محمد فاتي Archives - موقع سينفيليا https://cine-philia.com/tag/محمد-فاتي/ cinephilia,سينفيليا مجلة سينمائية إلكترونية تهتم بشؤون السينما المغربية والعربية والعالمية Mon, 07 May 2018 10:45:54 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.4.4 https://cine-philia.com/wp-content/uploads/2018/03/cropped-cinephilia2-1-32x32.png محمد فاتي Archives - موقع سينفيليا https://cine-philia.com/tag/محمد-فاتي/ 32 32 المكان في الرواية والسينما https://cine-philia.com/2018/05/07/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%83%d8%a7%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d9%86%d9%85%d8%a7/?utm_source=rss&utm_medium=rss&utm_campaign=%25d8%25a7%25d9%2584%25d9%2585%25d9%2583%25d8%25a7%25d9%2586-%25d9%2581%25d9%258a-%25d8%25a7%25d9%2584%25d8%25b1%25d9%2588%25d8%25a7%25d9%258a%25d8%25a9-%25d9%2588%25d8%25a7%25d9%2584%25d8%25b3%25d9%258a%25d9%2586%25d9%2585%25d8%25a7 https://cine-philia.com/2018/05/07/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%83%d8%a7%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d9%86%d9%85%d8%a7/#respond Mon, 07 May 2018 10:45:54 +0000 http://cine-philia.com/?p=1178 يشكل الفضاء أحد أهم العناصر الجوهرية في الفيلم، ونقصد به أماكن الأحداث وكيفية عرضها من خلال التأطير، وعن طريقه يتم ترتيب الشخصيات بحسب أهميتها والمشاهد وفق الوظيفة التي يريد منحها المخرج لها، وعن طريقه يمكن معرفة حدود الصراع الدرامي المتولد في الفيلم. فكلما منح المخرج لشخصية من الشخصيات مساحة كبرى من الفضاء إلا ودل هذا...

The post المكان في الرواية والسينما appeared first on موقع سينفيليا.

]]>
يشكل الفضاء أحد أهم العناصر الجوهرية في الفيلم، ونقصد به أماكن الأحداث وكيفية عرضها من خلال التأطير، وعن طريقه يتم ترتيب الشخصيات بحسب أهميتها والمشاهد وفق الوظيفة التي يريد منحها المخرج لها، وعن طريقه يمكن معرفة حدود الصراع الدرامي المتولد في الفيلم. فكلما منح المخرج لشخصية من الشخصيات مساحة كبرى من الفضاء إلا ودل هذا على أنها الأكثر قوة من نظيرتها التي لم تمنح لها إلا حيزا صغيرا، كما أنه إذا تم الجمع بين شخصيتين داخل فضاء ضيق، فغالبا ما يدل الأمر على اقترابهما العلائقي، أما إذا حدث العكس، فإن ذلك يوحي باقتراب الصراع بينهما أو أنه على وشك الوقوع بالفعل. إضافة إلى هذا فإن الفضاء يستعمل غالبا في السينما كتأطير خلفي للشخصيات ودال عليها وعلى ما تفكر فيه، كما أنه يحدد حتى نوعية الفيلم والزمن الذي يسعى للقبض عليه. ونميز في الفضاء بين: الفضاء الطبيعي وفضاء الأستوديو، كما نميز بين المكان الخارجي والمكان الداخلي..
وتعتبر السينما دون شك من أبرز الفنون التي تبرز فيها أهمية وضرورة المكان.. ولعل في طبيعة هذا الفن نفسه والمعتمد أساسا على الكاميرا كأداة ناقلة ومصورة للواقع، ما يفرض هذه الأهمية بحيث يستحيل تصور فيلم سينمائي بمعزل عن المكان. ولهذه الأهمية وجهان كما هو الشأن بالنسبة لأي عنصر فني آخر، فهي بقدر ما توفر من إمكانيات كبرى وآفاق أرحب للإبداع والتخييل، بقدر ما تلقي على المخرج تبعات كبرى حول ضرورة التعامل الجيد والإبداعي الأصيل مع المكان، وهذا الأمر ليس بالشيء الهين، لأن التعامل الفني العميق مع المكان يجب أن يتأسس على عدم اعتباره مكونا كباقي مكونات الفيلم الأخرى، أو اعتباره مسرحا ماديا خارجيا لتصوير الأحداث وتشخيص المشاهد وتحريك الشخصيات، بل يجب اعتباره نسيجا رفيعا تتكثف وتلتئم في إطاره ومن خلاله كافة مكونات الفيلم.. بحيث ينسحب ويتمظهر من خلال كافة تلك المكونات، لكن دون أن يلغيها أو يحل محلها.
إن المتفرج في حالة التوظيف الإبداعي والموفق للمكان يحس ويتفاعل حميميا مع المكان، لكن دون أن يراه أو يشعر به منعزلا عن باقي مكونات الفيلم، إن المكان هنا يكاد يتماهى مع كافة العناصر الفيلمية الأخرى: الشخصيات، الأحداث ومسارها الدرامي، الزمان، الديكور.. إن المكان الواحد هنا يصير مكانا متعددا لا محدودا ولا منتهيا، يصير مكان كل المشاهد.

