم أنه يبقى أمرا مستبعدا، كما أن الرحلة كانت فرصة كذلك أمام المهتمين بالأفلام الوثائقية لاكتشاف أطباق دسمة يمكن الاشتغال عليها”.
هذا صحيح وقد فكرنا حقيقة في الموضوع من خلال توسيع عروض المهرجان لتشمل وادي امليل، وتاهلة وباب بودير، وكلدمان.. لكن الظرف لم يكن مناسبا، ظرف التواصل مع المسؤولين والهيئات المحلية بسبب الانتخابات. لكن النسخة المقبلة بإذن سيعود المهرجان إلى وضعه الطبيعي وتاريخه الأصلي، وساعتئذ لكل حادث حديث.
أما الآن فدعيني أشكرك لأنك كنت صلة وصل طيبة بيني وبين جمهور القراء لمعرفة المزيد عن النادي وعن مهرجان سينما الهواء الطلق الذي أصبح الآن ملكا للجميع أما نحن فيكفينا شرف إبرازه إلى الوجود.. فشكرا لك وألف شكر.
سعيدة الرغيوي