ولقد شهدت السينما العالمية نماذجا حققت قدرا كبيرا من التوفق في هذا الإطار، حيث تمكن ثلة من المخرجين من ضبط زاوية النظر الإبداعية، فأنتجوا إبداعات سينمائية عالمية. ويمكن الإشارة إلى تعامل صلاح أبو سيف مع أزقة القاهرة في العديد من أفلامه، وتعامل مارتن سكورسيزي مع أحياء وأزقة نيويورك، وتعامل بعض مخرجي أفلام الويسترن مع فضاءات الغرب الأمريكي مثل رائعة (حدث ذات يوم في الغرب) للمخرج سيرجيو ليوني.
فالمكان السينمائي ليس مجرد خلفية أو وعاء للأحداث كما يعتقد البعض ولكن المكان هو جزء من الحدث موجود دائما لا يمكن الاستغناء عنه، فالإنسان مهما كانت حركته لا يتحرك في فراغ مطلق والإحساس الجمالي لا ينبع إلا من وجود الجسد الإنساني داخل إطار مكاني، فإن أي لقطة لابد وأن تدور في المكان حتي ولو كانت لقطة كبيرة لوجه ممثل أو ممثلة فإن هذا يعطيها بعدا دراميا سينمائيا، فإن ذلك يشير مثلا إلي أن فزع الممثل أو الممثلة إنما هو نتيجة وجودها أو وجوده في مكان معين .
وتتميز علاقة السينما بالمكان عن تعامل الروائي في الأدب مع هذا العنصر، ففي الرواية يشغل عنصر المكان أهمية بالغة في دلالة النص، فهو يسهم في صيرورة الأحداث ويحدد وجهتها ومساراتها ويكشف عن المظاهر الاجتماعية والنفسية للشخوص، ولكنه يظل دائما ـ حسب ج. ميتري ـ مقطعيا وجزئيا. إنه لا يصف إلا ما هو ضروري لنمو الحبكة.
أما علاقة الصورة الفيلمية بالمكان الذي يدور فيه الحدث فليست مجرد علاقة حاو بالمحتوى، ويبرز الديكور كحقيقة ملموسة بجميع العناصر التي تشكلها.

ومع ذلك يظل هذا التمييز نسبيا، صحيح أن عنصر الإيهام بالواقع أقوى بكثير في الصورة السينمائية، ولكنه عنصر موجود ومشترك بين السينما والأدب، وأهم ما يباعد بينهما هو أن الأدب الروائي يتجه دائما من المجرد إلى الملموس، بينما يحدث العكس في السينما التي يتشكل فيها النسيج الدلالي عبر المرور من الملموس إلى المجرد، كما أن الأدب ـ حسب ج. ميتري ـ يعد شكلا فنيا يمثل فيه عنصره الأول (اللغة) حقيقة سابقة ومستقلة. أما السينما فهي لا تصير لغة إلا بالقدر الذي تكون فنا لا لغة، ولا تستمد قيمتها إلا من الشيء الذي تعيد إنتاجه.
كما أن المكان أو الفضاء الروائي هو فضاء متخيل في ذهن الكاتب وهو كذلك مفتوح على كل التأويلات والاختيارات والتوقعات التي يختارها القارئ في ذهنه تجسيديا لصورته في سياق الرواية، بينما في العمل السينمائي نجد أن الفضاء يتميز بخصوصيته الإبداعية والتي تتجلى في كون المخرج يفرض علينا جوانب مكانية معينة وفق نظرته الإبداعية وتصوره لهذا المكان، فلا تبقى آنذاك للقارئ مساحة واسعة للتأويلات والاختيارات، بل إن المخرج هو من يفرض الشكل المكاني الذي اختارته مخيلته لما قرأه في الرواية، كما أنه يضيف إلى المكان الروائي مجموعة من العناصر التي يقتضيها الديكور السينمائي (إعلانات ـ لوحات إشهارية ـ أعلام وعلامات ـ أسماء محلات تجارية ـ أسماء الشوارع والأزقة والدروب..).
ونجد أن هذه الإضافات لا وجود لها في العمل الروائي كتجسيد وحضور، لكن المخرج السينمائي ولكي يضفي على فيلمه بصمته الإبداعية التي تناسب منهجه السينمائي، يضطر إلى هذه التوليفات والتغييرات التي تكسب المكان كينونته وتنقله من العالم الورقي الميت، إلى عالم الصورة الحي عن طريق التجسيد والتأطير.
هكذا نستخلص أن المكان هو عنصر من العناصر الأساسية والضرورية في كل من الرواية والسينما، لكن طبيعة تعامل هذين المجالين مع هذا العنصر تختلف وتتمايز باختلاف الأدوات والوسائل الجمالية التي يرتكز عليها كل مجال، فالرواية هي جنس أدبي يرتكز على اللغة والكتابة والتعبير، وهذا ما يقتضي استقلالا في الخصوصية الإبداعية المكانية، نظرا لأن اختيارات الروائي للمكان تسير وفق تصوراته ونظرته الروائية التي تمليها عليه مخيلته وقريحته، فيأتي متخيلا ومنقولا وموصوفا ومسرودا باستعمال اللغة، ومحدودا في حيزه الورقي الضيق، بينما نجد أن السينما تفتح المجال أمام هذا العنصر لينجلي وينكشف ويظهر عبر الصورة، وفق الهيئة التي يختارها المخرج له والمستمدة من نظرته وميولاته الإبداعية والفنية.

محمد فاتي

The post المكان في الرواية والسينما appeared first on موقع سينفيليا.

]]>
https://cine-philia.com/2018/05/07/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%83%d8%a7%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d9%86%d9%85%d8%a7/feed/ 0
فيلم «العائد».. صراع من أجل البقاء….وبقاء من أجل الصراع https://cine-philia.com/2018/04/28/%d9%81%d9%8a%d9%84%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d8%a6%d8%af-%d8%b5%d8%b1%d8%a7%d8%b9-%d9%85%d9%86-%d8%a3%d8%ac%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%82%d8%a7%d8%a1-%d9%88%d8%a8%d9%82%d8%a7/?utm_source=rss&utm_medium=rss&utm_campaign=%25d9%2581%25d9%258a%25d9%2584%25d9%2585-%25d8%25a7%25d9%2584%25d8%25b9%25d8%25a7%25d8%25a6%25d8%25af-%25d8%25b5%25d8%25b1%25d8%25a7%25d8%25b9-%25d9%2585%25d9%2586-%25d8%25a3%25d8%25ac%25d9%2584-%25d8%25a7%25d9%2584%25d8%25a8%25d9%2582%25d8%25a7%25d8%25a1-%25d9%2588%25d8%25a8%25d9%2582%25d8%25a7 https://cine-philia.com/2018/04/28/%d9%81%d9%8a%d9%84%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d8%a6%d8%af-%d8%b5%d8%b1%d8%a7%d8%b9-%d9%85%d9%86-%d8%a3%d8%ac%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%82%d8%a7%d8%a1-%d9%88%d8%a8%d9%82%d8%a7/#respond Sat, 28 Apr 2018 11:19:48 +0000 http://cine-philia.com/?p=1058 «ولكن أنت لا تستسلم… هل تسمعني؟… طالما يمكنك التنفس فقاوم.. تنفس…استمر بالتنفس..»» بهذه الكلمات تفتتح الوقائع والمشاهد في الفيلم العالمي الذي سرق أضواء هوليود سنة 2015 the revenant، والذي أخرجه مخرج الأوسكار المكسيكي الأصل أليخاندرو كونزاليز ايناريتو، من إنتاج شركة centery fox 20th. والمشاهد المتأمل في هذه الكلمات التي افتتحت أحداث الفيلم، سيدرك في نهاية...

The post فيلم «العائد».. صراع من أجل البقاء….وبقاء من أجل الصراع appeared first on موقع سينفيليا.

]]>
«ولكن أنت لا تستسلم…
هل تسمعني؟…
طالما يمكنك التنفس فقاوم..
تنفس…استمر بالتنفس..»»
بهذه الكلمات تفتتح الوقائع والمشاهد في الفيلم العالمي الذي سرق أضواء هوليود سنة 2015 the revenant، والذي أخرجه مخرج الأوسكار المكسيكي الأصل أليخاندرو كونزاليز ايناريتو، من إنتاج شركة centery fox 20th.
والمشاهد المتأمل في هذه الكلمات التي افتتحت أحداث الفيلم، سيدرك في نهاية مشاهدته، أنها تلخص كل الأحداث والمشاهد التي غاص فيها أثناء العرض، إنه ذلك الصوت/ الطيف الذي لازم بطل الفيلم «هيو غلاس» منذ بداية المغامرة، صوت يدعو إلى التشبت والارتباط والتمسك بالحياة طالما هناك أمل للتنفس والمقاومة وعدم الاستسلام، وهذا المقطع يجسد صورة فيلمية قبلية تخفي في شفراتها الإيحائية تيمة الفيلم الأساسية التي اشتغل عليها ايناريتو، والتي ستنجلي في الأحداث والمشاهد البعدية، حينما سيتبين أن كل المنعرجات والمغامرات التي صادفت البطل في الفيلم ما هي إلا تجسيد ورصد لموضوع : «الصراع من أجل البقاء».
إنه صراع مزدوج يخوضه هيو غلاس ضد المعيقات (العامل المعيق) من أجل تنفيذ توصيات الصوت/ الطيف (العامل المحفز) الذي يدعوه إلى التشبث والمقاومة والنهوض بعد كل عثرة، فتارة يصارع الصعوبات الطبيعة: المناخ القاسي ـ المياه الباردة ـ الأمطار والثلوج الغزيرة ـ الأدغال الموحشة ـ الحيوانات المتوحشة (الدببة)، وتارة أخرى يصارع العراقيل البشرية التي تهدد وجوده وكيانه: حقد وكراهية جون فيتزجيرالد الذي كان يريد التخلص منه ـ هجومات الهنود الحمر ـ أطماع البعثة الاستكشافية الفرنسية…
ولتجاوز هذه المنعرجات القاسية، كان لزاما على «هيو» إيجاد طرق وتقنيات ووسائل مساعدة (العامل المساعد) تساعده على التكيف مع الوضعيات الصعبة التي واجهها. ومن غريب الصدف أن تكون هذه الوسائل منبثقة ومتولدة من نفس المعيقات التي واجهته، فالطبيعة التي حاصرت طريقه بأشواك المخاطر، هي نفسها التي ستبعث له بالحلول المساعدة، فالدب الذي هجم على «هيو» وكاد يفتك به في بداية الرحلة، هو نفسه الذي سيقيه من أنياب المناخ القاسي الذي سيواجهه، بعد أن احتفظ بفروه ـ بعد قتله ـ لغاية الوقاية من البرد، كما أن مخالب الدب التي احتفظ بها «هيو» وقلدها عنقه، كانت رمزا ووسيلة دعم معنوي له من أجل المقاومة والتشبت بالحياة وعدم الاستسلام مثلما يتشبت الدب بواسطتها في الطبيعة الموحشة لحماية نفسه والحفاظ على بقائه. ولا ننسى أيضا أن الحصان الذي استعمله أعداؤه الفرنسيون للإغارة والفتك بالقبائل الهندية (ومنها قبيلة زوجته وابنه)، هو نفسه الذي سيساعده على الهروب من هجمات الهنود الحمر، وهو أيضا الذي سيقيه من شر البرد القاسي بعد أن شق بطنه واختبأ داخله بحثا عن الدفئ. ضف كذلك إلى العوامل المساعدة الهندي الذي أنقد حياة «هيو» وساعده على متابعة مسيرة الحياة، بالرغم من أن قبائل الهنود كانوا يصارعون هؤلاء الغرباء الذين احتلوا أراضيهم وسرقوا خيراتهم.
وإذا كانت الطبيعة بعناصرها المتنوعة شكلت حاجزا ـ في البداية ـ أمام رغبة «هيو» في الانتقام من قاتل ابنه «فيتزجيرالد، فإنها ستسخر قواها ـ مع تطور أحداث الفيلم ـ من أجل بلوغ البطل لهدفه (الانتقام). فإذا كانت التداريس الجغرافية الصعبة، والمناخ القاسي البارد، والمياه الباردة، والأراضي الخالية الموحشة، قد اعترضت طريق «هيو» في البداية، فإنها أيضا رسمت له خطة الوصول إلى الهدف، وساعدته في تجاوز كثير من المخاطر والعقبات (سباحته في المياه الباردة هروبا من هجمات الهنود، معرفته لمكان هروب فيتزجيرالد من خلال آثار أقدامه على الثلوج…)، وقد تعمد المخرج كونزاليز ايناريتو هذا الازدواج في الدور الذي أسنده لعناصر الطبيعة، من خلال اعتماده على تقنيات متنوعة ركزت أساسا على الإضاءة الطبيعية، ففي اللحظات الموحشة الصعبة التي تواجه البطل يلجأ المخرج إلى الإنارة الخافتة، حيث تتغطى السماء بالغيوم الزاخرة بالثلوج أحيانا، وبالأمطار الغزيرة أحيانا، وما يزيد من ظلمة المكان هي تلك الأشجار الكثيفة التي تغطي السماء المتلبدة، والتي كثيرا ما يركز عليها المخرج من خلال تركيز الكاميرا عموديا (من الأسفل إلى الأعلى) عليها وهي تتحرك بين أنامل الرياح. وبما أنها تتحرك، فالحركة تولد التغير والتحول، وهذا ما نستشفه من خلال تحول السماء الملبدة بالغيوم والثلوج، إلى سماء منيرة يسطع وهج الشمس منها، ويتسلل عبر أغصان هذه الأشجار إلى وجه «هيو» في لحظات الفرج و الانعتاق، وقد كان لهذا المشهد حضور قوي ومتكرر في لحظات الفيلم، وهو هنا رسالة فنية تجسد الاستمرار في المقاومة والصراع من أجل البقاء إلى حين تحقيق الهدف (الانتقام).

ومن أجل أجل خلق الجمالية الفيلمية، المواكبة والمتوافقة مع طبيعة الموضوع، استعان ايناريتو بمجموعة من العناصر الفنية والتقنية، يبقى أبرزها بطبيعة الحال ما يخص الجانب التشخيصي والتصويري، فقد برع ليوناردو دي كابريو كثيرا في أدائه دور «هيو غلاس» متقمصا بذلك دورا اعتبره الدور الأصعب الذي جسده في حياته السينمائية (سباحته في مياه درجة حرارتها تحت الصفر، أكله كبد ثور بوفالو، معايشته لظروف مناخية قاسية وتضاريس جغرافية صعبة….)، ضف إلى ذلك أن ايناريتو اختار لفيلمه هذا البعد التشخيصي، خاصة مع تقليصه لمساحة الحوار، وتركيز الكاميرا على تفاصيل الأداء وتفاصيل الجسد المقاوم للحظة فنائه، الساعي للحفاظ على بقائه. إنها المقاومة والرغبة في أخد الثأر التي تفرض على الجسد التحرك والتفاعل والاستمرارية في مساحة الصورة، وهذا ما أتقنه أيضا البارع توم هاردي في أدائه لدور الشرير الحاقد فيتزجيرالد، فاختياره من قبل المخرج لأداء هذا الدور لم يكن من قبل الصدفة، بل لتناسب وتوافق صفات توم وملامحه مع هذا الدور(الحقد، الكراهية، الرغبة في القتل، الحسد، الشر…)، واختيار ايناريتو هنا لتوم يذكرنا باختيارات مخرج الويسترن سباغيتي العالمي سيرجيو ليوني لشخصية الشرس التي أداها الممثل لي فان كليف باقتدار وبراعة في فيلم «الطيب والشرس والقبيح»، حيث كانت ملامح الشروالحقد تتقطر من ملامح «فان» من بداية الفيلم إلى نهايته.
أما فيما يخص التصوير، فلا شك أن أسلوب المكسيكي ايمانويل لوبزكي المتفرد في التصوير السينمائي راق لعديد النقاد العالميين، خاصة بعد تحصله على جائزة الأوسكار لثلاث مرات متتالية عن فيلمه (جاذبية) مع المخرج ألفونسو كوارون سنة 2013 وفيلميه الأخيرين رفقة ايناريتو (بيردمان) 2014 و(العائد) الذي نحن في صدد الحديث عنه. والمتأمل لأسلوب لوبزكي من خلال الفيلمين الأخيرين سيلاحظ مدى براعته في إطالة مدة اللقطة، من خلال ما يسمى بتقنية «اللقطة الواحدة» أو «اللقطة الطويلة»، التي تصل مدة الواحدة منها إلى 10 دقائق او أكثر، وهذا ما شاهدناه في لقطة صراع «هيو» مع الدب. إنه أسلوب مميز يسعى لإخفاء المونتاج والتقليص من حجمه، من خلال اعتماد تقنية «الكاميرا المترصدة» التي تتبع وتترصد خطوات الممثلين، وتحيط بمختلف جوانب الفضاء المكاني، وذلك بالاعتماد على تصوير يتعدى حدود الكاميرا التى بين يديه فيطير ويقفز ويحلق فى الفضاء ويسقط فوق المياه وفوق الشلالات وبين أشجار الغابة ومن فوق الجبال لنرى مشاهد مختلفة ومتنوعة محيطة بكل جوانب الفيلم ومعتمدة بالدرجة الأولى على التصوير الطبيعي الصادق في نسخه للمشهد المباشر . كما ارتكز الفيلم على لقطات مكبرة في الغالب تترصد المستوى التشخيصي الذي يجسد مقاومة البطل من أجل البقاء ضد الحواجز والمعيقات الطبيعية، وإصراره على الانتقام وأخد ثأر ابنه من الهارب فيتزجيرالد.
وأسند ايناريتو دور إنجاز الموسيقى التصويرية للفيلم، للثنائي «ريويتشي ساكاموتو» و«كارستن نيكولاي»، وجاءت الموسيقى متناسبة مع طبيعة الفيلم، من خلال الاعتماد على ألحان صامتة متوافقة مع طبيعة اللحظة وتطورها في الفيلم، فتارة ننصت لتلك الألحان الموحشة المرعبة التي يتولد رنينها في ظل الامتحان الصعب الذي يجتازه «هيو» في مقاومته لعناصر الطبيعة الموحشة والمناخ القاسي، وتارة أخرى تتلود تلك النغمات الشجية الرنانة المرافقة لبروز لحظة الانفراج وبزوغ وهج الشمس الدال على استمرار الوجود.
وفي الختام، يمكن القول أن المخرج كونزاليز ايناريتو، أنجز لنا ـ من خلال فيلمه العائدـ تحفة سينمائية راقية من كل المقاييس التقنية والفنية، وهذا ما برر ترشحه وحصده لأكبر الجوائز السينمائية سنة 201ف، سواء في الكولدن غلوب، أو جوائز النقاد، أو جوائز البافتا، أو الأوسكار التي توجت مسيرة ليوناردو دي كابريو الحافلة بالجهد والعمل والمكابدة من أجل الفن، ورسخت مكانة كونزاليز ايناريتو كأحد أبرز المخرجين العالميين في وقتنا الراهن، ضف لذلك أنها كرست هيمنة ايمانويل لوبزكي على جوائز التصوير السينمائي للسنة الثالثة تواليا، وهذا ما كان له أن يكون لولا الاندماج والتوافق والاتحاد والعمل الجاد الذي ميز طاقم فيلم العائد، خاصة في ظل الظروف المناخية والجغرافية الصعبة التي رافقت إنجاز الفيلم.

محمد فاتي

The post فيلم «العائد».. صراع من أجل البقاء….وبقاء من أجل الصراع appeared first on موقع سينفيليا.

]]>
https://cine-philia.com/2018/04/28/%d9%81%d9%8a%d9%84%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d8%a6%d8%af-%d8%b5%d8%b1%d8%a7%d8%b9-%d9%85%d9%86-%d8%a3%d8%ac%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%82%d8%a7%d8%a1-%d9%88%d8%a8%d9%82%d8%a7/feed/ 0